الجمعة، 27 نوفمبر 2020

أين الومضة أيها النقاد؟ بقلم الأديب عادل نايف البعيني

 أين الومضة أيها النقاد؟

من المعلوم بأنّ النقاد الحقيقيين قلة، والباقين يعلّقون على النص دون مستند نقدي، وأقول هنا إنّ: (على الناقد أن يتجرّد عن الميول والرغبات، وأن يركّز على جوهر العمل الأدبي مارّاً على النقاط الإبداعية المضيئة، وإذا كان العمل النقدي يسير خلاف ذلك، فإنّما هو نقد مزاجي قائم على نظرة انطباعية عفوية أو سطحية اعتباطية).

فهل يقوم ناقد اليوم بنقد المكتوب انطلاقاً من مقاييس نقدية حقيقية، وبناءً على قراءة واعية ومركّزة، أم أصبح يبحثُ عن الومضة في المقروء، ليُطبق الكتاب قبل أن ينهيه، ويصيح قائلاً: وجدتها! وجدتها!. ها هي الومضة؟! ويبرز ناقدٌ آخر يبهره المقروء، ويدهشه العمل، ولشدة انبهاره، لا يرى الومضة، فيطبق ما بيده، قائلاً: (كتاب جيّد لكنّما لم أجد فيه ومضة)! فهل أصبح من أولى مقاييس النقد أن نبحث عن ومضة ما، إدهاش مميّز، خرمشة في الحواس، كما يقول البعض، وإن غاب هذا المقياس، ففي الأمر (لكنّ).

كلّنا يعرف أن على الناقد أن يمتاز بجملة شروط لا بدّ منها كي يتمكّن من إطلاق قيمة نقدية ومن هذه الشروط:

الذكاء أو الخبرة: وذلك بأن يكون الناقد على معرفة واسعة بالفن الأدبي الذي ينقده ، وعلاقته

بالفنون الأخرى مطلعاً على عصر الأديب ومكانته وسيرته.

المشاركة العاطفية أو ما يسمّى بالتعاطف: بأن يكون الناقد ذا قدرة على النفاذ إلى مشاعر الأدباء وعقولهم، فيرى بأعينهم ويسمع بآذانهم لعله يدرك الأشياء كما يرونها. وتتطلب المشاركة العاطفية أيضاً أن ينسى الناقد ميوله الخاصة وذوقه، وينسى ما في نفسه من قيم وأفكار، كي لا تؤثر على نقده.

الذاتية أو الفردية: وهي الشرط الأخير . وتعني العودة إلى النفس والخروج من فضاء الأدباء للدخول في فضاء الناقد نفسه بعد هذه النقلة أو الرحلة السالفة. وأقصد بالذاتية أن يضيف الناقد إلى مشاركته العاطفية مقياسه الدقيق الخاص به من الذوق السليم والمعرفة الشاملة الذي لا يصرفه عن سلامة الحكم والإنصاف في التقدير.

لقد برزت مؤخّرًا اجتهادات شتى لدى النقاد، فمن قائل عند تقييمه لنص قصصي سردي: (القصة جميلة لكنْ غلب عليها اللغة الشاعرية). ويشيدون بالكاتب نفسه عند قراءتهم نصًاً آخر قائلين له: (أصبح عملك أفضل بعد أن خرجت من اللغة الشاعرية)! وإذا تعب الكاتب على اللغة، وأعطاها طاقة كبيرة من خياله ومشاعره وعواطفه، قالوا: (صورك جميلة، وبيانك رائع، لكن هناك إسراف في اللغة، وطغيان للبيان، حبّذا لو اقتصدت فيهما)! وإذا جارى آخر، يقولون وسرد بلغة عادية واقتصد في لغته، وقلّل من الصور والتشابيه، تنطّح ناقد آخر ليقول له: (لغتك سليمة، لكنّها تفتقر إلى الغنى اللغوي والصور البيانية والاستعارات). (قصتك تغلب عليها المباشرة، ويفتقر النص إلى روحية السارد). (هذا شاعر منجز، وذاك غير منجز). فما العيب في اللغة الشاعرية إذا وظّفت في السرد بشكل جيّد؟ وما المانع لو تعب الكاتب على اللغة، وملأها بياناً وبديعاً؟ وكيف يكون السرد المباشر هنة، والنص قصة والقصة لا تقوم إلا على السرد المباشر أو غير المباشر، ولو كان الشاعر أو الأديب منجزاً ألا يخضع للنقد؟ أم أنّنا يجب أن نطلق رأياً وأحكاما كيفما جاءت؟ فهل من كاتب قادر على أن يرضي أذواق جميع النقاد ويقطع عليهم طريق (لكنّ)؟

وهكذا يظل النقد يدور حول عبارات مكرورة مستمدة من هذا أو ذاك. فكم من تجمعات أدبية – وما أكثرها هذه الأيام مادامت تتطرّق للسياسة- لا يقرأ معظم المجتمعين فيها نصوصاً مقدّمة للنقد والحوار، بل ينتظرون من هو أقدر منهم للإدلاء برأيه النقدي، فجأة تدب الحماسة في رؤوسهم، فينهضون للنص بناء على ما سمعوه تمزيقاً وتفتيتاً. وإذا ما بدأ أحدهم بالحديث يقول: (أنا لم أقرأ النص ولكنّني أرى من خلال ما سمعت…) ويبدأ بسلسلة من الآراء مفادها: (هذا ليس عملاً أدبياً، أين الومضة فيه؟ ولماذا الوعظ والإرشاد؟) فصاحبنا لم ير ومضة، وحكم على العمل بالفساد دون أن يقرأه باعترافه هو. وعندما يُسأل: ما دليلك؟ يقول وهو يحك رأسه: (في الحقيقة هكذا أحسست). ولهذا أقول: لا شك في أنّ هناك آراء انطباعية أولية، يمكن للمتلقّي أن يبدي رأياً على أساسها، من غير أن يقطع برأي أخير، لا بدّ من قراءة النص أكثر من مرة، لاكتشاف معطيات جديدة قد تظهر فيه، فكم من قارئ يقول: (في كل قراءة لهذا النص تطالعني رؤى جديدة). فلماذا التسرع في الحكم، والتراجع لاحقاً عنه. وهناك فئةٌ كثيراً ما تطلق أحكامها على عمل ما، من خلال سماعها للمكتوب، مستندة على ما أدلى به ناقد أو قارئ تكلّم قبله، فيبصم على ما سمع، ويؤكّده.

أمّا الطامة الكبرى فهي الإدلاء بنقد بناء على معرفةٍ بالكاتب، فإن كان الكاتب معروفاً ومشهوراً فنقده سيكون إيجابياً بغض النظر عن المكتوب، وإن كان الكاتب مغموراً، أو معاصراً للقارئ أو معروفاً بشكل شخصي له، فيحكم عليه على ما سمع عنه، حتى دون أن يقرأ جديده. وغالباً ما يكون هذا الحكم سلبياً، ويرفضه دون أن يكلّف نفسه عناء قراءة النص قراءة نقدية مركّزة، قبل التعليق عليه.

من هنا أقول بأنّنا ما زلنا على مسافة من النقد الصادق والمدروس، القائم على المقاييس النقديّة، إلا من تمرّس من النقاد، فأدلى برأيٍ صادقٍ، وأطلق أحكاماً مكتوبة بعد دراسة مستفيضة. فبمثل هؤلاء يرقى النقد وتتم به الفائدة.

وبرأيي، أسوأ النقاد من يتوعّد الكاتب وعيداً إذا ما طلب منه أحد الكتاب رأياً في مطبوعة أو كتاب، ولطالما قال أمثال هؤلاء النقاد: (سأسلخ جلدك وعليك أن تتحمّل، أنا لا أرحم بنقدي)! وكأن النقد مطيّة للنيل من الآخر. فكم سمعت من أصدقاء سنحت لهم فرصة أن يقرؤوا ما كتبوا أمام بعض الأدباء والناقدين، في تجمعات أدبية يقول: (سيسلخون جلدي اليوم في مناقشة عملي الأدبي). لأنّ صاحبنا الناقد سيبحث عن الومضة، وإذا لم يجدها سينتضي خنجره وهات يا تَمزيق وتقطيع، دون النظر إلى ما في النص من جماليات عامة، وأفكار هامة، وقد يكون القارئ الناقد ممن سُلخت جلودهم يوماً، فيجد الوقت قد حان لينتقم بسلخ جلد غيره، وهنا أتساءل: مادام النقد سلخ جلود عند بعض النقّاد، فلماذا هذا البعض من هؤلاء النقادِ لا ينتسبون إلى نقابة القصّابين، فيكون سلخهم للكتّاب والأدباء حلالاً؟!

ختاماً لابد من قولة حقٍّ يراد بها الحقّ، لا تبحثوا أيها النقاد والقارئون عن الومضة، فقد لا ترونها من شدة انبهاركم بالنص، واتركوا مساحة للحب والتواصل بينكم وبين الكتاب، فلا تثيروا فيما تقولون، كي لا تُثاروا عمّا يقال. فما من كمال في الجمال، فكلُّ جمالٍ يستتر فيه قبح ما، وكلّ قباحةٍ يختفي فيها جمال ما، حتى الشوك والعشب اليابس، يظل فيهما اخضرار واعد لحياة أخرى في فصل آخر.

عادل نايف البعيني

قراءة تحليلية ل.:الليل الطويل... الجزء الأول ...''للشاعرة الأديبة الناقدة وجدان خضور من انجاز سي مختار حمري

قراءة تحليلية ل.:الليل الطويل... الجزء الأول ...''للشاعرة الأديبة الناقدة وجدان خضور من انجاز سي مختار حمري

وذلك عن الجزء الاول من الليل الطويل .

شكرا لهذا الثراء الذي منحته لنصي بتمائم فلذات الأكباد شكرا يا ابن النور الذي هو أول من تناول بإضاءة تأويلية لحنايا حرفي بسبر جعلني ارجع بالذكريات لأدق التفاصيل.. وكأنك كنت داخل عقلي وقلبي وأنا أكتب الليل الطويل ، ..
سيتم نشر تحليل باقي أجزاء الليل الطويل تباعا ..اكتب لك الشكر يا سيدي بأعمق ما تنبض به يداي وأطيبه ..
........
قراءة تحليلية ل.:الليل الطويل... الجزء الأول ...''للشاعرة الأديبة الناقدة وجدان خضور من انجاز سي مختار حمري
الليل الطويل...الجزء الأول
يرمز الليل عادة عند بعض المبدعين إلى حالة من انسداد الأفق أو ما يسمي في الفلسفة الوجودية ب ''الحدود القصوى'' . حيث يكون الفكر مخدرا مشوها يتسلى في الظلام بين ظلم و ألم أو زمن للأحلام العميقة . أية أحلام تواجهنا هنا ؟ أهي أوهام الإنسانية التي تحفل بها حياة الناس و الشعوب من كل المذاهب أم أساطير أوى إليها الإنسان خوفا من عواصف الحقيقة . مؤلم أن يكتشف المرء انه كان مخدوعا و عاش طويلا على الأوهام . الكاتبة ترمز إلى الليل الطويل.... كمرادف لحلم عميق ومشكل أعمق . تستجدي حلم حياة جديدة بتحطيم الأوثان والأصنام ..يبدأ الحلم بسرد أحداث ماض تليد , نقرا فيه بعضا من التاريخ الشعبي الحقيقي الذي تحول إلى مستقبل تحلم به الأجيال . ................................................................................................................................................
لتحليل الجزء الأول من الليل الطويل , أقدم بداية بعض الرموز قد تكون المعول الذي نحفر ونشق به صخرة النص العصي, لنسبر ما بداخل أغواره العميقة . أعود في النهاية لإضاءتها ................................................................................
الحكاية في البداية .... // قلم رصاص لرسم خطوط حياة .... // مطرقة نتشه .... // سيف علي .... // ............ .................
تلك حكايات كانت وكنا ومازالت . اشتدت المتاهات تعقيدا بين التواءات وانعراجات . الأخطر أنها صارت خطوطا بلا نهايات . اجلس لتسمع البيانات . تأخذني الحكاية''القصيدة'' ياسادة يا كرام إلى غابر زماني إلى بساتين العنب والرمان , إلى رندحة حصاد القمح بالمنجل والأصابع القصبية , إلى البيدر حيت التبن والبذر..المذراة ..العجل والجمل. لخرير مياه السواقي اسمع , اردد المواويل , كلي حنين لحليب أم لم ترضعني أنا اليتيم . اتخذت الأرض أما لي على الدوام أشكو لها وابكي هم ليل مظلم حالك .غيماته كثيفة السواد دخانا ورمادا. أمي ''الأرض'' متى تشرق شمسي؟ يخضوضر فجري ؟ تتبدد عتمتي؟ متى تلبسيني حياة نابضة, بعد أن صرت ترابا تصحر تحجر تفتت وطأته أحذية غرباء عبثوا عاثوا ظلما فسادا ذلا وهوانا . متى تجود السماء بمعراجها الساحر ينتشلني لمرافقة الكواكب بل النجوم أو أكثر . في هدوء ليالي المظلمة أصاب برعشة''خوف ورعدة''. ظلمة مستقبلي لا تنقشع.. فجري لا ينبلج ..سحابتي لا تمطر وشمسي لا تضيء وان أشرقت ...يسكنني طيف يثمل بالغناء يسقي جدري و روحي بالانتماء .اجلس على كرسي وجودي و كينونتي وارقص في حلبة كانت لأجدادي في حنين لعيشة صارت حلم الأجيال . في تأملي العميق ألود إلى حكمة آلهة العقل والبيان من عهد الإغريق والرومان , قبل أن أكون إنسان , مذ كنت حيوان. اسأل متى أزيل إحرامي , أمشط شعري وأقبل القدر الجميل الذي احلم به ,المخصب الملقح بالحب والطمأنينة والوئام قبلة النحلة الجوالة التي تلقح الأزهار لتولد الثمار. قبلة تؤجج عاصفة عشقي لتنضج حكمتي... أمي الأرض أعشقك فما عاد لي غيرك.....
ياسادة يا كرام لا تغادروا الحكاية طويلة لا زالت في البداية...........................................................................

على الهامش أو في الصميم مجرد تخمينات قد تكشف في الأجزاء الموالية . أقرا النص و يقرأني فمن يا ترى القارئ ؟؟؟
الحكاية :ترمز إلى تحول القضية الفلسطينية إلى مجرد حكاية عند البعض , تصنف من ضمن حكايات ألف ليلة وليلة , حاضرة في الزمان الماضي غيب عنها المكان والشعب الذي هو واقع لا مجرد خيال . أطرح السؤال ألا يختلط لدى البعض الواقع بالخيال ؟ ألا يمتزج فكره ''بالدانكشوتية'' ...
قلم الرصاص: يمكن الكتابة به لكن يسهل مسحه . ألا يمكن أن يكون كل ماحققته القضية الفلسطينية كتب بقلم رصاص ؟
سيف علي :قد يرمز إلى المقاومة الإسلامية السنية المذهب المدعومة من المذهب الشيعي....
مطرقة نتشه: قد تعني الفكر الجدموري أي المقاومة الشعبية الشاملة ''مثل الانتفاضة''أي الفكر الذي يكتسح كل الساحات ويملأ كل الفراغات على حين غرة بدون تراتبية أو ترتيب أي غياب أي عمودية وتنظيم, فكر الهامش . يقابله الفكر الشجري العمودي التراتبي المنظم والقابل للاحتواء كما هي الحال الآن .. . .
المراجع: 6
خلاصة الفكر الاروبي/ سلسلة الفلسفة/ نتشه / عبد الرحمن بدوي/ وكالة المطبوعات/ القاهرة............................. ......
سورين كيركغارد/خوف ورعدة/ترجمة فؤاد كامل/دار الثقافة للنشر/القاهرة................. .....................................
كارل ياسبرز تاريخ الفلسفة/بنظرة عالمية/ترجمة عبد الغفار المكاوي/دار التنوير بيروت..........................................
نظرة في الأسلوب والأسلوبية ''محاولة في التنظير لمنهج أسلوبي عربي /الباحث:محمد حسين عبد الله المهداوي/مجلة أهل البيت2.
الاتجاهات الأسلوبية في النقد الحديث /إبراهيم عبد الله احمد عبد الجواد/رسالة/الجامعة الأردنية /عمان.....................

خاتمة المقال النقدي "التذوق الإبداعي في النص النقدي" للدكتورة الناقدة مفيدة الجلاصي

خاتمة مقالي النقدي "التذوق الإبداعي في النص النقدي"

ان بحثنا في مسألة "التذوق الإبداعي في النص النقدي" إنما هو بحث في "عملية الإبداع النقدي" لأن الناقد يستغل ما لديه من قدرات، عقلية تعكس ما يبذله من جهد خلاق مبدع في تفسير الأعمال الأدبية. وانطلاقا من هذه الصورة الجديدة للإبداع صار بمقدور الناقد
" أن يكون أكثر قربا من المبدع وأكثر فهما لطبيعة عمله وأجرأ على محاسبته عن القدر الكبير من الوعي الذي، يبني، الموهبة و" إطارها" الثقافي الإبداعي ويتدخل من ثم في الصورة الأخيرة للعمل الإبداعي"
(انظر "عصام بهي :الإتجاه النفسي في دراسة الأدب ونقده _ مجلة فصول :اتجاهات النقد العربي الحديث ع. ع 3/4 فيفري 1991 ص 147)
وبهذا يغدو النقد اكثر من قراءة انه
"ليس تفسيرا للنص،أو تاويلا وحسب انه معرفة او هو ابتكار، معرفة جديدة انطلاقا من النص واستنادا اليه" ( انظر أدونيس :خواطر في النقد ص 160 )
وإذا يتبين لنا انه لا انفصال بين النقد والإبداع بل "لم يعد هناك مجال للتمييز بين العمل النقدي والعمل الإبداعي الفني والمعروف ان العمل الإبداعي قد أصبح اليوم عملا نقديا اكثر مما كان في اي وقت مضى كما صار الكتاب والشعراء يشعرون بالحاجة إلى تقديم النظريات عن فنهم والدفاع عن كتاباتهم وشرحها اكثر مما كانوا يفعلون في الماضي "(انظر" محمد زكي العشماوي :بين النقد والإبداع
ص 187)
ان قيمة الأعمال الفنية والأعمال النقدية تبقى رهينة عملية التأمل التذوقي، بما يمتلكه كل من المبدع والناقد من الكفاءة الادبية التي تؤهلهما لتجسيد أفكارهما والتعبير، عن همومهما بحيث لا يمكن أن يكون الطابع الإبداعي للعمل الأدبي مقيدا بمجموعة من المعايير النظرية المسبقة كما أنه لا بد من ان تتسم الممارسة النقدية بطابع تركيبي إبداعي تسمو عن الحدود التحليلية الخالصة وبهذا يصبح النزوع إلى الجمع بين الإبداع والنقد هما عالميا ليس خاصا بأدب معين لأمة معينة بعيدا عن التصور التقليدي اعتبر
"النص الأدبي" فاعلا واعتبر "متقبله" المفعول به وهذا ما تطرق اليه الاستاذ، الباحث "توفيق الزيدي" في معرض حديثه عن "متصور الوقع الأدبي"، فقال "ومن نتائج ذلك ان التصقت، المفعولية بتقبل النصوص، التصاقا جعل المتقبل طرفا" مستهلكا " غير مشارك في العملية الجمالية وهو امر ظل سائدا لم يراجع إلا في عصرنا هذا" ( انظر "توفيق الزيدي،
جدلية المصطلح والنظرية النقدية
ط 1 1998 ص 45)
غير انه ما أطلق عليه" بالاستهلاك الجمالي" على حد تعبير "توفيق الزيدي لم يعد في عرف النقد الإبداعي ذا أهمية ذلك ان الناقد بما يقدمه من قراءات نقدية للاثار الأدبية يقدم نصوصا لا تخلو هي ذاتها من الإبداع بما لديه من الحس التذوقي وبما تكتسبه من خبرة أو كفاءة أدبية لا تقل في أهميتها الجمالية عن النصوص، الإبداعية التي انكب على تحليلها والتوغل في كوامن أسرارها فيتقبلها، تقبلا إبداعيا،عندما،يخرجها إخراجا،جديدا، بحلة تركيبية ودلالية مغايرة (انظر :حسين الواد "قراءات في مناهج الدراسات الأدبية ، من قراءة النشأة إلى قراءة التقبل ص ص 55 /82)
(الدكتورة الناقدة مفيدة الجلاصي)
L’image contient peut-être : une personne ou plus et lunettes_soleil

الجمعة، 20 نوفمبر 2020

المعنى ومعنى المعنى في" نساء في زمن الرداءة " قراءة تحليلية بقلم / أميمة الحسن في نص (نساء في زمن الرداءة) للقاصة السورية / صديقة صديق علي

 المعنى ومعنى المعنى في" نساء في زمن الرداءة "

قراءة تحليلية بقلم / أميمة الحسن
في نص (نساء في زمن الرداءة)
للقاصة السورية / صديقة صديق علي
........................  

نساء في زمن الرداءة :

تحلّقن حول طاولة مستديرة، مأخوذات بحديث السيدة التي أفتتحت النقاش بجدية وحماس أجبرتهن على الصمت والإنصات :
- لم يكن شكسبير يعلم أنه سيحضر إلى بقعة عربية قصية وأن أمرأة دعته وستقرأه، ..ولا تشيخوف كان قادرا على أن يخمن شغف النساء بالقراءة له بعد أكثر من مئة عام على رحيله ،رغم أنه أكد بأنه يكتب للأجيال القادمة عله يغير شيئًا، وحده ديستوفسكي لن يستغرب انشغالنا به، فهو أسس لزمن يكون فيه للخير والمعرفة وجود، وسنقول له ما قاله لنا يوما :
-خيرٌ للأنسان أن يكون تعيساً وعارفاً من ان يكون سعيداً ومخدوعاً، نحن حقا يا سيدي لم نعد مخدوعات ولكننا لسنا سعيدات وهذا فقط ما تغير بنا.
- أتخيل فرحة قاسم أمين بنا، عندما يحضر سنخبره أن تعليمنا لم يتوقف عند الابتدائية التي ناضل كي نصل إليها، وأن حال الأمة سيتحسن بفضل تحسن أحوالنا فنحن لم نكتف بما توقعه – "هؤلاء الناس لا يريدون من المرأةِ أنْ تَتَعَلَّمَ إلا ما يفيدها في إدارة منزلها" – لكن ياسيد قاسم ها نحن أصبحنا ندير المدارس والجامعات والمؤسسات و..و ...لو حضر نزار قباني لرأى كيف هي المرأة المغايرة لحريم السلطان .. وعلى ضيوفنا أن يفهموا أن أفكارنا، تجاربنا، مشاعرنا و حصيلتنا المعرفية هي الأهم من تجاربنا المعيشية التقليدية ..علّهم يفهموننا ويشاركوننا التأسيس لابستمولوجيا موقعية نسوية لهؤلاء جميعا تركنا كرسيًا فارغًا على يسار كل منكن .
طال حديثها الشيّق لساعات طوال وطالت مداخلات الحاضرات عن الكتب التي قرأنها. وبات على يسار كل منهن كاتبٌ قرأت له وعليها تفنيد ما تحصلت عليه من معارف ، وعندما انتهين علت رؤوسهن فخرا وصرن كمن يتنفس هواء الحرية لأول شهقة.

- استراحة نشرب بها القهوة ونستغلها بالفكاهة قليلًا .قالت رئيسة الجلسة مبتسمة كي تعطي للجلسة نداوة الواقعية كما اسمتها:
- أطلب من كل واحدة منكن أن تسلّم هاتفها النقال للتي تليها وتقوم هذه بقراءة آخر رسالة وصلت ودعونا نصغي :
أربك طلبها الحاضرات ..لكنهن كالمسحورات سلمن هواتفهن بتلقائية
رسالة قصيرة1
زوجتي الغالية أعدي لنا الغداء، أنا قادم ومعي زملائي
أيتها المغضوبة لم لا تردي أين أنت؟ لقد أحرجتني أمام ضيوفي
رسالة 2
أختي كفي عن الخروج دون أذني ..سيأكل أهل الحارة وجهي

رسالة 3
زوجتي المجنونة ألم ينته بعد هذا اللقاء التافه؟ هذه الحيزبون تضحك على عقولكن وستخرب بيوتكن.
رسالة 4
أمي لم أعثر على جواربي علي الخروج
أمي لا تردي لقد أكلت صديقاتك عقلك
رسالة 5
ماما الغالية سآتي وزوجي ..لم أطبخ اليوم كنا بالسوق ..
رسالة 6
قلت لك ألف مرة لا تتركي الإضاءة مشغلة ..حضرتك لا تدفعين فاتورة الكهرباء بل أنا من سيدفع ,يلعن أبو من علمك قيادة السيارة ..عودي بها حالا أحتاجها .
مع انتهاء كل رسالة كانت رأس صاحبتها يخفض تلقائياً وعيونها تتسمر، بانعكاس وجهها المحمر على الطاولة الصقيلة. بقيت الرسالة السابعة التي تخص السيدة رئيسة الجلسة وصاحبة الفكرة إلا أن المكلفة بقراءتها كانت مترددة ولكن الرئيسة وقد ندى جبينها بقطرات من العرق البارد حثتها على أن تفعل دون إحراج أسوة ببقية السيدات:

رسالة 7:
حضر ولدنا وزوجته وتركا الأطفال هنا وغادرا البيت فورا ..أتعبني الركض خلفهم ..رفاقي ينتظرونني في المقهى أرجو أن تكفي عن الثرثرة و فعل مالا تتقنينه، وتعودي لمهامك الأهم .
بانتهاء الرسائل غشاهن الخجل، وجلسن مطأطآت الرؤوس صامتات .ثم رفعت إحداهن رأسها جالت نظرها على رؤوسهن وجلجلت قهقهتها في الصالة، تبعتها ضحكةُ الأخرى وكدومينو .. تدحرجت الضحكات تترى لتملأ أصداؤها فضاء المكان .
صديقة صديق علي
.............
القراءة
...........
يطرح السرد ويتنقل قلم الكاتبة برشاقة في إشكاليات المرأة المثقفة المعاصرة، وقد أمسكت الكاتبة المبدعة بدفة الحرف وبكل مهارة أبحرت بنا من خلال السرد، المتمثل في الراوية وصديقاتها، لتكشف لنا عن العالم الداخلي الإنساني والعالم الخارجي المادي، ولمست وجع المرأة العربية ومحاولاتها لتعزيز دورها، وتأكيد نجاحها مستعينة ببعض النماذج، و قد اتخذت الكاتبة نمط محدد في ذلك الطرح عن طريق لغة تقريرية في البداية لتعود وتغير طريقتها متعمدة التنقل والتنوع في لغتها ربما حسب متطلبات و مجريات السرد، و من خلال رسائل النسوة في النص ترسل لنا الكاتبة رسالة تعيد لنا إنتاج اللحظات المقتنصة ببراعة مدهشة، لتصور حال المرأة في المجتمع وفق مرجعياتها التراكمية وقراءتها للواقع الحقيقي، فنحن هنا نقف أمام سرد نخبوي يرصد مشهد من الواقع المعيش، يلقي الضوء فيه على حال مجموعة من النخبة النسوية، يجتمعن ويؤكدن من خلال طيات السرد رضاهن التام عن انجازات المراة في مجتمعهن المحلي أو الإقليمي، لافرق، فالاشكالات المطروحة في الرسائل المتتالية عرت المكانة الحقيقية وكشفت بعض الأوضاع حالات إنسانية موجودة واقعا، و من خلال الرسائل المرسلة للشخوص في النص ذكرنا السرد أننا صناع هذا الواقع، فالرجل منذ الصغر يتربى على تميزه عن اخته ويعامل حتى من قبل الأم معاملة خاصة فمن الطبيعي أن يتنامى فيه هذا السلوك وأغلب فئات المجتمع يتعاملون مع الأم، الاخت، الابنة، بتلك المعاملة كوضع طبيعي مسلم به، وفي الرسالة الخامسة قد دك وعرى النص من خلالها أن المراة ليست ملاحقة من الرجل فقط بل المراة أيضا وجميعهم ملاحقون من منظومة مجتمعية ليس من السهل الفكاك منها إلا باستمرار مواصلة المرأة النضال وانتزاع حقوقها. اخيرا نص كتب بطريقة مبهرة، بشكل مكثف، وقد أرسل رسالة داخل الرسائل واختتم بطريقة ساخرة وفق شروط كتابة القصة القصيرة.
أميمة الحسن 20 نوفمبر 2020
ّّّّّّ................
........

L’image contient peut-être : fleur et nature
Aucune description de photo disponible.

قراءة في رواية الحديقة المحرمة بقلم الناقد عبدالله المتقي

 ال" معز بالعنوان "


عبدالله المتقي

قليلة هي عناوين الأعمال الأدبية التي تذهل المتلقي و تستفزه ثم تتصيده، كما تثير في ذهنه الحدس والفضول وكثير من التساؤلات عدة ، ولا يستطيع الإجابة عنها ما لم يقتحم أغوار النص وتفاصيله .
ونظرا لأهمية هذه العتبة وباقي النصوص الموازية في النقد الحديث ، الذي أولاها اهتماما متفردا ، فأبرز أشراكها الجمالية والرمزية والشعرية ، الأمر الذي نجم عنه ظهور علم جديد له قواعده وأصوله ، اسمه " علم العنونة ".
ابن سيدة الأندلسي يراه "سمة الكتاب" ، أي علامته وباب الدخول إليه ، ويشرق كما لو أنه ثريا معلقة في سقف النص يراه "دريدا " ، ويعده محمد مفتاح بمثابة الرأس للجسد ، ويمدنا بزاد ثمين لتفكيك شفرات النص ، وصفوة الكلام ، " علامة الدار على باب الدار " يقول المثل الشعبي .
في نفس السياق ، نادرة هي تلك العناوين التي تبقى موشومة في ذاكرة التلقي كصوت حواري ، وكإغواء ، وكمرايا متعددة من شأنها أن تزج بالقارئ في عوالم النص ، وتحضرنا بعض هذه العناوين النوعية والشائقة والمغرية ، ولتكن تونسية ، وعلى سبيل المثال ، نذكر في الشعر " عرق ذهني أو عضة فاكهة على فم عاطل” ليوسف خديم ، و" لا ينام البحر إلا وحيدا" لحافظ محفوظ ، وفي القصة القصيرة ، " الدماء لاتنبت القمح" لحسن سالم ، وفي الرواية " الملا ئكة لا تطير " لفاطمة بن محمود ، " عشيقات النذل " لكمال الرياحي ، "مسمار تشيخوف" يوسف رزوقة،
مناسبة هذا الحديث في محبة سحر العتبات ، العنوان الذي اختاره الروائي والإعلامي التونسي معز زيود لروايته الجديدة " الحدائق المحرمة " الصادرة مؤخرا عن مسكيلياني للنشر، عنوان يدري كنهه كما الصيرفي ديناره ، وكما لو أنه علىى وفاق “مع فيليب لان ، و " ينبغي أن ننتبه إلى النص الموازي وأن ننتبه منه "
وبهذا ، تبتغي بوابة "الحديقة المحرمة" ، عفوا، بوابة الحديقة الماكرة جماليا ، توريطنا إيجابيا في الانتقال من شجرة إلى أخرى أخرى ، ومن ذاكرة إلى أخرى تليها ، وإلى جملة من الانكسارات العاطفية والمهنية والسياسية والإعلامية المنخورة حتى ، والتي سيقشر بيضة حرامها وممنوعاتها بطل الرواية ، ويبدو معز كما لو ينبش روائيا في الواقع التونسي ما بعد الثورة، الذي أمسى كما التنين وبرؤوس متعددة ، ومصابا بسرطان المرحلة ، ويشبه حديقة محرمة لا يعي حرامها الحلال سوى من في قلبه وطن يستحق الانتباه .
رواية لم أجد لها من تشريح عارف وعالم ، غير ما كتبته الروائي محمد عيسى المؤدب على الواجهة الثانية للغلاف "يمضي معز زيود في توصيف رحلة الجسد والروح، منفلتا إلى كل الأمكنة المتاحة، وكأن السكون والضيق زنازين موصدة للروح المغتربة والجسد المهتاج. فلا تستعرض الرحلة فتوحات العشق واللذة بقدر ما توغل في امتصاص إحساس ثخين بالضياع، ضياع النفس وضياع الوطن الذي تأكله أفواه أبنائه، كما يأكله سوس الفساد وسطوة المتطرفين والجواسيس".
وبقدر ما سحرني هذا العنوان الذي لم يأت اعتباطا، ولا تم إنزاله هكذا ، فمن يعرف هذا العزيز زيود ، ويقرأه بعين فاحصة وعاشقة ، يصل إلى أنه قارئ نهم بأكثر من لغة ، وكاتب ماهر وحرفي ، ويحترم الكتابة حد الصلاة والعبادة ، فهي لديه كما الشعر لدى ابن رشيق " باب متسع جدا ، وفيه أشياء غامضة ، إلا عن البصير الحاذق بالصناعة " .
أقول : زيود لا عب ماهر في كتاباته بدءا من عناوين أعمدته ، ثم هذا العنوان الروائي الذي جاء تساوقا مع ماقاله النقد القديم " تسمية الأسماء بأضدادها " ، وهذا يعني أنها حديقة مباحة لكل من يتقن فك الشفرات الرابضة في ذاكرة النص وجغرافيته ، إنه لعب المهرة الذي يتصيد القارئ للدخول إلى هذا الحرام المباح والمسموح به.
وختاما ، ماذا لو كان هذا العنوان الذي يرفع شارة التحريم ، حكاية اسمها لعبة الكتابة التي اسمها "المكر المعقلن والشائق والبهي " ..وفي انتظار دخولك عزيزي القارء إلى أغوار "المعز بالعنوان " ..مبروك لزيود هذا الجديد الروائي وبالدفوف والمزامير ، وقراءة ممتعة.


L’image contient peut-être : 1 personne, assis et texte
 

الخميس، 19 نوفمبر 2020

قراءة نقدية تأملية-متعجّلة- في قصيدتين (ساكن القلب/ و في حضرة عينيك) للشاعرالتونسي الكبير -طاهر مشي بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 قراءة نقدية تأملية-متعجّلة- في قصيدتين (ساكن القلب/ و في حضرة عينيك) للشاعرالتونسي الكبير -طاهر مشي

*خيال شاسع،وواسع يصنعه الشاعر الكبير- -طاهر مشي-بارتصاف كلماته و عباراته الشعرية،وعنصر الدهشة في الانتقال بين الصور و الأبيات الشعرية.
* تتميّز جل قصائد الشاعر التونسي الكبير -طاهر مشي بكيميائية اللغة الشعرية الجميلة وتفاعلها في تركيب شعري عذب جميل له تأثيره في نفس القارئ .
إن الأسئلة والتحدّيات التي يواجهها الشاعر تكاد تكون واحدة في كلّ العصور،وأنها«أقربُ إلى الأزليَّةِ منها إلى الآنيَّة،فالأسئلة التي كابدها هوميروس الإغريقي،أو فيرجل الروماني،تقاربُ المطامح الغامضة لامرئ القيس أو المتنبي العربيّين،وهي ذاتها التي قد يصطدم بها أيُّ شاعرٍ حقيقيٍّ في كلِّ عصر ومكان.ما يختلف هو الشرط التاريخي،وخصائص المرحلة.
الأسئلة الوجودية الداخلية لا تتغيّر،ما يتغيّر هو المعطيات الخارجية.
بهذا المعنى، فإنَّ الأسئلة تأخذ صـيـــــاغـــــــات مــتـــعــــدّدة ومـــخــتــلـفـــة لجوهرٍ واحد».وبهذا المعنى نفسه أضيف:
يبدو لي الشاعر الآن مثل الكائنات المهدّدة بالانقراض،وثمّة مِنَ الأشجار ما انقرَضَتْ فعلًا،أو مُسختْ إلى حجرٍ قاسٍ بلا ثمر أو ظلال،وهذا الحشد غير القابل للإحصاء ممّن يكتبون الشعر حولنا الآن أبطال وشهود على مأزق الشعر:انحسار نموذجه العالي،وشيوع الإسفاف والرداءة؛ لذلك فالمحنة هنا ذاتية مزدوجة قبل كل شيء،طرفها الأول أشرت إليه بتلك اللوثة الأزلية وغموض الأسئلة لدى الشاعر نفسه،وطرفها الثاني النماذج السائدة التي توحي بالقحط بل تُفصح عنه؛حيث التضحية بالفضاء الإنساني،والكوني،والركون إلى التعبير عن أوهام هويات ضيِّقة،والنزوع إلى .مطامح رثة..
ولكن..
للشعر التونسي روافد لا تحصى،تأتيه من منابع عدة،أبرزها تاريخ الشعر التونسي
الطويل،الحافل والممتد في عمق التجربة الإنسانية،والأسطورية.
شعر متعدد الطرائق والأساليب والرؤى،ومترع بالأسماء الكبرى،منذ بدء عملية التخليق الأوّلى للحضارات البكر،ولذلك نراه يتجدّد على الدوام،ويحفل بالتجارب والعطاءات والمواهب الكبيرة،والأسماء المميزة،واللافتة،والمثيرة.
أجيال ترفد أجيالاً متعاقبة وجديدة،وطالعة تخط ما تيسر لها من إشراقات شعرية،ومن نوازع وإرهاصات ودفائن رؤيوية،تقتحم بها عالم الشعر الواسع،والزاخر بالحركات،والتيارات والمدارس الشعرية،لتضيف لهذا النهر الكبير والجاري،أصدافها المتلألئة،لكي يظل لامعاً، ومضيئاً وجارياً،فوق أرض خصبة بالكلمات
الشاعر التونسي القدير د-طاهر مشي شاعر حجز لنفسه مقعدا للشعر في عالم الإبداع تونسيا وعربيا،إذ ينطق بموهبة شعرية عربية أصيلة،يخضب حرفه بشاعريته و فلسفة أشعاره لتمتزج المدارس الأدبية الشعرية في كتاباته المتماوجة بين الرمزية و الرومنسية،و ليصير التشكيل السريالي في الرسم ( الفن التشكيلي ) ظاهرا في قصائده معلنا ميلاد شاعر متجه إلى البحث عن طريقة و أسلوب خاص لتبليغ رسالته الشعرية في عالم سريالي رائع مملوء بالتساؤلات والصور الشعرية المكثفة المتداخلة و التي إن دلت تدل على جمالية الإبداع و التحليق بالقارئ في صوفية الوجدان و عبقرية البوح العفوية التي يغرق فيها الشاعر د-طاهر مشي..
و لعلني أستشهد بقصيدتين من روائع قصائده الشعرية :

(ساكن القلب)

أَيَا مَن تَسْكُن القَلْب
مَتَى بِالحُبّ تُحْيينَا؟
فَقَد هِمْنَا بِكُمْ حُبّاً
وبَات العِشْق يُدْمِينا
وَنبْضِي مِن هَوَى خِلّي
غَدَا بَدْرا يُنَاغِينَا
عليلاً شابَه عشقٌ
فَهَام الليْل يُشْجِينَا
وبَاتَ الجُرْح أشْوَاكا
وَهَولاً سَاكِنًا فِينَا
وَنَبْضِي قَد غَدا مِنْه
بِهَجْر العِشْق يَشْقِينَا
وقدْ زدْنا به حزناً
عَذابًا كَمْ يُجَافِينا
أَيَا مَن أَنْتِ فِي قَلْبِي
مَتَى تَأتِي لِوادِينا؟
تَجُودُ الأَرْض تَحْنَانًا
بِدَمْع العَين تَسْقِينَا
وَنُنْهِي عِشْقنا وَصْلاً
وَبعْدَ الهَجْر تَشْقِينَا
(طاهر مشي)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في حضرة عينيك

قد بات قلبي في مداها واستقرْ
يهمى دروبي في روابيها انتشرْ
في مقلتي قد صابني سهم النوى
إذ ثار بركاني وبالنار استعَرْ
فتردد الأوصال من عزفي شذا
والشوق تؤويه الضلوع لمستقَرْ
يا بسمة الثغر الذي نطق الهوى
في حضنك الأيام تلهو والقدرْ
ومسافرٌ شوقي على طول المدى
أذروه دمعًا من عيوني ما انهمَرْ
في وصلك المشتاق ما رام الجفا
والنبض مبتور وأشقاه السهرْ
يا موطني فالزهر يسقيه الندى
تعلوه أشواق الغرام فما انكسَرْ
جئت المجير لحبنا أبغي الرضا
جئت السلام لعشقنا طول السفَرْ
ردي إلى قلبي السلام وصافحي
يكفي جفاءً فالهوى نبضي بترْ
(طاهر مشي)

إن القصيدتين اللتين بين أيدينا من روائع الشعر (وهذا الرأي يخصني)،و لعل القراءة الإنطباعية التي كنت قد قدمتها سريعة،إلا أننا نلمس أسلوبا جديدا في إيصال الرسالة الإبداعية انتفضت فيه شخوص متعددة داخل الفضاء الشعري للقصيدتين( الشاعر-الوَجد – العشق– الغرام..مناجاة الحبيبة بأسوب شعري عذب..) ،فالخلق الفني متفاوت في جسد القصيدتين تبعا لإهتزازت نفسية الشاعر بين الصوفية و الرومنسية و الرمزية و الصورة السريالة الراقية ..
و نحن لا نبحث عن التجربة الانفعالية،بل نبحث عن قوة التاثير التي كان الشاعر موفقا فيها بطريقته الإبداعية،لأن معيار التمكن الفني لا يكمن في ارتباط القصيدة بذاتية المبدع،بل يتحوله إلى معيار التمكن الموضوعي عندما تترك القصيدة أثرها و مدى تأثيرها في عقل و قلب المتلقي للرسالة الإبداعية.
تجليات اللغة الشعرية لدى الشاعر الألمعي د-طاهر مشي :
ونعني باللغة الشعرية ما تعارف عليه النقاد من استخدام الشاعر لمكونات القصيدة اللفظية ذات التداعيات والدلالات الإيحائية،وهو ما اتفقوا عليه بالمدلولات الانفعالية للكلمة،ولا يعنينا في هذا المقام ما قال به بعض النقاد من مفهوم للغة الشعرية بأنها الإطار العام الشعري للقصيدة ، والتي يقصد بها مكونات العمل الشعري من ألفاظ وصور وخيال وعاطفة وموسيقا ومواقف بشرية .
وعليه،فقد تميزت لغة شاعرنا (د-طاهر مشي) في جل قصائده التي إطلعت عليها بالشفافية والوضوح،فهي بعيدة عن لغة التعتيم والتهويم في سرف الوهم واللاوعي،تلك اللغة التي تلفها الضبابية القائمة والرمزية المبهمة،فلغته ناصعة واضحة لا غموض فيها،وتعبر عن مضامينه بأسلوب أقرب فيه إلى التصريح المليح منه إلى التلميح،وهذا يعني أن الشاعر (د-طاهر مشي) ذو منهج تعبيري سلس،وقاموسه الشعري لا يحتاج إلى كد ذهني وبحث في تقاعير اللغة،وأنا إذ أصرح بهذا،إنما أغبط شاعرنا على الرؤى الواضحة والألفاظ المعبرة بذاتها.
وختاما لهذه الدراسة النقدية التأملية المتواضعة والمتعجلة أيضا أتقدم للشاعرالتونسي الكبير والمتألق (د-طاهر مشي )بالشكر و التقدير مع دوام إبداعه الراقي الجميل..
ولنا عودة إلى هاتين القصيدتين الرشيقتين،وغيرهما من القصائد العذبة عبر مقاربات مستفيضة..

محمد المحسن
L’image contient peut-être : 1 personne, debout et intérieur
L’image contient peut-être : 1 personne, gros plan

قراءتان لنص ذرات رصاص للناقد المصري / محمد البنا بقلم المفكر اللبناني / سليمان جمعة والناقدة كنانة عيسى

 قراءتان لنص

بقلم المفكر اللبناني / سليمان جمعة
والأديبة السورية / Kinana Eissa
( ذرات رصاص )
للمصري / محمد البنا
............
ذرات رصاص
.....

يتجاذبه طرفا مغناطيس، يقف مُتحيرًا، فقد خارت قواه، ولم يعد يقوى على تبين مساره الصحيح، يرنو بعينٍ يائسةٍ إلى الطريق المغبّر دخانًا وترابا، وبعينٍ متشككةٍ إلى الطريق النوراني المتسربل بعباءةٍ سوداء ماطرة.. تسقط بعض حباته، يتذوقها مرغمًا، يهلع!..لا يجد سوى طعم الدم، يهرع بعينيه إلى ملامسة التراب، يفزع!..يهمهم :الطعم ذاته لكن اللون مختلف.
يمجه، يمتعض، ما يزال بعضٌ من رائحةٍ تزكم أنفه، وهدير رصاصٍ يصم أذنيه، يأمر يديه أن ترتفع، وترتفع، وترتفع، أصبعٌ في أذنه، وأصبعان على عينيه، وأصبعان على أنفه، يبتسم بعد أن فعل فعلته، وتشبثت قدماه بالبقعة العمياء.
...............................
............
١- البقعة العمياء
.............
اي تعطيل الحواس التي تصله بالوجود المادي ..
فهو بين عين يأس و شك
تراب ودخان ..بين ضفتي مغناطيس مقاومة ان يكون حياديا ..جعلته بلا قوة .. كل ما ذاقه من الارض كان طعمه دما وما ذاقه كقطرة سقطت نورانية الطعم ذاته لانها بعباءة متسر بلة بالسواد
انما يختلف اللون .
الروحي والمادي يتجاذب الانسان ..ليس ذاتيا وحسب انما حركة المجتمع فاذا ما عطل حواسه ويرتفع عن الارض ..يصل الى العماء
تلك اشكالية وجودية حالة وقارة ...لا افق للانسان ان يرى او يسمع او يتذوق وتلك صفة صوفية ...فلا الحرب حققت له ما يريد ولا الدين حقق له بكل فروعها ...فوقع في البقعة العمياء ..بلا معرفة .
هناك غياب للتوازن في داخله وخارجه
الفرد والجماعة .
ما الرؤية ؟
ما المشروع للخروج من اللاتوازن ..؟
هل نستسلم لما هو واقع علينا ..هل نحتاج من ينقذنا ؟
هل فقدنا اتصالنا بالوجود.؟
هل العباءة التي تسربل الجهة النورانية تلوث نورانية الامل ..هل انكار التراب اي الارض يصلنا الى السلام ..ها هو طعم قطرته كمثل التراب دخان وتراب..
لا ارداة ..
لا معرفة.
سليمان جمعة...١٢ نوفمبر ٢٠٢٠
......................................

٢- الظاهر والباطن في نص ذرات رصاص

يبدع أستاذنا الكبير محمد البنا في رائعة مدهشة،تختزل عناصر السرد المكتملة وتجلياته في أسلوب رمزي مبتكر
اعتمد وجودية الموضوع و الحدث وغموض وقوعه،
الظاهري. بتغيير طبيعة الأشياء وماهيتها.
فالسارد الغامض يحدثنا عن( مجهول ما)
قد أنشبت الحيرة مخالبها في قوة بصره الفيزيائية الظاهرة، التي تنقّله مكانيًا وزمانيًا في تجاربه الإنسانية، فتختزن ذكرياته وأحلامه و كل مايراه بارتباطها بعقله، وتمتلك نواصي حواسه ما ظهر منها وما خفي، فتقف به أمام مفترق طرق جوهري، مرتبطة بكينونته المتذبذبة القلقة في حقيقة وجوده،
بين درب أشعث غائم للحياة الشبيهة بالموت بصعوباتها ومشقاتها وخطوبها
وبين درب مشرق ماطر وبهي سيرتقي بروحه لأنه نوراني بحت، رغم أنه مختنق بالتجارب الإنسانية الموجعة( لا يجد سوى طعم الدم) ، فينظر إليه بعدم اليقين والتردد
ويعود للدرب المغبر، تتذوق عينياه التي تلعب دور حواسه جميعها، طعم الدم ذاته، طعم التجربة القاهرة المضنيه، فتدخله في ارتباك وذهول وتتداخل حواسه الخمس بحواسه الباطنية الداخلية، يحاول البحث عن قرار يفيه مسؤولية اختياره المرير ، هل يسعى في درب الحياة القاتمة بأغلالها وتجاربها القاسية؟ أم يمضي في درب الألوهية الحدسي الذي سيرتقي به بتجارب أكثر قسوة للوصول للحقيقة؟
(المجهول) هو الإنسان الذي سيضحي برحلة وجوده الباطنية الشاقة، بتجاربها ومآسيها وآلامها صانعًا وهمه الخاص كي لا يختار فيأثم وكي لا يتحمل تبعات قرار قد ينقذه وقد يهوي به. سيتشبث بالبقعة العمياء متغافلًا عن حقيقة وجودية واحدة. البصيرة الذاتية المتعلقة بالوعي الباطن وتجارب الإنسان الحسية هي من ستنقذه وما ذرات الرصاص وهديرها إلا موت ذلك الحدس الذي سينقذ الإنسان من خوض تجارب قد خاضها قبلا دون أن يعي ذلك.
فالبقعة العمياء في عيوننا هي نقاط لا تستقبل الضوء، لانها عند مدخل العصب البصري، وحتى تكمل صور ما نراه، تقوم أمخاخنا بملء الفجوة بما تتوقعه من اكتمال.وتتلاحق لحظات العمى بتلاحق الأنفاس، فطالما نحن على قيد الحياة نعمى... باحثين عن الحقائق بين البصيرة والتبصر والبصر، فكم من تفاصيل واقعية يمكن أن تتغير في الصورة ونحن نرمش فلا ندرك حقيقتها، بينما يعوضها الحدس الذي لا دليل على واقعيته. ولعل ما يلخص هذا النص الرائع والمذهل لكاتبنا المبدع هو
ما نشرته دورية «نيو ساينتست» عن ذلك اللغز تحت عنوان مخيف هو: «الوهم الكبير» هو وهم أن ترى عيوننا ما تعمى هي عنه.
كنانة عيسى..١٣ نوفمبر ٢٠٢٠

L’image contient peut-être : 1 personne
L’image contient peut-être : 1 personne, gros plan
L’image contient peut-être : une personne ou plus et gros plan

التناص والبستمولوجيا في الأدب النسائي ....... قراءة انطباعية في نص الأستاذة صديقة صديق علي بقلم الناقدة كنانة عيسى

 التناص والبستمولوجيا

في
الأدب النسائي
.......
قراءة انطباعية في نص الأستاذة صديقة صديق علي

نساء في زمن الرداءة :

تحلّقن حول طاولة مستديرة، مأخوذات بحديث السيدة التي أفتتحت النقاش بجدية وحماس أجبرتهن على الصمت والإنصات :
- لم يكن شكسبير يعلم أنه سيحضر إلى بقعة عربية قصية وأن أمرأة دعته وستقرأه، ..ولا تشيخوف كان قادرا على أن يخمن شغف النساء بالقراءة له بعد أكثر من مئة عام على رحيله ،رغم أنه أكد بأنه يكتب للأجيال القادمة عله يغير شيئًا، وحده ديستوفسكي لن يستغرب انشغالنا به، فهو أسس لزمن يكون فيه للخير والمعرفة وجود، وسنقول له ما قاله لنا يوما :
-خيرٌ للأنسان أن يكون تعيساً وعارفاً من ان يكون سعيداً ومخدوعاً، نحن حقا يا سيدي لم نعد مخدوعات ولكننا لسنا سعيدات وهذا فقط ما تغير بنا.
- أتخيل فرحة قاسم أمين بنا، عندما يحضر سنخبره أن تعليمنا لم يتوقف عند الابتدائية التي ناضل كي نصل إليها، وأن حال الأمة سيتحسن بفضل تحسن أحوالنا فنحن لم نكتف بما توقعه – "هؤلاء الناس لا يريدون من المرأةِ أنْ تَتَعَلَّمَ إلا ما يفيدها في إدارة منزلها" – لكن ياسيد قاسم ها نحن أصبحنا ندير المدارس والجامعات والمؤسسات و..و ...لو حضر نزار قباني لرأى كيف هي المرأة المغايرة لحريم السلطان .. وعلى ضيوفنا أن يفهموا أن أفكارنا، تجاربنا، مشاعرنا و حصيلتنا المعرفية هي الأهم من تجاربنا المعيشية التقليدية ..علّهم يفهموننا ويشاركوننا التأسيس لابستمولوجيا موقعية نسوية لهؤلاء جميعا تركنا كرسيًا فارغًا على يسار كل منكن .
طال حديثها الشيّق لساعات طوال وطالت مداخلات الحاضرات عن الكتب التي قرأنها. وبات على يسار كل منهن كاتبٌ قرأت له وعليها تفنيد ما تحصلت عليه من معارف ، وعندما انتهين علت رؤوسهن فخرا وصرن كمن يتنفس هواء الحرية لأول شهقة.

- استراحة نشرب بها القهوة ونستغلها بالفكاهة قليلًا .قالت رئيسة الجلسة مبتسمة كي تعطي للجلسة نداوة الواقعية كما اسمتها:
- أطلب من كل واحدة منكن أن تسلّم هاتفها النقال للتي تليها وتقوم هذه بقراءة آخر رسالة وصلت ودعونا نصغي :
أربك طلبها الحاضرات ..لكنهن كالمسحورات سلمن هواتفهن بتلقائية
رسالة قصيرة1
زوجتي الغالية أعدي لنا الغداء، أنا قادم ومعي زملائي
أيتها المغضوبة لم لا تردي أين أنت؟ لقد أحرجتني أمام ضيوفي
رسالة 2
أختي كفي عن الخروج دون أذني ..سيأكل أهل الحارة وجهي

رسالة 3
زوجتي المجنونة ألم ينته بعد هذا اللقاء التافه؟ هذه الحيزبون تضحك على عقولكن وستخرب بيوتكن.
رسالة 4
أمي لم أعثر على جواربي علي الخروج
أمي لا تردي لقد أكلت صديقاتك عقلك
رسالة 5
ماما الغالية سآتي وزوجي ..لم أطبخ اليوم كنا بالسوق ..
رسالة 6
قلت لك ألف مرة لا تتركي الإضاءة مشغلة ..حضرتك لا تدفعين فاتورة الكهرباء بل أنا من سيدفع ,يلعن أبو من علمك قيادة السيارة ..عودي بها حالا أحتاجها .
مع انتهاء كل رسالة كانت رأس صاحبتها يخفض تلقائياً وعيونها تتسمر، بانعكاس وجهها المحمر على الطاولة الصقيلة. بقيت الرسالة السابعة التي تخص السيدة رئيسة الجلسة وصاحبة الفكرة إلا أن المكلفة بقراءتها كانت مترددة ولكن الرئيسة وقد ندى جبينها بقطرات من العرق البارد حثتها على أن تفعل دون إحراج أسوة ببقية السيدات:

رسالة 7:
حضر ولدنا وزوجته وتركا الأطفال هنا وغادرا البيت فورا ..أتعبني الركض خلفهم ..رفاقي ينتظرونني في المقهى أرجو أن تكفي عن الثرثرة و فعل مالا تتقنينه، وتعودي لمهامك الأهم .
بانتهاء الرسائل غشاهن الخجل، وجلسن مطأطآت الرؤوس صامتات .ثم رفعت إحداهن رأسها جالت نظرها على رؤوسهن وجلجلت قهقهتها في الصالة، تبعتها ضحكةُ الأخرى وكدومينو .. تدحرجت الضحكات تترى لتملأ أصداؤها فضاء المكان .
صديقة صديق علي
..........

التناص والبستمولوجيا في الأدب النسائي

وتبدع الأستاذة صديقة كما عودتنا بإبهار على إضاءة مدهشة لمحور مجتمعي هام، يخص فكرة قيمة المرأة العربية النخبوية المثقفة في مجتمعنا الشرقي الراهن، بحس تهكمي ممتع للغاية و بتناص مذهل مع محورين أساسين مميزين.
المحور الأول :
التناص مع رواية لويزا ألكوت، (نساء صغيرات) التي أضاءت بدايات الأدب النسائي في القرن التاسع عشر
مع تحول المرأة الطفلة إلى المرأة المكتملة التي تحاول فرض وجودها الإنساني في مجتمع ذكوري قاهر. وكانت الرواية بداية انطلاق الحركات المنادية بالمساواة بين الجنسين، ولاقت رواجاً واسعًا آنذاك لطزاجة موضوعها وتمرده الضمني ضد سلطة الذكر المجتمعية الكبيرة آنذاك. وبعد مئتي عام، تناضل المرأة العربية المثقفة بوعيها ونقمتها ،في دوائرها الضيقة من الرمز الذكوري.
خلال رسائل متنقلة، تظهر الحصار النفسي والعقلي الذي يعلن هزائمن المتواصلة، كصرخة أنوثية ناعمة هدفها الإيقاظ والتنوير
وفي المحور الثاني :
نرى الكاتبة قد ابتدت استهلالًا واضح الملامح بتقريريته،
لغرض إدخال القارئ في ربط ذهني مباشر مع مصطلح جوهري لرسالة النص. فركزت علي استخدام مصطلح الابستمولوجيا الذي وجد النور على يد الفيلسوف الانكليزي، جيمس فردريك فيرير الذي لخص مفهوم
التَّحليل الفَلسفي لِطبيعة المعرفة، ومدى ارتباطها بِمختلف المفاهيم، مثل: الحقيقة، والاعتقاد، والتَّبرير،
فماهي حقيقة قيمة المرأة المثقفة المستهلكة في مجتمعنا؟ وهل الاعتقاد بمساوتها مع الرجل إنسانيًا؟ كافٍ لتحريرها من الصورة الملتصقة بها كزوجة وأم وأخت مستضعفة؟ وهل التبرير الذي تظهره الكاتبة في تلك الثرثرة النسائية المنمقة، قادر على طرح ثورة بسيطة ستغير نظرة الرجل للمرأة العربية ككائنٍ من الدرجة
الثانية؟ أم ستخرج المرأة ذاتها من قوقعتها ومعتقدات المجتمع التي أَورثتها عبودية خفيةً تجاه بنات جنسها كذلك؟ كما رأينا في الرسالة الخامسة؟
ينتهي السرد المتكامل الشيق بالضحك الساخر، إنه المضحك المبكي،إنها فلسفة البقاء والصراع الأنثوي الذي
لن يرى الواقع إلا بإيجابية الوعي والنضج الفكري عند امرأة النخبة أولًا دون نساء الطبقات المسحوقة تباعًا.
في زمن تصنعه النساء ويحملنه في قلوبهن ويبقى رديئًا رغم ذلك.
أبدعت فأذهلت أستاذتنا الجميلة.
كنانة عيسى ..١٨نوفمبر ٢٠٢٠

L’image contient peut-être : 1 personne, gros plan
Aucune description de photo disponible.

الجزء الرابع من مقال الدكتورة الناقدة مفيدة الجلاصي الادبي " التذوق الابداعي في النص الادبي "

 الجزء الرابع من مقالي الادبي " التذوق الابداعي في النص الادبي "  

مهما تكن الوسائل والأدوات التي، يعتمدها الناقد للإقناع فإنه "لا بد أن يواجه مشاكل الكفاءة الأدبية حالما يبدأ الحديث، عن الأعمال اللآدبية، ذلك أن ما يقدمه عبر خطابه النقدي إنما هو إنتاج للمعاني، يجعله واثقا من أن قراءته ليست قراءة عشوائية بل هي نابعة من معرفة أدبية وعلاقة وثيقة بالنص المقروء جعلته يدخل في جدل نقدي معه بتصورات فكرية أدبية تنتهي به إلى إجراء تحليل ثري بمتهجية توليدية منتجة للمعاني تعكس ما يمثله هذا القارئ من طاقة نقدية وبراعة في الاستنباط للدلالات لا سيما في مسألة تفسير الشعر ذلك "أن للشعر، معاني معقدة يصعب جدا توضيحها وازاء ذلك فإن المحلل يجد ان افضل، استراتيجية يتخذها هي، ان يتصور ان المعاني، التي، يشرع في تفسيرها، قد نقلت إلى القارئ، وبالتالي عليه أن يفترض، سلسلة من الخطوات العامة كمسلمات يتخذ، منها وسيلته لتوضيح، هذه المعاني واية معان اخرى مماثلة في قصائد اخرى" كما بين" جوناثان كولر "
إن هذا الحكم أو الموقف جوهري لأن قراءة الشعر عمل يفضي بالناقد الى انتاج المعاني وابتداعها بالاعتماد على سلسلة من القواعد التي امتلكها فأهلته لأن يكون خبيرا بالقراءة التحليلية التفسبرية،التي، تقوم على أساس، مضموني، دون أن تخرج عن سياق الاعراف الادبية المتفق وبذلك يسهم في بناء "نظرية الأدب" التي،هي" في جوهرها نظرية في القراءة" (انظر سامي منير عامر " وظيفة الناقد الأدبي بين القديم والحديث ط1، دار المعارف 1984 ص 48)
رغم اختلاف توجهات النقاد وطرائقهم في التحليل والتفسير فانه لا يمكننا الشك في انهم اسهموا في بناء نظرية الادب وقد تجاوزوا في ذلك ما قدمته البنيوية التي تعطي الاولوية لواجب صياغة نظرية الكفاءة الادبية في القراءة النقدية تراعى فيها الاعراف الاعراف الادبية
على انه لا بد من التاكيد على ان عمليات القراءة تختلف باختلاف الاجناس الادبية كما بين الباحث " جوناثان كولر" في مؤلفه" الكفاءة الادبية" في قوله" ولا احد يشعر بالازعاج من حقيقة أن الحدود بين الادبي واللادبي أو بين جنس أدبي وآخر تتغير بين عنصر وآخر وعلى العكس من ذلك فان التغير في أساليب القراءة يقدم احسن دليل على الاعراف الفاعلة في القراءة في فترات مختلفة "
ان القراءة المعتمدة على الاعراف الادبية لا تنفي ان قراءة الشعر عمل ابداعي وهو ما عبر عنه الباحث " سامي سمير" " بالقراءة الموحية " ( انظر كتابه" وظيفة الناقد الادبي بين القديم والحديث" ص : 48)
والقراءة الموحية هي تلك التي تبعث على " اللذة الجمالية" التي لا تبوح بسرها الا بعد كشفك عن جزئيات هذا الشكل ناظرا إلى مدى " فاعلية خيال الشاعر " في ايجاد علاقات في القصيدة بين اللفظة واللفظة منسقا بين هذا كله خلال ايقاع خاص كي تستوي في النهاية خبرة جمالية يعاود كل فرد متذوق معايشتها فتتجدد الخبرة الجمالية بين القارئ والمقروء " كما اكد الباحث " محمد مصطفى بدوي "
ان فاعلية خيال الشاعر هي التي تدفع النقاد الى الاهتمام باثر أدبي ما يتولاه بالدرس والمعالجة ليستخرج كوامنه بما لديه من قدرة تذوقية لمادة هذا الأثر لان عمل الناقد ينصب على الادب لا الاديب وبضاعة الناقد مادة مقروءة سطرت في كتاب يقرؤه ويفهمه ويحلله ويشرحه
ويبقى المقصود بفاعلية خيال الشاعر في ايجاد علاقات هو ما عنان" كولردج" بالخيال الثانوي الذي من اهم وظائفه انه يذيب ويحطم لكي يخلق مرة اخرى بطريقة اشبه بالصهر كما يرى " زكي نجيب محمود " في كتابه " هموم المثقفين" ص: 253 ان " الخيال يخلق للفنان ما لم يره في حياته قط لان الفنان يتمتع في خلقه بحرية لا تتوف لسواه من أفراد الناس"
ان خبرة الناقد بكوامن الأثر الأدبي تاتي بما امتلكه من كفاءة في قراءة تذوقية نقدية فيها الكثير من الخلق والابداع وتصاعد " الوعي الثقافي" على حد تعبير الاديب الناقد " مصطفى سويف " في كتابه" دراسات نفسية في الفن ص" 32" في تفسيره لمفهوم الوعي الثقافي إذ يرى اهميته البالغة لانه هو الذي يكسب خبرة التذوق دلالتها الوجدانية والعقلية لدى الناقد الذي يلم بما يسري داخل النص من عوامل الابداع الفني التي تضم اجزاءه وتجعله يبدو كيانا عضويا موحدا
بهذا تتجلى العلاقة بين المبلغ والبلاغ الادبي والمبلغ اليه وهي علاقة ذات مستويات متعددة ابداعا وقراءة ونقدا والذي يهمنا هنا هو الناقد الذي يقرأ الأثر الأدبي ثم يقدم انطباعه إزاء ما يقرأ فيحيل العملية النقدية الى عملية ابداعية بما لديه من قدرة تذوقية مؤسسة على معرفة نقدية ولقد كانت ل" طه حسين" اراؤه في قضايا الذوق الادبي'حين طرح موضوعات من قبيل : المثل الشعري الاعلى والذوق الادبي الحديث والمذاهب الفنية للشعراء ومصادر الجمال الفني في الأدب العربي قديمه وحديثه كما لا يفوتنا انه سعى في نقده الى فهم شخصية الشاعر أو الكاتب'وعصره وفنه لذلك كان سعيه حثيثا نحو إرساء نقد قائم على الذوق والمعرفة عندما يعكف الناقد على درس الآثار الادبية وهو ينشد حصول تالف فكري ووجداني بينه وبين ما يقرؤه ليخرج في اخر المطاف بقراءة تحمل رؤية جمالية في اطار خطاب نقدي لا يخلو من الابداع بما انه يعكس ما يمتلكه هذا الناقد من خبرة أدبية أو كفاءة نقدية
(يتبع)
(الدكتورة الناقدة مفيدة الجلاصي)

L’image contient peut-être : 1 personne, assis et intérieur

الخميس، 12 نوفمبر 2020

الهوا في الغيط بقلم الفلاح الفصيح الشاعر معوض حلمي

 هذا جزء من قصيدتي ألقيتها

في إحدىحلقات برنامج الجمهور
العربي على قناة مصر الحياة
.......................................

( الهوا في الغيط )

..............................

ياللي فاكر كايرو غنوه
ولسه ناوي ع الرحيل
البساطه برضه ... حلوه
والبراح في الريف جميل
الدفا في الأهل عزوه
والهوا في الغيط عليل
المصطبه لمانا ..... لمه
لسه برضه عايشه فينا
ذكرياتها ......... بتنادينا
مهما غيبنا ..... واتعالينا
هوانا هيه ...... ومنتهاه
نحن ليها لو ...... نسينا
المصطبه فيها..... الحياه
واللي يتعالى ..... علينا
أو يغره في يوم غناه
يفتكر المثل اللي فينا
( من فات قديمه تاه )

ريفنا واحه ....... للأمان
كان زمان وكان وكان
لسه برضه قلوبنا شابه
يعني ممكن يابن عمي
نعدل المايله ..... بمحبه
لما همك هو ..... همي
تشيلها حبه واشيلها حبه
نمشي بالمعروف نطيب
لسه فينا الأصل طيب
مهما زاد العيب وعيب
لسه نبع الخير مالينا
والنبي الهادي ..... نبينا
نهجه مالي نور عنينا
القلوب عايشه بحنانه
جوا روح الروح مكانه
سيرته باقيه شفاعه لينا
...............................
بقلمي الفلاح الفصيح
معوض حلمي
منشأة بطاش
تمي الأمديد  
دقهلية

L’image contient peut-être : ‎une personne ou plus, personnes debout et plein air, ‎texte qui dit ’‎الهوا في الغيط بقلمي الفلاج الفصيح حلمي معوض معوضحلمي شاعر عاميه منشاة بطاش تمي الأمديد دقهلية‎’‎‎