الكنكنة ( كان ومشتقاتها)..مقادير ومحاذير
........................
لا ينكر إلا مكابر أنّ الفعل ( كان ومشتقاتها) هو أكثر الأفعال تداولًا في لغتنا العربية الجميلة، فللفعل أهمية خاصة وضعته بلا منازع عمودًا من أعمدة اللغات اللسانية جمعاء، وليس أمره أو أهميته قاصرةً على اللغة العربية فقط.
والسؤال ها هنا - المطروح بقوة- لم نحرص دائمًا ونشدد على الإقتصاد في استخدامه سرديًا حين صياغة أقصوصة- خاصة القصة القصيرة جدا-؟ ونكاد ننصح المبتدئين بالابتعاد عنه نهائيا!!
إذ كيف ننصحهم بترك ما هو أساس لغوي!!
والجواب بسيط..
كان..فعل يفيد الماضي والقريب، والمبتدئ سرديًا لا يملك من أدوات القص وتقنياته ومهاراته إلا القليل، لذا يميل أداؤه السردي إلى الأسلوب الحكائي، ومن أهم سمات الأسلوب الحكائي هى ( كان، وكنا وكنت وكانوا،..،..،..)، ولكي نغير من أسلوبه من الحكائية إلى السردية، نأمره بالابتعاد عن ( كان ومشتقاتها) نهائيًا أو قدر المستطاع، أما المتمرسون سرديًا فننصحهم فقط بالاقتصاد في استخدامها خاصة في القصة القصيرة جدا، وذلك لأن من ضروريات ق.ق.ج. سرعة الايقاع السردي التصاعدي من البدء وحتى الانتهاء، علاوة على أن استخدامها بكثرة في مساحة سردية محدودة( القصة القصيرة) ينحو بالنص من السردية إلى الحكائية، وبما أن لكل قاعدة شواذ، فالشاذ مقبول إن أحسن وأجاد القاص تضفيره داخل متن أقصوصته، وذلك إن ارتأى لذلك ضرورة، مثل أن الحدث برمته حدثٌ زمنه انتهى، وسبل الإجادة والتمكن كثيرة..فهل هناك أقوى بلاغة من بلاغة القرآن الكريم؟!..وقد ضم بين ضفتيه ( كان ومشتقاتها ) آلاف المرات!.
ويحضرني الآن قصصٌ للقاص المصري البارع/ يحيى الطاهر عبدالله..رحمة الله عليه، استخدم فيها ( كان ومشتقاتها) بتقنية أحدثها وقتئذ - نهايات القرن الماضي- باللجوء إلى الإضافة..ولنأخذ لذلك أمثلة تبين المقصود بتقنية الإضافة..
مثال :(١)
كانت أمي جميلة...
كانت أمي جميلة وبها بعض دمامة..
كانت أمي جميلة وبها بعض دمامة لا تنتقص من جمالها..
مثال : (٢)
كنا نلعب الكرة..
كنا نلعب الكرة ونسبح في النهر..
كنا نلعب الكرة نهارًا ونسبح في النهر عصرًا ونتسامر أمام دارنا..
وما قلناه آنفا عن الكنكنة ينطبق حرفيًا على مثيلتها ..الجملة التقريرية..فالجملة التقريرية في حد ذاتها تعد من أروع بلاغات اللغة وعمود من أعمدتها أيضًا، وأيضا حفل بها قرآننا الكريم في صيغ متعددة نذكر منها الإستفهامية ( هل.أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئًا مذكورا) سورة الانسان.
جملة استفهامية لكنها تقريرية لا تحتاج لإجابة لأن الإجابة تضمنها السؤال نفسه.
فلم إذًا نعترض على تضمين جملًا تقريرية في بعض النصوص؟
والإجابة أيضا بسيطة، وما يكون اعتراضنا إلا مسببًا ولعلة، والعلة عادة تكون في كون الجملة المعترض عليها حجرًا على فكر المتلقي وتلزمه قسرًا بما تريد، او ان تكون مقحمة من كاتب النص، وليس العلة في كونها جملة تقريرية، ويحضرني هنا أيضًا نصًا اعده من أروع ما أبدعت القاصة المصرية / أمل البنا Aml ELbnna ألا وهو نص (ذباب) وقد حفل بالجمل التقريرية الموظفة ببراعة في متن النص.
محمد البنا ٧ يناير ٢٠٢٢

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق