قراءة في نص:
"مدينتي طريقها بلا مصي" للشاعرة : زينب الحسيني
بقلم د.وليد الزبيدي .
زينب الحسيني _لبنان
"مدينتي طريقها بلا مصير.."
تراوغني..تشرد .. تتمرَّدْ..
أزجرها بلامبالاة وأمضي..
لكنها صاغرةً تعودْ
تدغدغ بأناملها أطراف أناملي
تُغويني وتطلب الغفرانْ..
ما الذي تعنيه المجازاتُ والاستعاراتْ
عندما تعاف الرُّوحْ
التهام النَّعيِ والنحيبْ..
ويعلو وجيبُ القلبِ فوق شاهق الاستغاثاتْ..
ما الذي تضمره قواميس اللغةِ,
عندما يبتلع السَّراب حبر الرموزِ, والانزياحاتْ..
وتعاف العين مشهد الأشلاءِ
ووحشيَّة الانتهازية والنزاعاتْ..
" مدينتي طريقها بلا مصيرْ..
المنازل أضرحة
والزَّنازن أضرحة..
والمدى أضرحة.. "
والعبث يرتع في كلِّ مكانْ..
لماذا يتجلمد الإنسانُ أمام الإنسانْ..؟
ولا يفتح صناديق الأسرارِ
غير الطُّغاةْ..
هل جفت الأنهارْ
وتساقطت أزهار الحُلمِ في حضن النهاياتْ..؟
_لكنَّ الربيع لم يذوِ..
ولم يزل يمضي كي يعودْ..
والحبُّ زهرةٌ
لا تنبت في صحراءَ تعوي فيها الذِّئابْ..
عيناكْ, فيهما يهيم ألف سؤالٍ وسؤالْ
فيهما نظرةٌ تعيد للعمر البداياتْ..
أجرع منهما كأس السِّحرِ, ملوَّناً بالعذاباتْ
فأذوبُ وأذوبْ..
وأعود من طريقي المؤدِّي.. إلى منفايَ الأخيرْ..
قراءة في نص:
"مدينتي طريقها بلا مصي" للشاعرة : زينب الحسيني
بقلم د.وليد الزبيدي .
عتبة النص: مدينتي، هي (المدينة) ، المدنية والحضارة، منارة العلم والمعرفة، ومدينة، أضافت لها الشاعرة (ياء التملك) –مدينتي- ، هي سكني، بيتي، أهلي، شعبي، تاريخي، ثم (طريقها): الهدف، المنهج ، السبيل، بـ(لا) نفي، مصير: المجهول.
النّص: في المقطع الأول: كم من الأفعال المضارعة استخدمته الشاعرة في بناء تراكمي، (تراوغني/ تتشردُ/ تتمردُ/أزجرُ/ أمضي/ تدغدغُ/تغوي/ تطلبُ/تعنيه/ يعلو/ تضمرُ/ يبتلعُ)..حركة أوتار الفعل المضارع في النّص، تتراكم كمّيا لتشكّل صوراً تدل على الحالية والاستقبال، وهذا التوالي الكمّي لم يكنْ كمّياً محض، أو عددياً فحسب، بل يعلو وينخفض، في تواليه الكمي الى التوالي الكيفي، ليعطي لمشهدية الحدث معنىً وطابعاً درامياً، فهي لم تكن أفعالاً منفصلة، أو تكتفي بذاتها، بل تتدحرج لتكونَ كتلةً واحدةً، تشكّل ألواناً محتلفة، وحركات، تنعكس في خلد وعين المتلقي كشؤيط سينمي، تتنامى أحداثه، ووتكون متعددة الأصوات،
النصف الثاني من النّص/ تعلو على سطح النّص مفردة( أضرحة)، تسندها الشاعرة، الى أسماء معرّفة بأل (المنازل، الزنازن/ المدى) فهي أشكال محددة بذاتها ، كُتل حاضرة برمتها على أطراف الحدث، وهي المسرح الذي تدور حولها وبها الأحداث، فهي تصفرُ فيها الريح الجميع والكل خواء، الكون كله (أضرحة).
المقطع الأخير/ هو بصيص الأمل الذي تفتح كوّته وتجعل من المستحيل ممكناً، بقولها( لكنّ الربيع لم يذوِ)، و( ولم يزل يمضي ليعود)، ثم (والحبّ زهرة)، إذن لابدّ لهذه الزهرة أن تعيش بالدماء، بالمطر، بالعمل ، هي العودة الى الحياة.
العنوان" مدينتي طريقها بلا مصير" بيت للشاعر المصري الكبير أمل دنقل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق