السبت، 1 مايو 2021

المزاوجة ..انتصار أم ابتسار؟ قراءة فلسقية بقلم المفكر اللبناني/ سليمان جمعة لنص ( نسختي الأنثوية ) للمتألقة في فضاء الأدب قصًا ونقدًا الأستاذة السورية / كنانة عيسى

 المزاوجة ..انتصار أم ابتسار؟

قراءة فلسقية
بقلم المفكر اللبناني/ سليمان جمعة
لنص ( نسختي الأنثوية )
للمتألقة في فضاء الأدب قصًا ونقدًا
الأستاذة السورية / كنانة عيسى
............................................
النص
.........
نسختي الأنثوية
أحدق جيدًا...
العينان عسليتان، الشعر بني غزير ومنسدل ببساطة،
البشرة قمحية، نقية وعاكسة لجمال قديم، متوسطة الطول في امتلاء خفيف، عفوية، مرحة،ضحكتها تشبه أجراس الكنائس المنسية، لا تحبذ مساحيق التجميل دائمًا، جسدها الرقيق و الخالي من الانحناءات يشبه الدمى، ترتدي حذاء رياضيًا خفيفًا (هذا عيب يمكن إصلاحه، ماذا حدث للأحذية النسائية الأنيقة؟ )، تحب الفساتين المورقة بالورود والزهور الملونة وألوان الحدائق، عطرها عفوي وتلقائي وبدائي يشبه ملوحة البحر في يومٍ حارق، شفتاها الرقيقتان بمذاق الزعتر البري اللاذع في معظم الأحيان.
اضطررت لتكميم فمها.. كانت تصرخ بلا توقف.
وعندما نزعت عن فمها الشريط اللاصق لتشرب القليل من الماء أحاطتني بنظرة خوف وتضرع قائلة:
-أطلقني... ولن أخبر أحدًا عما فعلتَه وعما رأيتُه..
كان أمامي امتحانٌ أخير يجب القيام به
كل شيء على مايرام حتى هذه اللحظة، تبقى لي أن أفتش حقيبتها جيدًا..
و عندما وجدته ملقيًا بعبث في حقيبتها الرياضية، لم أصدق..!
كنت قد انتظرت أسبوعَا كاملًا لشدة انبهاري بها خائفًا من فقدانها هي الأخرى، أهناك من لا يزال يقتني الكتب الورقية؟
أحملق فيها وهي مقيدة في قبوي الرطب، تستجدي رجاء وألمَا، تئن في رفق وتوسل،لعلي آذيت كاحلها و يدها عندما قيدتها لكرسيّ الأثير
كنت أشعر بالأسى وأنا أفعل لذلك... أعترف.
نظرتُ إليها جيدًا
خدها الأيسر ينزف بجمال غريب.
كدمة زرقاء بدأت بالانتشار على عنقها اللدن.
عيناها المرتجفتان الدامعتان تستقصيان نجاةً مني.
أحزنني أن أكون عنيفًا وقاسيًا لكنها لم تتوقف عن طلب النجدة، حينها أوشكت أن أخبرها بسرٍ خطير
وفكرت..
لعلها خائفة لرؤية من سبقنها وقد تكدسن في صناديق أطلّت منها وجوههن القمحية الناعمة والنقية للمرة الأخيرة..
كنت أريد أن أهمس لها:
- أنت بخير.. لا تخافي.. لا صندوق لك.. فأنت لم تفشلي في الامتحان الأخير.
في غرفة التحنيط التي فاحت منها رائحة الصنوبر
همست لها بصوت جهوري :
لقد وجدتُ نسختي الأنثوية المطابقة، آه.. لو تعلمين..فقط أنك ستصبحين آلهة فرعونية آسرة ..نحن من نستحق الخلود.. يا عزيزتي.. نحن الذين ما زلنا نقرأ الكتب.
Kinana Eissa ١٥ أبريل ٢٠٢١
.........................
القراءة
.........
لشد ما انبهر بها وهي أسيرته وهو يتألم لانه كان قاسيا معها ..ولكنها ما زالت تصرخ وتئن وتطلب برجاء وتتوسل لكي يطلقها ..
هذه العبارات هي جزء من واقع ثقافي واخلاقي وسلوكي من نظرة الرجل الذكر للمرأة ..ثقافة آسرة بقوة العادات والتقاليد ولماذا تصرخ لكي تتحرر لان في حقيبتها التي تحتوي ادوات التجميل كذلك تحتوي على كتاب اي هناك معرفة ليست متواترة انما خارجة على سلطته لذا لا تكف عن الصراخ ..اي علامة تحرر واحتجاج ..ازعجتها فهو بين امرين انبهاره بها وهذا ضعف يزينها له فينجذب لها والآخر هو ثقافته التي تأسرها فيسبب لها النزف والاسى والدمع .
اما رؤية النص فتبين من المقطع الاول في وصف شخصيتها .. اذ ان اوصافها هي اوصاف واقع : قمح اي رزق وخير وعسل وحياة بسيطة وجمال قديم بلا مساحيق اي اصطناع جمال باهت ..وفيها عفوية ..وضحكتها ككنيسة قديمة اي فيها حشمة وقداسة وطقس ..اما ثوبها فخميل حيث الشذا والالوان الزاهية الطبيعية ..هذا الامتلاء بالطبيعة كشخصية لها تنتمي لخياله الذي يرسم امرأة تأسره فأسره لها ثقافي ذكوري سلطوي يكم فمها بلاصق اي بشيء حديث عندما ازاحه لتشرب عادت للصراخ وهذا من طبيعة الحرية التي تحياها غي مطابقتها للحياة ..
اذن نسخته هي هذه المركبة من نفي اسباب اسره فهي تقرأ في كتابها الى جانب انها كما يتصورها هي طبيعية غير مصطنعة ..فهنا ينفي الاسرين ..لتكون آلهة فرعونية خالدة .اما التحنيط فيكون بعد الموت الطبيعي لتكون قابلة لحياة اخرى فالجميع باوصاف القمحية واللدنية ولكنهن لم ينفين اسره بدحض اسره اي ثقافته بالقراءة ..باالكتاب اي التقدم ان تكون انثى كالطبيعة ولكنها غير خاضعه لثقافته الآسرة . فهو محنط ومن ياسرهن يخضعن للتحنيط ريثما يلقين حياة افضل ..بماذا
بالكتاب ...ااقراءة التي
تمنحه ما يسكن في داخلها من انثى يريدها ..
تكل جدلية هي انتصرت بها اي قرأت ...وجعله يقف اماها منبهرا ..وحزينا .. فتخطر ببالها آلهة فرعونية كنفرتيتي او حتشبسوت .. اي حرائر .
تلك رحلة المرأة غي داخل الرجل الذكر ..وصراع المطابقة بين ارادته وكينونتها الممتلئة كالطبيعة ..هنا النص انتصر للمرأة بها.
فالاسر يجعل منها عينا مرتجفة وخدا نازفة ..اما الحرية فتجعلها آلهة .. فاي منهن يطابق ما في نفسك ايها الرجل ؟
نص متقن في استهلاله الذي تضمن رؤية النص بصورة مراوغة
وفي حبكته عندما فتش حقيبتها ونزع الشريط اللاصق ..وطرح الاسئلة عن القراءة ..في القفلة .. التي هي حجج اقنعته لكي يطاق سراح ما بنغسها من محنطات انثوية ..يقتلنهن بثقافته وقوة الاجتماع ..
وكذلك نص متقن بلغته اذ اختيار الاستبدالي الرأسي كان موفقا ..في دمج اوصاف الشخصية باوصاف مواسم الخير غي الطبيعة فحصل التطابق بذلك كما حصل التطابق بينها هي بالواقع وفي داخله .
سليمان جمعة ١٦ أبريل ٢٠٢١

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق