السبت، 22 مارس 2025

تحليل نقدي بقلم مشترك للاستاذ الشاعر محمد الوداني والأديبة غزلان البوادي حمدي في قصيدة الشاعر طاهر مشّي ألشِّعرُ قارِبُ نجاةِ المُحبّين

 تحليل نقدي بقلم مشترك للاستاذ الشاعر محمد الوداني  والأديبة غزلان البوادي حمدي في قصيدة  الشاعر طاهر مشّي ألشِّعرُ قارِبُ نجاةِ المُحبّين


في هذه القصيدة، ينطلق الشاعر طاهر مشّي بسلاسة في نهر العاطفة المتدفقة، حيث يتحول الشعر إلى سفينة تبحر في بحر الأشواق، وتجسد الكلمات شغفًا متقدًا لا ينطفئ. يربط الشاعر بين الحب والشعر في صورة إبداعية تجعلهما كيانًا واحدًا، إذ يصبح الشعر نفسه امرأةً تتغلغل في وجدانه، توقظ في روحه الحنين، وتحرك في قلبه براكين العشق.


تتسم القصيدة بجمالياتها الإيقاعية وتدفقها الموسيقي، حيث تتناغم الأبيات بانسيابية تثير في النفس إحساسًا عميقًا بالشوق والوجد. ويظهر في اختياره للألفاظ قدرة فنية على تصوير المشاعر بدقة، فنجد تعابير مثل "هذا الحب يغرقني في بحر شوقها طوفانًا وإحراقا" تعكس مدى الغرق في العاطفة والانجذاب الحسي، بينما يرمز الليل والبدر والصبح إلى التناقضات الشعورية التي يمر بها العاشق بين الأمل واللوعة.


في بنية القصيدة، يعتمد الشاعر على صور بلاغية نابضة بالحياة، مستفيدًا من الاستعارات والتشبيهات التي تضفي على النص بعدًا عاطفيًا غنيًا، حيث تتجسد المرأة ككيان يجمع بين الحضور والغياب، وبين الغموض والوضوح، فتارةً هي همسة تشعل الحنين، وتارةً أخرى هي فيض من النور يضيء دروب القلب.


لا يسعنا في النهاية إلا أن نشيد بهذه القدرة الأدبية الفذة التي يتمتع بها الشاعر طاهر مشّي، حيث استطاع أن يصوغ من الحروف سيمفونية وجدانية تخترق القلوب. قصيدته ليست مجرد بوح شعري، بل هي لوحة إبداعية تنبض بالمشاعر وتختزل فلسفة الحب والشعر في وحدة متكاملة، ليؤكد بذلك أن الشعر كان وسيبقى قارب نجاة العاشقين.


مع تحيات ادارة مجلة غزلان للأدب والشعر والابداع الفني العربي للنشر والتوثيق والقراءة النقدية التحليلية الثقافية العربية


ألشِّعرُ قارِبُ نجاةِ المُحبّين

ااااااااااااا ااااااااااااا ااااااااااااا 

ما أجملَ الشعرَ ... للمشتاق أشواقا

بين الضلوع التي في الصدر أطباقا!


حواءُ ... فالشعر أدركناهُ قارِبَنا 

مَن يسكنِ القلب ... طول الدّهر مشتاقا 


ما غاب ذهني ... فلا أسبابَ يحملها

هذا حنيني لكُم ... أهديه توّاقا 


والليلُ ... كمُ بان فيه البدرُ مكتملاً 

والصبحُ ... لاحتْ به الأشواق إشراقا! 


اليومَ أدركتُ ...  أن الشعرَ إمرأةٌ 

دقتْ حصوني فباتَ النّبضُ سبّاقا!


ما صِبتُ قولاً ...  وهذا الحبُّ يُغرِقُني

في بحر شَوْقِها ... طوفاناً وإحراقا!


قد عدتُ والسيل يُغريني بِلا سببٍ

من همْسِها الدُّرّ ِ... بات الدمعُ رقراقا!


عادتْ ... تناجي ضياءَ البدر في وَلَهٍ

ما همَّها الليلُ ... هذا البوْحُ إشفاقا!


حواءُ عودي ... فكمْ بيْتٍ وقافِيَةٍ

نجوى لِشكواكِ ... صُغْتُ الشعرَ إحقاقا!

ااااااااااااا ااااااااااااا ااااااااااااا ااااااااااااا 

طاهر مشّي



رائحة الأشواق.. بقلم : حميد النكادي.

 رائحة الأشواق..

بقلم : حميد النكادي.


للأشواق رائحة 

كرائحة التربة 

بعد زخات المطر ..

حنين و لوعة 

تغمر هذا الصدر..

تثير صبابة 

نُقشت على 

حيطان مهجتي

طول العمر..

آه كيف أتحسسك

من أرضي 

وأنت في عُلاك 

أيها القمر ؟

وكيف أنظر 

إليك ياشمس

وأطيل النظر..؟

بداخلي لهيب

دخان ونار 

كيف أطفأ الشرر؟

لا الدمع نفع 

ولا آهاتي 

جبرت الضرر ...

دعني لحالي 

أيها الضجر

لا تقسو علي 

كما قسى 

علي القدر...

فرنسا 21رمضان 21 مارس 2025


حين تَموتُ الآهاتُ بقلم جمال بودرع

 /حين تَموتُ الآهاتُ/

حِينَ تُوأدَ الأحْلامُ قَبْلَ فطامِهَا

وَ يسْتَبيحُ الدُّجَى ضيَاءَ العُمْرِ

حِينَ تَموتُ الآهاتُ في الحَنَاجِرِ

وَيُكْتَمُ الشَّوْقُ فِي قوافي الشّعْر

حِينَ تَسِيرُ الرُّوحُ فِي دَرُوبِ الأسَى

تُسَائِلُ الأَمْسَ عَنْ غَدٍ أفُقُهُ مُزْرٍ

حِينَ يُبَاحُ الدَّمْعُ فِي كُؤُوسِ الجَوَى

وَيَسْكُنُ الجُرْحُ فِي كِتَابِ القَدَرِ

يَا زَفْرَةَ الرِّيحِ فِي مَهَبِِّ الرَّدَى

هَلْ يَعْبُرُ النُّورُ مِنْ دُجَى المَحْجَرِ

هَلْ يَسْتَفِيقُ الصُّبْحُ مِنْ مَضَاجِعِهِ

أَمْ يَبْقَى حُلْمًا فِي ظِلِّهِ العابر

يَا لَيْلُ حَتَّى مَتَى تَطُولُ مَآسِينَا

وَنَحْنُ نَحْيَا فِي قَيْدِنَا المُنْكَسِرِ

كَمْ خَانَنَا الدَّهْرُ فِي وُعُودِ سِنِينِنَا

وَكَمْ غُـدِرْنَا بِحُلْمِنَا الأَخْضَرِ

لَكِنَّهُ الأَمَلُ الَّذِي لَنْ نُبَدِّدَهُ

سَيَبْقَى ضَوْءًا فِي لَيْلِنَا المُسْتَعِرِ


بقلمي جمال بودرع


حول خصائص وفضائل..رمضان الفضيل بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 حول خصائص وفضائل..رمضان الفضيل


تصدير : الصوم وقاية من الوقوع في المعاصي والذنوب في الدنيا،ووقاية من العذاب في الآخرة،قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والصيام جنة".(متفق عليه)


-“شَهْر رَمَضان الَّذِي أُنزِل فِيه الْقرْآنُ هدًى لِّلنَاسِ وَبَيِنَاتٍ مِّنَ الْهدَىٰ وَالْفرْقانِ ۚ فمَن شَهدَ مِنكمُ الشَهْرَ فَلْيَصمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضا أَوْ عَلَىٰ سَفرٍ فَعدَّة مِنْ أَيَّام أُخرَ ۗ يُرِيد اللَّه بِكمُ الْيسْرَ وَلَا يرِيد بِكمُ الْعسْرَ وَلِتُكْملُوا الْعدَّةَ وَلِتُكبِّروا اللَهَ عَلىٰ ما هدَاكمْ وَلَعلَّكُم تَشكرُونَ” (185)


شهر رمضان المبارك هو سيد الشهور،وموسم الخيرات الحسان،وفيه نسائم الرحمة والمغفرة وبشائر العتق من النيران،هذا الشهر الكريم  هو تاسع الشهور الهجرية وأعظمها قدراً،وفيه تؤدَّى فريضة الصيام رابع أركان الإسلام،وهو شهر القرآن وفيه أُنزل،ورمضان له مقاصد عظيمة اختصّها الله بهذا الشهر المبارك،فقد قال الله سبحانه وتعالى عنه:

“شَهْر رَمَضان الَّذِي أُنزِل فِيه الْقرْآنُ هدًى لِّلنَاسِ وَبَيِنَاتٍ مِّنَ الْهدَىٰ وَالْفرْقانِ ۚ فمَن شَهدَ مِنكمُ الشَهْرَ فَلْيَصمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضا أَوْ عَلَىٰ سَفرٍ فَعدَّة مِنْ أَيَّام أُخرَ ۗ يُرِيد اللَّه بِكمُ الْيسْرَ وَلَا يرِيد بِكمُ الْعسْرَ وَلِتُكْملُوا الْعدَّةَ وَلِتُكبِّروا اللَهَ عَلىٰ ما هدَاكمْ وَلَعلَّكُم تَشكرُونَ” (185).

ولرمضان خصائص وفضائل كثيرة،منها أن فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.وفيه نزل القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.كما أنه الشهر الذي فيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار.وهو شهر تفطير الصائمين،فمن أشبع فيه صائما سقاه الله من حوض الوهو شهر الصبر،فإن الصبر لا يتجلى في شيء من العبادات كما يتجلى في الصوم،ففيه يحبس المسلم نفسه عن شهواتها ومحبوباتها،ولهذا كان الصوم نصف الصبر،وجزاء الصبر الجنة، قال تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) (الزمر:10).

وإذن؟

من فضل الله عز وجل علينا كأمة إسلامية أن أكرمنا إذا،بشهرٍ مخصوص تتجلى فيه الرحمات وتتنزل فيه البركات أكثر من غيره، فهو محطة إيمانية تأتي في العام مرةً واحدة، لابد للعاقل من اغتنامها قبل أن تذهب منه وهي وصية الحبيب صلى الله عليه وسلم حيث قال في الصحيح: "رغم أنف من بلغ رمضان ولم يغفر له". وقد أعان الله عباده في هذا الشهر بسبلٍ شتى،تعينهم على القيام بهذه العبادة عبادة الصوم على أفضل وجه،وما علينا إلا الأخذ بهذه السبل والتقوي بها،ومن أهمها أن الله يصفد الشياطين بالسلاسل في هذا الشهر كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "إذا جاء رمضان صفدت الشياطين"، فهذه أكبر عقبةٍ قد زيحت عن الطريق،فلذلك كان واجباً على المؤمنين أن يتسابقوا ويسارعوا في هذا الشهر خاصةً عن غيره في اغتنام القدر الأكبر من الحسنات والفوز بها إن شاء الله

ولذلك بشر النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح فقال: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر ما تقدم من ذنبه". 

والمتتبع لأحوال الناجحين والفائزين في مسارات الحياة الدنيوية المختلفة يجدهم يجتهدون في الإعداد والاستعداد،فالطالب المتفوق تجده يعد للسنة الدراسية قبل بدايتها والعدَّاء الماهر يعد للسباق قبل حينه..هل رأيتم لاعباً يدخل المباراة قبل التحمية..لا! لذلك كان الصحابة رضي الله عنهم يستعدون لرمضان قبل ستة شهور بالعمل والإخلاص وفي الأشهر الأخرى بعد رمضان يسألون الله أن يبلغهم رمضان بالدعاء والإستغفار..لذلك وجب علينا ونحن نستقبل رمضان بعد أيام قليلة أن نستعد أيضاً ونجهز النفوس والأهل والبيوت كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

يُعتبر شهر رمضان المبارك من أكثر الشهور المُحببة بالنسبة لكل إنسان مسلم في العالم،فهو شهر الخير والبركة،شهر التسامح والغفران، شهر الصوم والعبادات،شهر التصدّق والزكاة على الفقراء والمحتاجين..

والصيام في الحقيقة نعمة من نعم الله وفضل من فضل الله على الصائم يتحرى فيه الخير،يتحرى فيه الأعمال الصالحة،يصون جوارحه عما حرم الله..شهوته عما يحرم عليه يعينه الله بهذا الصوم على كل خير،فليستعن بصومه على طاعة الله ورسوله،وليحذر أن يجرح صومه بما يغضب الله عليه.

وفي النهاية نتمنى عزيزي القارئ أن تلتزم القيام بكل العبادات التي فرضها الله سبحانه وتعالى وذلك لكي تحصل على رضا الله تعالى ومحبته عنك في الدنيا والآخرة.

صوماً مقبولاً وذنباً مغفوراً وإفطاراً شهياً بإذن اللّه ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء اللّه


اعداد محمد المحسن



نفحات رمضانية / بقلم الكاتب : السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر ٠

 نفحات رمضانية /

بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر  ٠

 ((( أنتم أعلم بأمور دنياكم ٠٠!! )))

عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقوم يلقحون النخل فقال: 

لو لم تفعلوا لصلح، قال: فخرج شيصا " تمرا رديئا" فمر بهم فقال: ما لنخلكم؟ قالوا: قلت كذا وكذا.. قال: أنتم أعلم بأمور دنياكم.


( حديث صحيح، أخرجه مسلم )

 كما ذكره ابن خزيمة في صحيحه، وابن حبان في صحيحه وغيرهم بروايات مختلفة.

و معنى: أبرا أي لقحه وأصلحه كي يثمر ثمرا جيدا ٠ 

و سبب ورود هذا الحديث  فعندما قدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يأبرون النخل (يُلقِّحون النخلَ) فقال: ما تصنعون كما في باقي الحديث هكذا ٠٠

و الرسول تكلم في أمر من أمور الحياة و ليس من أمور الوحي بمثابة اجتهاد رأي مثل كل سائر البشر في الحياة العملية الواقعية اليومية في قضايا المجتمع ،  فهذا عام في سائر الأمور الدنيوية، و لاسيما في الأمور المستحدثة في كل عصر و لا تعارض في هذا و ذاك ٠٠

فيمكن لكل فرد أن يجتهد في أموره الدنيوية الخاصة بما يناسبه وينفعه، من خلال التخصص و الخبرة و التجارب ٠

فسألوا أهل الذكر  ، وهم  هم أهل التخصص والعلم والخبرة في كل فنٍّ وعلمٍ درسا عمليا في تلك الحياة  ٠

و في هذا الحديث تعليم و توجيه من النبي الكريم للناس في البحث عم ينفعهم في مناحي حياتهم   أما أمور العبادات فقد جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق الوحي من الله عز وجل و فسرتها السنة النبوية الصحيحة و يستنيط منها الفقهاء مقاصد الشريعة كمنهج حياة بعيدا عن المغالاة و المغالطات لبعض المجتهدين لعلة أو مصلحة أو فكر خاص بطائفة معينة و من ثم يأتي الخلاف و الاختلاف الذي فرق الأمة ٠٠

فأصول الأحكام ثابتة و الفروع فيها الاجتهاد و الفتاوى التي تحتمل الآراء و الغاية منها المصلحة دائما ٠

و على الله قصد السبيل ٠


- لأجلكِ أهدي أحَيْلَى الوُرود - [[ نظمتها بمناسبة عيد الام العالمي ( 21 /3 ) )]] ( شعر : الدكتور حاتم جوعيه - المغار - الجليل - فلسطين

 -  لأجلكِ أهدي أحَيْلَى الوُرود -

[[ نظمتها بمناسبة عيد الام العالمي ( 21 /3 ) )]]

( شعر :  الدكتور حاتم جوعيه  - المغار - الجليل - فلسطين  )

سأبقى صبيَّ  الحياةِ  العنيدْ  لاجلكِ  أهدي  أحيلى الورودْ

بعيدِكِ   أمِّي   سيحلو  النشيدُ  فعيدُك ِ  فَجرٌ   لحلمي الوليدْ

أطيرُ  غرامًا   واٌمضي  اليكِ   أوَدُّ...  أوَدُّ  عناق  الوجودْ

كفاحُكِ  نَوَّرَ  دربَ  الشُّعوبِ  وأهدَى الشّراع َ الطريقَ الشَديدْ

فكُلُّ   غرام ٍ   يبيدُ  وَيفنىَ  سِوَى  حُبِّنا   ثابتٌ  لا  يبيدُ

سيبقىَ  حنانُكِ  أَسْمى   حنانٍ     ويبقى  نداؤكِ   لحنَ   الخُلودْ

بعيدِكِ يسمُو   جبينُ  الإلهِ  ويكبرُ  حُبّي   وراءَ  القيود..

ويشمخُ مجدي اللجوجُ  الطموحُ   ويَرْتعُ  حلمي  البعيدُ  الحدُودْ

أحنُّ  لأرضي  التي  علمتني  نشيدَ  الإباءِ   ومعنى الوجودْ

لقدْ  هَدَّ  جسمِيَ  طولُ  السَّهرْ  وكمْ   أرَّقَ   العينَ  تلكَ   الفِكرْ

وأنتِ  الشموسُ  تمدُّ  الضياءَ ففجري  البهيُّ  الجميلُ  انتحرْ

اليكِ  الفضاءُ... إليكِ الضياءُ   إليكِ  البهاءُ  الذي   قدْ  غمَرْ

فلولاكِ  ما  كحّلَ  العينَ  نورٌ  ولا ناجتِ الروحُ  ضوءَ  القمرْ

ولا  عاتبتني  دموعُ   النجوم ِ  كدمع ِ العذارى  إذا  ما  انهمَرْ

ولا سحَرتني جنانُ الخُلودِ بفيىءِ الظلالِ وعطرِ الزَّهرْ

فأنتِ  النسيمُ  العليلُ  لقلبي يهبُّ أصيلا ً  وعند   السَّحَرْ

لعينيكِ  روحي  وقلبي  فداكِ   فانتِ   النّشيدُ  وأنتِ   الوَطرْ

وأنت ِ التقاءُ   الثرى  بالسَّماءِ    إذا  ما  طوتني  رجومُ الحُفرْ

لقد  شَبَّ طفلكِ عن  كلِّ  طوقٍ   وصارَ  يخوضُ   خضمَّ   الحياةْ

فقومي  وَصَلِّي   لأجل  فتاكِ  تحدَّى    الصعابَ   بكلِّ    ثباتْ

سيبقى  وفيًّا   على  كلِّ   عهدٍ   يُعَلِّمُ    كيفَ   الرّجال ُ   الأباةْ

ويحملُ  خلفَ  الضلوع ِ  فؤادًا   جَسُورًا   على    ثقل ِ  النائباتْ

خذيني   ِلهُدْبك ِ أمي   وشاحًا إذا  غبتِ   ينهارُ صرحُ  الحياةْ

تظلينَ  قدسي ومهدي  وأرضي   عليها   سأرتاحُ    بعدَ   المماتْ

فأنتِ   وأرضي   إلهانِ   عندي  يقودانِ  روحي   لشط ِّ  النجاةْ

( شعر :  الدكتور حاتم جوعيه - المغار - الجليل )



"الشعر كصرخة وجودية بين الهو والأنا الأعلى في مواجهة القيود الاجتماعية "قراءة نفسية، اجتماعية، وفلسفية في قصيدة “وتلك كل المسألة” للأديبة— أحلام بن حورية بقلم الباحثة والناقدة د. امال بوحرب

 "الشعر كصرخة وجودية بين الهو والأنا الأعلى في مواجهة القيود الاجتماعية "قراءة نفسية، اجتماعية، وفلسفية  في قصيدة “وتلك كل المسألة” — أحلام بن حورية 

د. امال بوحرب 

باحثة وناقدة 

تُعدّ قصيدة «وتلك كل المسألة» للشاعرة التونسية أحلام بن حورية لوحة شعرية نابضة بالصراع الإنساني بين القيود المفروضة والرغبة الدفينة في التحرّر. عبر صور رمزية دقيقة وإيقاع تكراري يعكس التوتر الداخلي بين الألم والأمل، ترسم الشاعرة ملامح روح تواجه القهر الاجتماعي وتبحث عن الانبعاث من رماد الخذلان. هذا النص لا يقدّم نفسه مجرّد بوح ذاتي، بل يتحوّل إلى خطاب فلسفي وإنساني عميق يتجاوز حدود الأنا ليعانق القضايا الكبرى المتعلقة بالحرية، الهوية، والمعنى.

نص القصيدة: “وتلك كل المسألة” — أحلام بن حورية

1بين أضالع المدينة وأحضان الآلهة

وتلك العيون الحالمة

ورياش الأحلام الهائمة

في تفاصيل الخطى والأسوار والأرصفة

تتعتق الأبجدية وتنبعث عنقاؤها بأبراج كل المدن

فتنبت شمس غاوية

وتكبر سماء وسيعة في الخيال

وتلك كل المسألة..

2

ذا الليل الذي يخبّئ في جيوبه غيماتٍ وأغنيات

وحين تدسّين يدكِ في أحدها يتكلم

لا لينهركِ

ولا ليمنعكِ

ولكن ليعطيَكِ ما تريدين

دون ضوضاء ولا دغدغة

وتلك كل المسألة..

3

هي صرخة كتبتها صحائف الأيام والأعوام

وترمّلت على كتفيها الألسن

ماذا تراها تقول وهي صادحة

وقد حملتها أصداء قبيلة فرشت كلامها على الحصائر

وتربعت وسط المآسي

ثم طبعت بدموعها عنوانًا آخر لكتابها

فلا تتعجبي ولا تحزني

فتلك كل المسألة..

4

أنتِ المدينة وجوفكِ ثائر

الليل في قلبكِ مكسور برمّته

ونهر الذل حول خواصركِ

طمي بلا صدف

فارمي شباكَكِ على كتفِ الأمل

ومرّي بجانب الخزي ولا تقفي

كوني صرخة الأحرار في أصباحنا

فأنتِ فيروزة القدس وكل المدن

وتلك كل المسألة..

 تأتي هذه القراءة لتحليل القصيدة من خلال أبعادها النفسية، الوجودية والاجتماعية، مع مقاربتها بآراء فلسفية وأدبية للذين تناولوا هذه الثنائيات في مشروعهم الفكري

أبعاد القصيدة 

أولًا: البعد النفسي :صراع الذات بين الكبت والانعتاق

تتكشّف في القصيدة أصداء الصراع النفسي بين الرغبة العميقة في التحرّر والضغوط الخارجية التي تكبّل الروح. تقول الشاعرة:

«بين أضالع المدينة وأحضان الآلهة»

وهو تصوير مكثّف للتمزق بين القيود التي تفرضها البيئة الحضرية (رمز الانغلاق والكبت) والبحث عن الحماية أو المطلق (أحضان الآلهة).

هذا التوتر يستدعي نظرية الصراع الداخلي عند سيغموند فرويد بين الهو، الأنا، والأنا الأعلى، حيث تصارع الذات ميولها الطبيعية ورغباتها المكبوتة أمام سلطة المجتمع. كما تحضر صورة «العنقاء» كرمز لآلية الإعلاء النفسي حيث يتحوّل الألم الداخلي إلى إبداع شعري، وهي آلية دفاعية تُحوّل المعاناة إلى طاقة خلاقة.

في مشهد الليل الذي «يخبّئ غيمات وأغنيات»، نلمس تجسيدًا لما وصفه كارل يونغ باللاوعي الجمعي، حيث تختزن الذاكرة البشرية رموزًا وأحلامًا تعود لتُولد من جديد عبر الكتابة الشعرية.

ثانيًا: البعد الوجودي :مواجهة العبث وصناعة المعنى تتجلّى في القصيدة أسئلة وجودية ملحة تتعلق بالمعنى والحرية تقول الشاعرة:

«هي صرخة كتبتها صحائف الأيام»

وفي هذه الكلمات تعبير يحمل أصداء فلسفة ألبير كامو في أسطورة سيزيف، حيث الإنسان مدفوع إلى مواجهة عبثية الحياة بصمت وكبرياء، محاولًا صياغة معنى شخصي من الفوضى كذلك، يتردد في النص صدى فلسفة جان بول سارتر، الذي يرى أن «الإنسان ليس سوى ما يصنعه من نفسه»، ما يجعل الصرخة هنا فعل خلق لا استسلام.

أما التكرار الموزون لعبارة «وتلك كل المسألة» في نهاية كل مقطع، فيوازي حالة القلق الوجودي التي وصفها هايدغر بأنها لحظة وعي الذات بفنائها، مما يحفّزها على صياغة مشروعها الخاص في الوجود.

إلى جانب ذلك، تستحضر صورة العنقاء الفكر النيتشوي، حيث الفوضى الداخلية تُفضي إلى ولادة جديدة: «يجب أن تحمل في قلبك فوضى لتلد نجمًا راقصًا»، كما قال نيتشه في هكذا تكلم زرادشت.


ثالثًا: البعد الاجتماعي : التمرّد على القيد ومقاومة وصاية الجماعة

تُقدّم الشاعرة صورة مكثّفة للواقع الاجتماعي الذي يقمع الفرد ويقيّده بالعار والخضوع. «نهر الذل» هو استعارة للضغوط الاجتماعية المماثلة لآليات السلطة التي وصفها ميشيل فوكو في المراقبة والمعاقبة، حيث يتحوّل المجتمع إلى نظام من الرقابة اليومية يقيّد الجسد والفكر معًا فتقول «أنتِ المدينة وجوفكِ ثائر

ونهر الذل حول خواصركِ»

تدعو الذات — لا سيما المرأة — إلى التحرّر من قبضة الأعراف والتقاليد، وهو موقف ينسجم مع دعوة جون ستيوارت ميل في عن الحرية إلى رفض وصاية الجماعة وتمجيد حق الفرد في اختيار مساره.

كما أن هذا التمرّد الأنثوي يجد صداه في كتابات نوال السعداوي، التي طالما أكدت أن الكتابة النسائية هي فعل مقاومة مستمر ضد القيود المفروضة على الجسد والعقل معًا.


الأسلوب الفني والرمزية :بين الطقس الشعري والموقف الفلسفي

يأتي الأسلوب في هذه القصيدة مبنيًا على وحدة عضوية متماسكة بين الصورة الرمزية والإيقاع الداخلي.

فالرموز مثل «العنقاء» و«الليل» و«المدينة» لا تُستخدم هنا بوصفها زينة شعرية، بل أدوات فكرية تحمل عمقًا تأويليًا يُفعّل في ذهن القارئ سلسلة من الإحالات الثقافية والدينية. العنقاء ليست مجرد رمز أسطوري، بل تجسيد حقيقي لقوة التجدد والخلاص الداخلي.

أما "المدينة"تتخذ هيئة مزدوجة: فهي مكان القمع ومجال الثورة، تعبر عن ثنائية الذات المقهورة والذات المتمرّدة. 

و«الليل» يحمل طبقات من الدلالات: الغموض، الحلم، والانبعاث من صمت العتمة.

الإيقاع التكراري الذي يُختتم به كل مقطع بـ«وتلك كل المسألة» لا يكتفي بأن يكون عنصراً موسيقيًّا، بل يتحوّل إلى ما يشبه الطقس الروحي، حيث يكرّر الشاعرُ الجملة كتأكيد على الإيمان العميق بالموقف الوجودي.

هذا البناء الإيقاعي يقارب أسلوب جلال الدين الرومي الذي جعل من التكرار وسيلة للوصول إلى الصفاء الداخلي، كما يتماهى مع تجربة محمود درويش الذي حوّل التكرار في شعره إلى ترسيخ لفعل المقاومة وتثبيت لذاكرة لا تقبل النسيان.


إن قصيدة «وتلك كل المسألة» ليست مجرد نص شعري، بل خطاب وجودي وفكري يحمل في طياته صرخة نفسية وجماعية تتوجّه إلى كل من يشعر بثقل القيد ويبحث عن الخلاص فالشاعرة تُعلن عبر قصيدتها أن المقاومة الحقيقية تبدأ من الكلمة، وأن الأمل هو ما يصنع المعنى وسط ركام الخيبات كما قال إرنست بلوخ: «الأمل هو وعي بما لم يولد بعد»، وهنا تتجلّى أهمية النص في كونه مشروعًا شعريًا يبني هذا المولود الذي ينتظر الولادة من قلب العتمة.


المصادر

1-سيغموند فرويد — تفسير الأحلام، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2005.

2-كارل يونغ — الإنسان ورموزه، مكتبة الأسرة، 2002.

3-جان بول سارتر — الوجودية مذهب إنساني، دار الآداب، 1984.

4-ألبير كامو — أسطورة سيزيف، دار الآداب، 1983.

5-فريدريك نيتشه — هكذا تكلم زرادشت، دار التنوير، 2010.

6.-مارتن هايدغر — الوجود والزمان، دار التنوير، 2018.

7-ميشيل فوكو — المراقبة والمعاقبة، المركز القومي للترجمة، 2004.

8-جون ستيوارت ميل — عن الحرية، دار التنوير، 2008.

9-نوال السعداوي — المرأة والجنس، دار الآداب، 1999.

10-جلال الدين الرومي — المثنوي المعنوي، دار الفكر، 2009.

11-محمود درويش — الأعمال الشعرية الكاملة، رياض الريس، 2004.

12-إرنست بلوخ — مبدأ الأمل، دار التنوير، 2015.




الجمعة، 21 مارس 2025

قراءة في مقطوعات ديوان المنير الوسلاتي "أكبر من ذاكرة الجداول". بقلم الشاعر عمرالشهباني - تونس -

  قراءة في مقطوعات ديوان المنير الوسلاتي "أكبر من ذاكرة الجداول". بقلم الشاعر عمرالشهباني - تونس -

 

مقدمة: 

              أصدر الشّاعر التونسي المنير الوسلاتي المتميز بغزارة انتاجه وبكر معانيه ديوانا شعريا في طبعته الأولى سنة 2021 عن مجمع تونس الدولي للفنون والآداب، جعل عنوانه "أكبرُ من مخيلة الجداول" في مائتين وأربع عشرة صفحة من الحجم المتوسط موزع على فصول ثلاثة وبه سبعة وثمانون(87) قصيدة نثرية تتألف من مطولات ومتوسطات ومقطوعات أقل من سبعة أسطر بلغ عددها إحدى عشرة مقطوعة رأينا أن نتفحص هذه الأخيرة للوقوف على وجيز أسطرها ووسيع معانيها وكثافة رسائلها. 

الأشكال المنهجي والتسمية.

            وإن كانت قصيدة النثر لا تهتم بعدد الأسطر التي تعبر فيها عن مضامين معينة باعتبار ها تقوم على تشكّل حسّيّ ونفسي في وحدة معنوية ودفقة شعورية واحدة فإن المنهج البحثي في قراءة هذه القصائد يفرض علينا التفريق بين طوال القصائد النثرية وقصارها خاصة أن القصار منها تكون ذات دلالات أكثر كثافة ومساحات زمنية ولغوية وورقية أقل لذلك فإنه من المجدي على الأقل منهجيا أو نظريا الخضوع للتفريق بين ما طال منها وما قصر كما نفعل مع قصيدة العمودي حيث يعتبر النقاد منذ القديم في تقسيمها إلى قصيد إذا كان عدد أبياتها بداية من سبعة(07) أبيات فما أكثر ومقطوعة لذوات الأبيات ما دون السبعة(07).

           ورغم الإحراج الذي توقعنا فيه قصيدة النثر من ناحية تعداد الأسطر فيها، إذا ما قمنا بمقارنتها بقصيدة العمودي بعيدا عن القافية والتفعيلة الملتزَمَة، فإن هذه الأخيرة لكون أبياتها عادة تتكون من مجموعة من الجمل والكلمات الطويلة نسبيا اعتبرها نقاد المؤلفات الشعرية العمودية إذا بقيت تحت سقف السبعة أبيات فيصطلح عليها بالمقطوعة فإن زادت تصبح موسومة باسم القصيدة أو القصيد حتى نبلغ المعلقات فالمطولات فالملاحم. أما في قصيدة النثر فإننا، أمام احتواء الأسطر فيها أحيانا على كلمات قليلة أو ربما كلمة واحدة قد تكون مشكّلة من حرفين أو ثلاثة أحرف متبوعة بنقاط أو غير متبوعة، فإننا نجد أنفسنا أمام إحراج اعتبار السطر المكون من حرفين أحيانا سطرا أم لا.  

            وعليه فسنسلم أولا بكونه سطرا مهما طال تعداد كلماته أو صقر وثانيا سنستعير المسميات المطلقة على القصيدة العمودية ونطلق المقطوعة على ما دون السبعة (07) أسطر والقصيدة على ما زاد على ذلك.

إحصاء المقطوعات في ديوان المنير الوسلاتي "أكبر من ذاكرة الجداول"

            بعد أن سلمنا بالمقدمات المنهجية فيما تحتويه المقطوعة من عدد أسطر دون سقف السبعة منها فإننا قد أحصينا بالديوان إحدى عشرة (11) مقطوعة يتراوح عدد أسطرها بين السّطرين (02) في مقطوعة 'لأنّ صَرخَتِي لا تَكْفي...' (صفحة138) والستة (06) أسطر في ثلاثة مقطوعات وهي بالتوالي 'لَــــــــــــوْ...' (رقم 31صفحة78) و'أشْــحَــذُ الـخَـوَافـِي...' (رقم 48 صفحة104) و'ضفدع ونسر...' (رقم51صفحة109) وبينهما بثلاثة (03) أسطر مقطوعة واحدة عنوانها 'عينان عـَمْـيَــاوَانِ...' (رقم57صفحة 116) واثنتان (02) بأربعة (04) أسطر مثل 'سـَـردِيـِـن...' (رقم 43 صفحة98) و 'هل يَـجُــــــــــــــوزُ؟'(رقم 58 صفحة117) وأربعة (04) بخمسة (05) أسطر وهي  'يَـا ابْنَ أُمِــــّــــــــــــــــي' (رقم  25 صفحة  70) و 'مسمار...' (رقم  52 صفحة 110 ) و  'النحل والدبابير' (رقم  54 صفحة 112 ) و  المدن التي لا تذكرنا (رقم 67  صفحة 133 ).

          إن أول ملاحظة تتبادر إلى ذهن القارئ، بعد قِصر متون المقطوعات، أن هذه الأخيرة في غالبيتها تعتمد أسلوبا حجاجيا ظاهرا لا يمكن للعين أن تخطئه وهو أسلوب يعتمده المناطقة في الاستدلال على أطروحاتهم التي تكون في شكل نتائج لتلكمُ المقدمات التي يضعها المحاور في شكل مسلمات تسهل عليه الاقناع والوصول إلى غاياته بسهولة. فالشّاعر يضع مقدمة أو مجموعة من المقدمات كأنه يطلب من متلقيها أن يسلم بها وبالتالي بنتائجها، وعادة ما تكون نتائجها صادمة لما تحمله من اعتزز الشّاعر وافتخاره بنفسه من خلال امتلاء ذاته المتعالية في جزء، وفي جزء أخر، يقوم الشّاعر يتقمص أسلوب الحكمة ومقام الحكيم الناصح المرشد إلى مآلات الأمور وعواقب التمادي في التجاهل.

- الأسلوب الحجاجي في مقطوعات ديوان "أكبر من ذاكرة الجداول".

           رغم أن عدد المقطوعات في الديوان يساوي 11/87 ويتجاوز بذلك 12.5 % من مجموع العناوين فإن عدد الأسطر يساوي 52/2264 سطرا بمعدل 52/11 أي خمسة (05) أسطر لكل منها ولا يتجاوز تمثيله النسبي 2.3% من جملة الأسطر فإن المقطوعات التي تقوم على الحجاج تعادل 07/11 من المقطوعات وهي تمثل أكثر من 63.5% من المقطوعات ونرى ذلك جليّا في مقطوعة ' ضفدع ونسر...' رقم 51 صفحة 109 حيث جاء فيها كمقدّمة منطقيّة التّالي:

"منْطِقِيٌّ جدّا أنْ تُعَلّمَكَ الضِّفْدَعَةُ...

كيفَ تُـحَرِّكُ لِسَانَـهَــا.

وتَلـتَقِطَ في مُسْتَنْقَعهَا ذُكُـــوُرَ النَّـــامُوسِ..."

ثم يستدرك الشّاعر ليؤسس معادلة جديدة من خلال طرح الاستدراك الذي يشي بالعاصفة بعده حيث يقول:

"...أمَّا حَديِثُ الأعَـــالـِي والشَّوَاهِقِ..."

ليصل في النهاية إلى النتيجة المفحمة للمحاور الذي يسمعه ولا يحدثه والذي يضعه إلى مقام الضفدع اللاقط للناموس في المستنقعات ليعلن بكل الاستعلاء الممكن أمام محاوره وليدعوه لأنْ يكون نسرا ليس ليضاهيه في المكانة بل ليتسنى لجناح الشّاعر أن ينصت إليه حيث يعبر عن ذلك فيقول:  

"فَـــكُنْ نَــسْرًا أوَّلًا ...حَتَّىّ يُنْصِتَ اليْكَ جَــنَـــاحِــي..."

       كما جاء في مقطوعة ' أشْــحَــذُ الـخَـــوَافـِي...' (رقم 48 صفحة 104) حيث جاء فيها كمقدمة منطقية أيضا التالي:

                                        "يملأ طريقي هَرَجُ الأقزام...        (مقدمة أولى)

الضّوضاء تأكُلُ الإسفلتَ تحت أقدامي... (مقدمة ثانية)

      الغَوغَاء تَستَدرجُني إلى الهاوية..."     (مقدمة ثالثة)

         بعد هذه المقدمات الوصفية الثلاث للفوضى المحيطة بالشّاعر المكتظة بهرج الاقزام والضوضاء واستدراج الغوغاء له نحو الهاوية يشيح بالمعنى عن المشهد بالكلية ليُظهر التّعالي عمّا يحيط به فيعلن قائلا:

"وأنا كأنّي لا أسمعُ، لا أرى..."

        لا يسمع ! ...؟ لا يرى! ... ؟ لا يسمع الضوضاء لا يسمع الغوغاء ولا يرى هرج الأقزام ولا يرى الهاوية قربه بل هو منشغل بزينته بتلميع أطرافه وهو النسر المحلق أو الواقف على 'القمة الشماء' لا يعبأ بما في " الهوة السوداء' يستعدّ إلى رحلته الجديدة القادمة ولعله 'يرنو إلى الشمس المضيئة هازئا' حيث يقول بكل العنفوان إلى حد الصلف:

"مشغولٌ بتلميع أجنحتي...

أشحذُ الخوافي لرحلتي القادمة للأعالي..."

        لا علو ولا تجاهل ولا امتلاء بالذات أكثر وأعلى وأبلغ من هذا التعالي المنشغل بتلميع ريشه ليشحذ خوافيه للرحيل القادم للأعالي...

       بل إن الحجاج يتجاوز المُحاور المتخيل الاعتيادي إلى محاججة المدن تمهيدا للاستغناء عنها وإقامة مدن خاصة في اللغة مادتها من القلوب يسكنها الحرف حيث يقول في مقطوعة " المدن التي لا تذكرنا" مقيما عليها حجة عدم الاهتمام به بل لا تذكره حيث يعلن موقفا صارما ضد كل المدن لا مدينة واحدة بل كل المدن حيث يقول ما يلي:

"المدن التي لا تذكرنا لا شأن لنا بها..."

             وهنا يتخلى الشّاعر عنها ويكتفي بالاستعاضة عنها بالحرف الوهاج لينكفئ لداخله ليجد الضوء لديه مستغنيا عن كل المدن التي لا تذكره/تذكرنا ليحسم أمر البديل عنها قائلا: 

                                    "يكفينا الحرف وهيج الضوء الذي يسكننا..."

         ثم يبحث فيجد سببا آخر للقطيعة مع المدن الناسية فخرها ومجدها الذي لعل الشّاعر يرى نفسه إحدى أيقوناتها ولكن المدينة لا تراه ولا تسلم عليه حتى في أطار إفشاء السلام ولو كان ضمن غيره، هذه المدن التي لا تعبأ بالشّاعر ولا تسلم عليه ولا توَدُّه في قوله:

                                          "تلك المدن التي لا تفشي علينا سلامها

                                            ولا تمدُّ لنا حبل ودّها وسؤددها..."

               في النهاية يكتفي الشّاعر بالحرف سكنا / مدينة متجاوزا إهمال المدن له ونسيانها إيّاه ما دامت لا تتودد له ولا تفشي سلاما عليه وهو شأن كثير من الشعراء والأدباء من نكران المدن لهم فيقول:

                                                       "حسبنا الحرف الذي يصنع من قلوبنا مُدُنَا..."

             ويبلغ هذا الأسلوب الحجاجي قمّة في مقطوعة "النحل والدبابير" حيث يكون هذا الأسلوب أكثر جلاء ووضوحا مستجيبا لكل الشروط من مقدمات ومسلمات وبديهيات ومن المقارنات ليخلص إلى النتائج النهائية غير القابلة للشك ولا للنقاش. حيث يورد الشّاعر المثل السّاري لإثبات أن الموجودات تتجمّع فيما بينها على الأشباه وعلى أشكالها فيورده في شكل سطر أول فيقول:

                                    "الطُّيُورُ علَى أشْكَالِهَا تَقَعُ..."

ثم يردف ملاحظات من الطبيعة من خلال التجربة المعاشية وهي أكثر ترميزا هذه المرة في هذا السطر من السطر السابق الذي ساق فيه قانونا صارما إذ يقول:

                                 "والزُّهُورُ عَلَى أمْثَالِهَا تَحْنُو وَتَتّكِئُ...

                                والظِّلاَلُ إلى أَشْجَارِهَا تَتَوَدَّدُ وَفِيِهَا تَتَّحِدُ..."

ثم يورد التشابه باستعمال التناظر بين المخلوقات رغم المقدمتين السابقتين التين جعلهما سندا استدلاليا لبناء نتيجته ولكن هنا يورد التناظر بين كائنين إلى حد التطابق بينهما لونا وصوتا وحياة حيث يقول:

                            "والنَّحْلُ والدَّبَابِيِـرُ شَبِيِهَانِ في اللًّوْنِ والصَّخَبِ..."

           وبعد كل هذا الاستدلال الحجاجي المتدرج تصاعديا كأنه 'الجدل الصاعد' عند أفلاطون في محاوراته السّقراطية من المثل إلى الرمزي إلى التجريدي يشق الشّاعر وعره للبلوغ إلى الغاية التّقعيديّة النهائية التي تصفع المتلقي بالوهم مرة واحدة لتعيد الأمور إلى نصابها والمتشبه إلى عنصره الأصلي والمتصنع إلى طبعه الغالب عليه والواهم إلى الحقيقة الصارخة التي لا يقف عليه الا المجربون ويرميها في وجه أهل التّصنّع فيقول:

                               "لَكِنْ لَيسَ كُلُّ طَنِينٍ فِي طَيّْه يَنْضُحُ العَسَلُ...!!"

                وأماّ الخيط الناظم بين هذه المقطوعات في هذا الأسلوب هو إشباع المعاني التي تُظهر جليا امتلاء الشّاعر بذاته تصل به أحيانا إلى حال التضخم أو لنقل النرجسية التي لا تترك للمحيط من حولها مجالا للتفاعل كأنّ الشّاعر يبكت محاوريه بالكلمة القاضية والحجة البالغة ليطمئن ذاته المتلبسة بالنرجسية بل بمصاف النبوة الذي سيظهر في الأسلوب الثاني الذي اعتمده الشّاعر في مقطوعات ديوانه الموسوم "أكبر من مخيلة الجداول" فما هو هذا الأسلاب الثاني المعتمد من قبل الشّاعر؟

- أسلوب الحكمة في مقطوعات الديوان.

              يتراءى هذا الأسلوب الذي يعتمد طريق صناعة الحكمة ومنهج النصح وافراغ خلاصات التجارب التي تشبعت بها ذات الشّاعر المهوس بالتفوق وتوجيه "الريح جنوبا أو شمالا" في 04/11 من المقطوعات الواردة في الديوان التي تكاد تمثل 36.5 % من جملة المقطوعات وعدد الأسطر فيها 14 سطرا. فالملاحظة الأولى هي أن الشّاعر لا يضيع وقته في نصح الآخرين وإسداء الحكمة لهم فهو 'مشغول بتلميع جناحه' عنهم غير أنه لا يرى بأسا في أن يجود على بعض المتطاولين أحيانا فيفيض عليهم من بحره بل محيط حكمته بالإرشاد والنصح فمثالا على ذلك نجده في مقطوعة" سـَـــردِيـِـن..."من أربعة (04) أسطر  رقمها 43 وصفحتها 98 وهي في الحقيقة نموذج للإبداع واستعمال السّهل الممتنع على غير الشّاعر الذي يلتقط هذه الصور ليجعلها من البسيطة المتاحة فيحولها إلى درس إبداعي طريف وعميق فرغم بساطة الكلمات وإتاحة الصورة إلى الجميع إلاّ أنّ الشّاعر يحبك منها بمجاز منقطع النظير حكمةً يمكن أن تسير مثلا في الناس للتدبر وفهم مآلات الأمور ونموذجا تعليميا فهو يقول:

"تَنَامُ سَمَـــكةُ سَردِينٍ في الـمَلحِ والزَّيتِ...

تَسْتَسْلِمُ لظَلامِ العُلْبَة...

من يفْتحُ علبةَ السَّردِينِ...

لنْ يَكونَ الـمُخَلّصَ منَ الظَّلام...!!!"

                رغم هذه الإطلاقية في الحكم الذي كان على الشّاعر، إن جاز لنا أن نوجهه فنقول كان على الشّاعر أن ...!؟، أن ينسّب وإلاّ ما جدوى المقاومة وإرادة التّحرّر عند الأفراد والجماعات والأمم فهذا الدّرس/الحكمة الذي أورده الشّاعر مخترعا لمعناه لإظهار معني طريف وخفي عادة ما يتغافل عنه المطالِبون بالخلاص السّريع من حال يرونه، دون تفكير في عاقبة التحولات ومن يقوم بها ومن يحرك الأمور، حيث يصدق أحيانا قول المثل الدارج لدى التونسيين "ما أبركك يا رجل أمي الأول" أو "شدَّ مشؤومك وإلا جاءك الأشأم منه"

                السّجين والمسّتبّد به والغارق والحرّان قد يستبدل في لحظة اليأس الرّمضاءَ بالنّار أو "يهرب من القطرة فيقع تحت المزراب" وهو شأن مراحل كثيرة لدى شعوب عاشت آمالا واسعة من خلال تغيرات جيوسياسية كبرى ولكنّها في النهاية تجد نفسها ومستقبلها قد تلاعب به بعض المغامرين والعملاء والقوادين و"بائعي الطّرح الوطني والقومي والدّيني..." ويمكن في هذا الصّدد التّطرق للكثير من الأمثلة التي تكون هذه المقطوعة من أحسن ما يعبّر به عنها في إطار خيبة الآمال والاقتداء بالأرمد.

              وأيضا في درس الصّبر والمكابرة أحيانا يورد الشّاعر مثالا طريفا أيضا من المشاهد اليومية للعامة ولكنّ الشّاعر يلبسها لبوسا آخر غير المعروف فعند العامة يرمز مشهد المطرقة تضرب المسمار الدّاخل في الأخشاب إلى القبول بالضرورات المبررة لبعض التجاوز فتقول العامة حول هذا ملخصة مشهد المطرقة والمسمار والخشب بحوار مقتضب "قال الخشب للمسمار "يا سيدي المسمار أراك داخلا فيّا" فيلتمس المسمار العذر بقوله "والله ما هو مني ولكنّه من المطرقة التي خلفي"'. ولكنّ الشّاعر المرهف الذّكي اللّمّاح يخلّق من المشهد قولا بكرا رغم الألم في مقطوعة "مسمار..." وهي من خمسة أسطر رقم 52 صفحة 110 حيث يقول:

                     

"مثلَ مِسمـَارٍ لاَ تُشْفِقُ عَلَى رَأسِهِ مِطْرَقَةٌ...

رَأْسِي يُـؤْلِـمُهُ الطَّرْقُ...

لكنَّ قَدَمِي مع الطَّرْقِ تَــزْدَاد رُسُوُخًـــا..."

                فهذا المعنى الجديد أو الانزياح الذي يحدثه الشّاعر بتحويل الألم جرّاء عدم اشفاق المطرقة على المسمار، فإن القدم تزداد رسوخا على الطريق وبالتالي تحويل الآلام إلى قنية يمكن الاستفادة منها. هذا وان كان دارجا في الادبيات عامة مثل قولنا "الضربات التي لا تقصم ظهرك تقوّيه" هنا المعني يصبح أكثر ديناميكية وحركية حيث ان ما يراد به التعذيب أو الافناء يتحول لدي مجازية الشّاعر ترسيخا للذات وفاعلية للتواجد الواعي.

                 ويلحق الشّاعر مقتطفا قصيرا من سطرين ليجعل الابتسام أداة من أدوات الاخفاء أو السّتر للظهور بوجه مبتسم كي لا يرى غيرنا الأحزان التي يجعل لها عورة كأنّ الاحزان لا تليق بالشعراء بل عليهم ان يخفوها بمساحيق الابتسام ليقدروا فيما بعد أن يضحكوا لإخفاء الفشل فالحزن تلزمه ابتسامة والفشل يستدعي الضحك وفي هذا يقول مصنفا،

"نَبْتَسِمُ...لِنَسْتـُرَ عَوْرَةَ الأَحْزَانِ...!

ونَضْحَكُ كَـــيْ نُخْــفِي وَجْهَ الفَشَلِ..."

              في الأخير نورد هذه الملاحظة التالية وهي أن العناوين لدى الشّاعر رامزة جدا حتى أنّه يمكنك الاستغناء بها أحيانا عن متن المقطوعة لتفهم مباشرة من العنوان إرادة الشّاعر منه، رغم المراوغات المنتظرة دائما في أسلوبه المعتمد على الانزياحات والمفاجئات، فمثلا من خلال العناوين التالية يمكن لنا أن نستشرف ما يرنو الشّاعر إليه فحين يضع عنوانا كعنوان مقطوعة "النّحل والدّبابير" ومقطوعة "ضفدع ونسر..." فإنّ المتلقي مباشرة يحال على المقارنة بينهما فهذه أرضية مائية وذاك فضائي هوائي وتلك تتقافز في الماء و"أعلاها في الماء وأسفلها في الطين" وذاك يطير لا يقع الاّ على الشّاهق من القمم وتلك تنقنق وذاك يصمت لا يطلق صوتا للمهابة التي يضفيها على ذاته وسيطرته على المجال المحيط به.

             وكذلك في عنوان "المدن التي لا تذكرنا" يدعوك الشّاعر لاتخاذ موقف منها بالتجاهل والتجاوز لنكوّن مدنا لنا لا تتنكّر لنا ولا تهملنا مدن من الحروف ومن الشّعر المخطّط له في إطاره الدّرامي المسبق وحبكة السّيناريو المشوّق المدهش. 

خاتمة:

                بالنسبة للشاعر المنير الوسلاتي في هذه المقطوعات كما في المطولات من القصائد تجده يعتمد أسلوب السائر على خيط رقيق من الكَلام المشبع بالمعنى فهو يقول كلّ شيء فيما يبثّك من معنى بلا تحفّظ ولا يوردك مورد القناعة أنّه يريد منك أن تفهم الذي فهمت فإن فهمت فذاك هو شأنك وإن لم تفهم "لأنّ صرختـ(ـه) لا تكفي..." فذلك شأن آخر لا يهمّه لأنّه متفرّغ للإعداد للأجيال القادمة فقد قام تجاه من حوله بواجبه لأنّه مستعد في حال ما "قد تذبلُ في حضرة الأسماعِ المتصدّعة...ليوزع حنجرتــ(ــه) بالمجّان على البراعم القادمة..."

..............الملاحق...........

جدول إحصائي ملخِص للمقطوعات الواردة ف ديوان المنير الوسلاتي 

عدد الأسطر عدد القصائد عنوان المقطوعة رقم المقطوعة الصفحة الموضوع

2 1 لانّ صَرخَتِي لا تَكْفي... bis71 138 التضحية للبراعم القادمة

3 1 عيْــنَــانِ عـَمْـيَــاوَانِ... 57 116 حسران التضحية من أجل اللئام

4 2 سـَـــردِيـِـن... 43 98 ليس المنقذ دائما مخَلّصا

هل يَـجُوزُ؟ 58 117 امتلاءه الذات

5 4 يَـا ابْنَ أُمِــّي 25 70 عرش إله من دماء واخر يسبح للماء

مسمار... 52 110 الصبر والرسوخ وسترة الفشل

النحل والدبابير 54 112 ليس كل طنين ينضح بالعسل

المدن التي لا تذكرنا 67 133 الاستعاضة بالحرف عن المدن

6 3 لــَــــــــوْ... 31 78 تمنيا امتلاء تجاه الحبيب

أشْــحَــذُ الـخَـــوَافـِي... 48 104 مشغول بتلميع أجنحته امتلاء الذات

ضفدع ونسر... 51 109 كن نسرا ليراك جناحي

جملة (11) من المقطوعات في ديوان "أكبر من مخيلة الجداول" لمنيـر الوسلاتي      

يَـا ابْنَ أُمِــّي (قصيد عدد25 صفحة70 خمسة(05) أسطر)

يا ابْنَ أمّي...

أمَا عَافَتْ سِكِّينُكَ نَـحْــرِي...

أيُّ إلَـــــهٍ تَسْتَرْضِيهِ...بِــــــدَمِـي؟

إلَهُكَ يَـجْــعَلُ عَرْشَهُ عَلَى الدِّمَاءِ...

وَإلَهِـــــي كَونٌ يُسَبِّحُ للمَاء...

لــَـوْ... (قصيد عدد 31 صفحة 78 ستة (06) أسطر)

لوْ ذَاقَتْ مَاء مُهْجَتِي وانْتَشَتْ بِأعْنَابـِي...

لـَمَا لَاذَتْ بِصَمِتِهَا العَلِيِلِ... الـمُرْتَابِ...

ولا ارْتَـخَى لَهـَا جَفْنٌ على شُرفَةِ الضَّبَابِ ... 

لوْ ذَاقَتْ مَاءَ مُهْجَتِي 

لو ارْتَشَفَت كَأسَ رِضَابِـي... 

لـمَا صَعَّرَتْ خَدَّهَا الغَرٍيِـرَ نَحْوَ الغِـيَـابِ...

سـَـــردِيـِـن... (قصيد عدد 43 صفحة98 أربعة (04) أسطر)

تَنَامُ سَمَـــكةُ سَردِينٍ في الـمَلحِ والزَّيتِ...

تَسْتَسْلِمُ لظَلامِ العُلْبَة...

من يفْتحُ علبةَ السَّردِينِ...

لنْ يَكونَ الـمُخَلّصَ منَ الظَّلام...!!!

أشْــحَــذُ الـخَـــوَافـِي... (قصيد عدد 48 صفحة104 ستة (06) أسطر)

يملأ طريقي هَرَجُ الأقزام...

الضّوضاء تأكُلُ الإسفلتَ تحت أقدامي...

الغَوغَاء تَستَدرجُني إلى الهاوية...

وأنا كأني لا اسمعُ، لا أرى...

مشغولٌ بتلميع أجنحتي...

أشحذُ الخوافي لرحلتي القادمة للأعالي...

ضفدع ونسر... (قصيد عدد 51 صفحة 109 ستة (06) أسطر)

منْطِقِيٌّ جدا أنْ تُعَلّمَكَ الضِّفْدَعَةُ...

كيفَ تُـحَرِّكُ لِسَانَـهَــا.

وتَلـتَقِطَ في مُسْتَنْقَعهَا ذُكُوُرَ النَّامُوسِ...

...أمَّا حَديِثُ الأعَـــالـِي والشَّوَاهِقِ...

فَـــكُنْ نَــسْرًا أوَّلًا ...

حَتَّىّ يُنْصِتَ اليْكَ جَــنَـــاحِــي...                              مسمار... (قصيد عدد 52 صفحة 110 خمسة (05) أسطر)

مثلَ مِسمـَارٍ لاَ تُشْفِقُ عَلَى رَأسِهِ مِطْرَقَةٌ...

رَأْسِي يُـؤْلِـمُهُ الطَّرْقُ...

لكنَّ قَدَمِي مع الطَّرْقِ تَــزْدَاد رُسُوُخًـــا...

               ***

نَبْتَسِمُ...لِنَسْتـُرَ عَوْرَةَ الأَحْزَانِ...!

ونَضْحَكُ كَـــيْ نُخْــفِي وَجْهَ الفَشَلِ...

النحل والدبابير (قصيد عدد 54 صفحة 112 خمسة (05) أسطر)

الطُّيُورُ علَى أشْكَالِهَا تَقَعُ... 

والزُّهُورُ عَلَى أمْثَالِهَا تَحْنُو وَتَتّكِئُ...

والظِّلاَلُ إلى أَشْجَارِهَا تَتَوَدَّدُ وَفِيِهَا تَتَّحِدُ...

والنَّحْلُ والدَّبَابِيِـرُ شَبِيِهَانِ في اللًّوْنِ والصَّخَبِ...

لَكِنْ لَيسَ كُلُّ طَنِينٍ فِي طَيّْه يَنْضُحُ العَسَلُ...!!

عيْــنَــانِ عـَمْـيَــاوَانِ... (قصيد عدد 57 صفحة 116 ثلاثة (03) أسطر)

في مَحْفَلِ اللِّئَـــامِ...

تَطْلُبُ منَ الشَّمعَةِ أنْ تَـحْـتَرِقَ بِالـمَجَّانِ

فيِ وَلِـيِـمَة منْ دُخَـــانٍ...

هل يَـجُوزُ؟ (قصيد عدد 58 صفحة 117 أربعة (04) أسطر)

لكَ أنْ تَتُوقَ للْمَجْدِ أيُّهَـا الظِلُّ...

لكنْ هَلْ يَـجُوزُ للظلِّ أن يَتَطَاوَلَ عَلى شُـجَيْـرَة؟؟...

للَيْلِ النَّيَــازك أنّ يُـــجَــــنَّ...

لكِنْ هَلْ يَـجُوزُ لنَجْمٍ أنْ يَتَــمرّد على قُميرة؟؟

المدن التي لا تذكرنا (قصيد عدد 67 صفحة 133 خمسة (05) أسطر)

المدن التي لا تذكرنا لا شأن لنا بها...

يكفينا الحرف وهيج الضوء الذي يسكننا...

تلك المدن التي لا تفشي علينا سلامها

ولا تمدُّ لنا حبل ودّها وسؤددها...

حسبنا الحرف الذي يصنع من قلوبنا مُدُنَا...

لانّ صَرخَتِي لا تَكْفي... (قصيد عدد'71 صفحة138)

وقد تَذبُلُ في حَضرَة الأسْمَاعِ الُمُتَصدّعَة...

أوزّعُ حُنجُرَتي بالمجّان على البَراعِــمِ القَــادِمَة...

***