المدرسة السريالية وفلسفة المتن النصي
رؤية تنويرية بقلم الأديبة السورية المتألقة
درة النقد العربي/ كنانة عيسى
نص* لقاء مؤجل* كأنموذج
....................... ..............
النص
.......
لقاء مؤجل
...............
قبيل خروجها تواصلت معه، أكد لها أنه سينتظرها لحظة غروب الشمس، تحت شجرة الجميز على الضفة الأخرى من النهر، والمواجهة لقصر الملك فؤاد، أكدت له أنها ستوافيه في الموعد المحدد.
انتظرته طويلًا ولم يظهر طيفه في الأفق، خلا الشارع من المارة، وأسدل الليل ستائره وأرتفعت أبواق السيارات، وعلى الضفة الأخرى أضيئت أنوار السياج المحيط بمجلس قيادة الثورة، وعلى مقربة منها يجلس شيخٌ كبير يتلفت بين هنيهة وأخرى يمنةً ويسرى..أدهشها بريق عينيه المتلهفتين الباحثتين عن شيءٍ ما، وذكّرها بما أسرّت به جدتها لها عن حبيبٍ أحبته، وعارضت عائلتها زواجها منه..ما إن ارتفع صوت المؤذن داعيًا لصلاة العشاء ..اتصلت به مستفسرة، أجابها النداء الآلى " الرقم خاطئ".
محمد البنا أغسطس ٢٠٢١
..........
الرؤية
.........
المدرسة السريالية في الأدب ولا سيما في المسرح والفن تتناول رمزية الأحلام والتداعي الذهني الحر و تقنية الفلاش باك واللاوعي والحركة الذاتية والتلقائية في التعبيرو الفوضى الخلاقة ومواضيع الجنون وتشتت الصور و هلامية الزمن والتخلي عن الخاتمة في الصراع الدرامي والتركيز على النفس البشرية ومعاناتها الذاتية بكل تناقضاتها وأضدادها وأعلامها في المسرح والفن والأدب كثيرون.
فالنص السيريالي عموما
يعبر عن التأزم الذاتي واسترجاع الذاكرة المحمومة وكشف الصراع النفسي الداخلي والتمزق الذهني. ومن مظاهر الاضطراب والغموض في هذا المذهب ان الكتاب السرياليين كانوا يتركون مسرحياتهم وآمالهم الأدبية والفنية بدون خاتمة تاركين للقارىء فرصة التخييل والتأمل لتخيل النهاية المغلقة التي تنفتح على عوالم لا منتهية.
وفي هذا النص انطلقت من تبئير فكرة خطوط الزمن الهلامي المتوازية، حين تتقاطع حيوات غرباء ما حين يقعون في( الحب الغير عادي،اللامتكافئ،المحرم ربما أو الناقص) أو في خيبة ساحقة، أو في وعي جمعي مشترك كما في الحروب والأزمات، فتتغير أقدراهم ،وتنحرف مساراتهم ويتخلخل الزمكان مستدعيا التغيير الرمزي لكل ما يحيط بالنفس البشرية في رحلةارتقائها الروحي. ومن هنا استوحيت فكرة(فلسفة النص) ففي متن متميز كهذا، نتواجه مع لغة خطاب سردي غير اعتيادية (فلسفية، ومن هنا استخدمت مفهوم نص مجرد بفلسفته) ، فهي انسيابية و سلسة ومبهمة وبألفاظ شديدة الوضوح ومنتقاة بحرص وإدراك تتوهج في نص إشكالي يتكلم نيابة عن نفسه، (الحب والعبث بالزمن) ويبرهن على موقفه، فيشد قارئه للبحث عن دلالاتها وربطها ومحاولة فهمها وإسقاطها.
فالكاتب الأستاذ محمد البنا تكلم في نصه عن إشكالية محددة. ثم تقدم بالحجج والبراهين بإبداع لافت لدعمها ومنها مفارقات التاريخ، ومفهوم نسبية الزمن ، التضاد في رسم الملامح الخاصة للشخصيات القابعة في انتظار من يحبون(رجل، امرأة-عجوز،شابة)، دون الخروج عن روح القص القصير الحديث ومعاييره، تاركًا نهاية مغلقة يفتحها كل قارئ حسب تجربته الداخلية أثناء قراءة المتن.
رأيت في النص حباً معلّقًا غير متكافئٍ، يخلخل موازين الأكوان وأبعادها، ورأى سواي من المبدعين والنقاد، إسقاطات سياسية استثنائية بأن اللقاء المؤجل هو انتظار المحروسة للحاكم الذي لم يأت بعد، ورأى بعضهم الحب كمكون يكتمل الزمن المشوش فيه ، ورأى آخرون، أن النص هو نكبة امرأة شرقية في الحب في زمن التغييرات التكنولوجية وغياب الثوابت الأخلاقية.
كنانة عيسى ١٩ أغسطس ٢٠٢١
...................
المقالة فقرة من فقرات الكتاب النقدي
( نظرية القوة الناعمة في الفن السردي)
تأليف/ محمد البنا، كنانة عيسى


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق