قراءة في نص الشاعر المحدث
د.ضياء محمود المجيد
(مرت علي)
ثيمة النص غزل
نوع النص عمودي
البحر الكامل
عدد الابيات.احد عشر بيتا
......
يرى الكثيرمن النقاد واصحاب الشأن ان التجديد هو بعث الروح فيما نسي او اهمل وايجاد ما هو مبتكر في النص واخذ السياب وصلاح عبد الصبور والبياتي ونازك وغيرهم من المحدثين هذا المعنى ليجدوا نمط الشعر الحر .
اما الاعم الاغلب من الشعراء يرى ان التجديد هو المعاصرة للنص وعدم الالتزام بالمعاني المعقدة والمفردات الغريبة وانما ايجاد المفردة السلسة المعروفة والرصينة وتوظيفها ضمن نص ملتزم بما اوجبه الفراهيدي وهذا ما وجدته في كل نصوص الشاعر الدكتور ضياء محمود المجيد الذي يتحفنا بنصوص رائعة ضمن هذا النمط الشعري
الشاعر دائما يبحث عن حرف روي موسيقي لاعتقاده ان النص يزداد جمالا بجمال حرف الروي حتى وان كان صعبا.
اليوم اطلعت على نص جميل من تلك النصوص الا وهو (مرت علي)
تامل عنوان النص بسيط متداول لكنه يحمل في طياته الكثيرمن المعاني كيف مرت عليه هل كانت تقصد اثارته ام ارادت احراق المشاعر التي انطلقت بالنص الى جماليته ليدخل مدخلا رائعا يوضح لنا موقعها منه فقد اسكنها ارضه وجوارحه بين لنا مبتغاه واوصل لنا فكرة النص ..اسكنتها فعل ماضي ليقول هي ليست حب جديد انما هو حب قديم متجذر
(أسكَنتَها ارضي وكلَ جوانحي
فتناثَرَث خجلى كطفلٍ سابحِ)
اذن هي كالطفل السابح الذي ربما يغرقها في بحر حبه الصورة رائعة يبين فيها الشاعر قدرته على توظيف المعنى
(حيناً تهزُ
مضاجعي بغرامها
وتروغُ حينا كالعُقابِ
الجارحِ)
التقلب هو ديدن المحب فهي لم تك على درب العشق المستقيم فهي تلعب بالمشاعر والهيجان الغرامي
رغم التصريح الباطني بعبارة المضاجع الا انه حافظ على العفة الشعرية بقوله
(مَرت عليَّ وقد أثار خيالها
وحياؤها
أشجانَ ظبيٍ سارحِ)
نرى ان الشاعر يمسك زمام القصيدة كالفارس المسيطر على جواده لا يدعها تفلت منه فهو حافظ بكل قوة على ثيمة النص الغزلي الواضح البسيط الذي يجعل المتلقي متلهفا لاكمال قراءة النص.
يبرز التجديد والتحديث في الصور الواقعية الخلابة
(يا حسرتي
ضاعت سنين صبابتي
وتَلَعثَمَت خجلى
حروفُ قرائحي)
هنا التمازج الرائع بين المفردات تلعثمت..خجلى..الحروف
القريحة كلها مفردات متداولة لكن حسن تمازجهااعطى معنى مبهر
كما ان ثورة المشاعر العاطفية لم يستطع الشاعر اخفائها وهذه حالة وجدتها باكثر من نص غزلي للشاعر
(وملامحُ الجسدِ البهي مسارحي
جَنّدتُ في ليلي قواربَ
شهوتي
لتذوبَ في دُررِ الخدودِ جوارحي)
ويؤكد ما ذهب اليه ليختم
(تتهامسُ الشفتانِ حينَ تَربُعي
لافوز في غَنَجٍ بنهدٍ جامحِ)
لم يستطع ان يكتم ما جال بخاطره ليعطينا صورة الشاعر المتمرد على الذات
النص جميل بحاجة الى اكثر من وقفة
واترككم مع النص وجماله.
النص
مَرَت عَليَّ
.........
أسكَنتَها ارضي وكلَ جوانحي
فتناثَرَث خجلى كطفلٍ سابحِ
يا همسةً
جاد الصَموتُ بلحظها
وأنينها ضاحٍ بصوتٍ مازحِ
حيناً تهزُ
مضاجعي بغرامها
وتروغُ حينا كالعُقابِ
الجارحِ
مَرت عليَّ وقد أثار خيالها
وحياؤها
أشجانَ ظبيٍ سارحِ
تَرَكَت عيوني
بالليالي ترتجي حبَ الأسير
أنينِ شيخٍ نازحٍ
يا حسرتي
ضاعت سنين صبابتي
وتَلَعثَمَت خجلى
حروفُ قرائحي
كل المعالمِ في الحياة خسارةٌ
الا الحبيب على مسارٍ ناجحِ
تيهي فليلي في خيالٍ
فاضحِ
وملامحُ الجسدِ البهي مسارحي
جَنّدتُ في ليلي قواربَ
شهوتي
لتذوبَ في دُررِ الخدودِ جوارحي
العائدون على الشواطي اذرعٌ
هاجت بها فوق البحور كواسحي
تتهامسُ الشفتانِ حينَ تَربُعي
لافوز في غَنَجٍ بنهدٍ جامحِ
ضياء محمود المجيد

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق