تختلف الأصوات والمعنى واحد
تجربة محاكاة نثرية قصدية
بقلم المصري الأمريكي/ د. د.إياد الصاوي
لنص * وين بدنا نروح *
للأديبة السورية / منى عز الدين
..........................
النص
(وين بدنا نروح ...؟))
شقت صرختها جلباب المخيم المهترئ و الفضاء وصدري
لمستُ قلبي المرتعش، على تواتر نبضه، ضبطت الروح ستستيقظ رقصة الموت هناك.. ...
- لا نملك الوقت، بسرعة إلى السيارة ...يومان فقط ونعود
_وجبة ثانية للأولاد فقط..!
_ بسرع...
تناثر الصوت مع الحصى والأتربة، حتت ريح القذائف البيوت.. وإرادَتنا ..
انحشرت خطواتنا في الركام، مجاهدةً لمسابقة الحرائق حتى السيارة، وهناك بدأنا مسابقة أخرى مع الموت الذي يتربص في منحنيات الطرق.
_إلى أين سنذهب ؟!
_لا أعرف
حطت بنا الرحال في بلدة مجاورة آمنة.. تناثرنا في طرقات فرشها الجليد، برد يزوي الوجوه، يسيل الأنوف، يحجر العيون، صقيع يقشف الأبدان، يدق مساميره في الأعضاء، فتنتفض الأحشاء ..
لم أعد أسمع بكاء صغاري، بدوا كالتماثيل، تجمدت الدموع في الآماق، ويبست الأشداق ...
سكون كالموت رافق خطواتنا المرتجفة الباحثة عن مأوى ...
في بيت كبير كان قد خصصه أصحابه للتصييف اجتمعنا مع عائلاتنا، تغطت أرضه الجرداء بأجسادنا وأقاربنا .. في الظلام نتحسس أية قطعة قماش، أي بساط، أي وسيلة ندفع عنهم بها لحاف البرد ...
لا ماء ..لا كهرباء .. لا كلمة حتى يحود بها اللسان لتكسر الوجوم .. لا أدري أهو وجوم الحزن أم الخوف أم الترقب أم كلُّ ما سبق
كل صباح نكسر الجليد في البحيرة، ونكسر ضلعاً في الأمل، تنتفخ الأيدي، تحمر ، تتخدر حتى ننتهي من الغسل ..
مر يومان .. شهران .. سنة .. سنتان .... مر زوجي مهاجرا أيضا ..
مرت الأيام بعده ...
مرت على حواف الانتظار
انتظار الفرج .. انتظار لم الشمل .. انتظار مبهم ختمته تأشيرة سفر ..
على باب المطار تأمّلت صورة بيتي الذي لم أودعه وقبلتها قائلة :
سنعود بعد يومين
...........
منى عز الدين يناير ٢٠٢٢
Mona Ezildeen
**************************
المحاكاة
حين يعسعسُ الليلُ ويذوبُ في عينيَّ الظلامُ ..
أغفو بينَ خلواتِ صمتي ..
لعلي أحرِّرُ روحي من زمنٍ أبكمَ، يتسلّلُ من شهَقاتِ الضّوءِ ..
وأنسَلُّ من وجعٍ يُهندِسُني ، يُكعِّبُني ، يؤرِّخُني ، ويرقِّمُ دمي ،
ثُمّ يَنْقُرُ فكرةً في رأسي حافيةً ،
ويُصعِّرُ وجهي المُبلّلَ بصُراخِ الرّيحِ لأنينِ المدنِ المقهورة ، لمنازلِ الرّيْحانِ المهجورةِ ، ولأناقةِ الأسئلةِ المُتحضِّرةِ ، المُبحرةِ في لُجَجِ المرايا ؛ المُحدَبةِ منها والمُقعّرَةِ ..!!
فأسمعُ من تحتِ حروفيَ الثاكلةِ دويَّ نايٍ جائعٍ للحزنِ ؛ غيرِ قابلٍ سِوى للنزف، وصهيلَ أزمنةٍ يعدو في خطواتي الأسيرة ..
يقذِفُ بي نحوَ الأنا في الأفقِ ، ِكفاكهةٍ تنضُجُ بالحرارة، أو كفلسفةٍ تُغلِّفُ قميصي الحريريَّ ، وتعصفُ بي على أغصانِ الأبجديّةِ .. أصيرُ معنىً يجُرُّ بعضي خلفَ بعضي ..!!
فأتشظّى بينَ حروفِ النّفْيِ وعلامات ِالاستفهام .. !!
وأغدو بطلةً في روايةٍ تتمرّدُ على فصولِ الشّمسِ ، فصلُها الأخيرُ رقصةٌ بربريّةٌ، تعلِّمُ الطّيورَ البَريّةَ فنَّ التّحليقِ والتّحديقِ ، ..!!!
تتجاوزُ الأزمنةَ وسمفونيّاتِ الموسيقى والنّصوصَ المشرعةَ على التّأويل ؛ حدَّ الكفرِ بشريعةُ الغابِ البشريّةُ ..!!
قصّةٌ تدَّخِرُ ما تبقّى من استعاراتٍ في وردةٍ تقولُها للصّباحِ ،
بينما عينايَ محاولَتان ِفاشلتانِ ، لا تُتْقِنانِ الضّحِكَ في مُدنِ الملحِ ..!!
ولا تمنحاني حقَّ العبورِ إلى قدسيَّةِ الشّمسِ المتخمةِ بالغواية ..!!!
نيابة عنها لو أذَِنَتْ .. د.إياد الصاوي ١فبراير ٢٠٢٢
**********************************


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق