السبت، 20 مارس 2021

ثرثرة فوق بساط أزرق القريب والبعيد قراءة في نص ( عندما يثرثر الوميض) للقاصة الفلسطينية/ هنادي بلبل بقلم الأديب المصري / محمد البنا

 ثرثرة فوق بساط أزرق

القريب والبعيد قراءة في نص ( عندما يثرثر الوميض)
للقاصة الفلسطينية/ هنادي بلبل
بقلم الأديب المصري / محمد البنا
.............................
النص
.......
عندما يثرثر الوميض
****************
أدارَ لي ظهرَه مُسرعا بعدَ أن رماني على لوحٍ باردٍ وأغلق عليّ المنافذ.
"سأتخلص منكَ قريبا" كررها منذ أيام على مسمعي، يراني جالباً للمصائب وينهال عليّ بغضبه شاتما موطني الأصلي، وكأنني كنتُ سببا لخسارته أموالا طائلة في أسواق تداول العملات، منذ أن رمى بعقله في أحضانها لعدة شهور؛ ثم لفظته دفعة واحدة. الآن أتحملُ ألفاظَ أخيه النابية المقروءة والمسموعة، مُطالبا بماله الذي أخذه منه لاستثماره.
لم يُقدّر ذكائي ومساعدتي له كلما استشعرَ الخطر؛ حينَ أُخفي كل صوره ومقاطعه الحميمة مع صديقته اللعوب عن أعين زوجته؛ التي هاض الشكُ قلبها؛ وباغتتني كثيرا؛ فأُجهض محاولاتها وأتركها حائرة.
أذكرُ جيدا يوم هَشَّمَ وجهي كله؛ فبقيتُ أسبوعا أعاني الكسور؛ بعدما قذفني حانقا على (جابر) لأنه رفضَ إحضار كمية إضافية من المخدرات التي اعتادها؛ متعللا أن الصنف شحيح، وأسواق البيع والتهريب في خطر.
قررَ السفر لمدة ثلاثة أيامٍ دوني؛ مقتنعا أن انفصالنا الجزئي حان وقته؛ ويريد استعادة حياته السابقة.
كان في طريق العودة وقتما أطبق عليه أعداؤُه؛ سرقوه ثم فتكوا به. أُدرك تماما بذكائي الاصطناعي؛ أن يده المرتعشة بحثت عني راجية، وقلبه لحظتها غصَّ ندما.
أما أنا عانيتُ الصقيع في مَخبئي دون دفء الرنين أو النغمات. رغم أن أصولي الأسيوية مفعمة بالمشاعر، وذاكرتي ملأى بحكايا صاحبي؛ لكني لم أهتز بعد رحيله، وظلَّ وميضي يقهقه زمنا في يد زوجته.
........................
Hanadi Bolbol
..12mars2021
...................
القراءة
........
بادئ ذي بدء أرى أنه من الضروري أن أشير إلى نقطة هامة تخص الناقد عندما يتعرض لنقد نص ما، وهى أنّ على الناقد أن يخلع عباءة القارئ العادي، ويرتدي عباءة الناقد، فينظر للنص بحيادية تامة بعيدًا عن ذائقة المتلقي إيجابًا أو سلبَا، فللقارئ ذائقة انطباعية تحدو به قسرًا إلى انطباع أولى ( تكوين صورة ذهنية مبدئية عن فحوى النص ) وهذه الذائقة تلوي عنق النص لصالحها، فتتغاضي عما يناقضها من جمل النص وإشاراته لصالح رؤيتها الخاصة، وإن وقع الناقد تحت تأثير هذه النظرة الانطباعية الأولية، أدى به ذلك إلى الإشارة بضرورة حذف كل ما لا يراه متماشيًا معها، فللناقد معايير نقدية متفق على اغلبها، رغم تعدد المدارس النقدية واختلاف منهجية تناولها النقدي للنصوص، إلا أن هذه المعايير وإن تحققت بكاملها في النص الأدبي فليس في ذلك قطع بكماله أو اقترابه الشديد من الجمال، لأن أي نص أو عمل إبداعي يتوجب عليه أن يحقق هدفين( المتعة العاطفية والمتعة الذهنية) وتغول احدهما على الآخر يعتبر انتقاصًا للقيمة الفنية للعمل ( مذهب نقدي خاص بتعاملي النقدي مع النصوص )، ومن المفيد هنا أن أطرح رأيين مختلفين تناولا ببساطة لغوية وبعمق هذه المعضلة الفلسفية( هل جمال النص الأدبي في كماله، أم كماله في جماله ؟ )، أولهما للأديبة السورية كنانة حاتم عيسى..kinana eissa
( أظن أنه لا يوجد نص كامل... لابد من وجود قصور ما يعتري، فكرة الكاتب التي لم تكتمل على الورق ربما أو لغته بتداعياتها وبنيتها أو ربما بأخطائها النحوية والاملائية وحركات ترقيمها أو لعله أسلوب الكتابة. و زمن كتابته. فبعض المفردات لأشهر الكتاب الكلاسيكين على سبيل المثال قد كتبت منذ زمن طويل فابتعدت عن محاكاة الواقع وإسقاطاته الآنية،ففقدت رونقها وارتباطها بالسياق الثقافي
وبالتالي مواءمتها للنص. ومن ناحية أخرى، نرى أحيانًا الجمال قابعًا خلف مفاهيم اللاتناسق وتشويه القيم الفنية ومزج العنصر الإنساني بالحيواني،كما هي النصوص الأدبية الساخرة، و الكوميديا السوداء التي تصور القبح الإنساني وضعفه وفي عالم الفن نرى الكاريكتور أكبر دليل علي نقل المبالغة والتشويه والخلل إلى حالة فنية تخاطب ذائقة المتلقي وفضاءه البصري.
الجمال ليس في الكمال أستاذ محمد، بل بما تظهره لنا تجربتنا الداخلية بأنه كامل.
كنساء بيكاسو وأوشحتهن)، وثانيهما للقاصة الجزائرية فايزة عبد السعيد ( أعتقد أننا نهتم بالنص من خلال جماله، فعين الكمال ناقصة إذا تكحلت بجمال النص تغاضت عن نقائصه، وحاولت تجميلها بتخمينات مبررة فعين الجمال تحب وإذا أحبت لن تبصر النقص.).
كان يتوجب عليّ أن أضع هذه المقدمة قبل إعمال مشرطي النقدي في النص المطروح، أما عن النص فهو بلا شك نص جميل وهادف وتحققت فيه متعتي العاطفة والذهن، بالإضافة إلى لغة سلسة طيعة منسابة، ودالة على تمكن وحرفية، إلا أنّ استخدام الراوي (ضمير المتكلم) يضع النص بين فكي اليوميات او المذكرات، مالم يكن المبدع منتبهًا ويقظًا بوعي كامل لتلافي ذلك، وللأسف بدا النص في تفنيته السردية أشبه بمذكرات هاتف جوال،بتعدد احداثه وتتاليها الزمني، وكلها تنصب في معين واحد، وأرى أنه كان حدثًا واحدًا منها(العلاقة المحرمة) لو قام عليه النص لاستقام.
استخدام الكاتب للراوي ( ضمير المتكلم ) ثم لجؤه لاستخدام الراوي العليم ( كان في طريق العودة...إلى..غص ندما ) ادى إلى خلل تقني، وأرجو أن لا يفهم من ذلك اعتراضي على تعدد اساليب الرواة في النص الواحد، ولكني أعترض فقط على إيراده ك- قطع مفاجئ- فلم يبدو لي انسيابيًا ولو بقدر ضئيل.
محمد البنا..١٢ مارس ٢٠٢١

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق