الثلاثاء، 10 نوفمبر 2020

عبد الرحيم وكنانة يقدمان مهارتهما النقدية بأسلوبهما المميزين، في قراءتين منفصلتين لنص ( الذي تفرون منه ) للقاصة السورية الواعدة / منى عز الدين،

 قراءتان مختلفتان

لنص واحد
.........
عبد الرحيم وكنانة يقدمان مهارتهما النقدية بأسلوبهما المميزين، في قراءتين منفصلتين لنص ( الذي تفرون منه ) للقاصة السورية الواعدة / منى عز الدين، فلنرى سويًا مدى براعتهما في ابداع دراستين احداهما أكاديمية والأخرى تنتمي للمدرسة النقدية الحديثة بتصرف مستحب.
............
التناص / الحوار / البناء السردي.
ثلاثة مداخل لقراءة قصة ( الذي تفرون منه )
للمبدعة الأستاذة منى عزالدين ...

🔲 التناص ..
التناص هو مصطلح نقدي يقصد به وجود تشابه بين نص وآخر أو بين نص وعدة نصوص ومن أشكال التناص التطابق بين نصين ، وهنا تقودنا دلالة العنوان مباشرةإلى قوله تعالى في الأية الكريمة من سورة الجمعة( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ )
هذا التناص والذي تؤكد به الكاتبة فكرة رئيسة؛ فكرة الفرار والهروب من( القهر / الحرب/ الموت ) هذا الهروب المبرر والذي تعددت أسبابه فكانت كمقدمات منطقية لأحداث مرتبة ومتسلسة بدايه من( الفقد/ الخوف/ القهر) تشابكت جميعا فأدت لنتيجة واحدة وهي أن الذي تفرون منه ( فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُم ) وهو ما أبدعت الكاتبة في
وصفه وتصويره عبرمجموعه من الصور المركبة لرحلة الهروب.
(أقدامها الصغيرة كانت تشخب دما، حملتها بيد وكيس أمتعة بيدي الأخرى ومضينا مع غيرنا)
،(كانت خائفة، وكلما أرخيت قبضتي حول خصرها من التعب صرخت في وجهي؛ أين أبي ؟)
( هذا الطريق يشبه وجهي مجعدا ليته كان كوجه أبي)
،( أكملت قذيفة العد أربعة خمسة صاروا اشلاء على بعد أمتار منا، ومطر ملون حارق انهمر).....

وهنا أيضا تتجلى صورة أخرى من صور التناص وهو ما يطلق عليه تناص التفاعل وفيه يتفاعل المبدع مع نص فيعبر عنه مع تغيير في الصياغة
الأصلية، بما يخدم فكرته وأهدافه وقد تفاعلت الكاتبة مع قوله تعالى من سورة الرحمن ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ ) عبرت الكاتبة عن معنى الأية بقولها (لتجدني وحدي معها على أرض تنبت الخوف كل يوم، وترمينا سماؤها بالشواظ )
وكأنها تعيد لأذهاننا المعنى الأول ( الذي تفرون منه ) وتؤكد على نتيجته الحتميه ( فإنه ملاقيكم ) وترتبط هذه النهاية بالفشل والهزيمة مع تكرار محاولة الهروب ( فلا تنتصران ) وتتجلى هنا صورة بديعة من خلال هذا التفاعل صورة هؤلاء المستضعفين الهاربين والسعي المستمر لتشويه صورتهم من خلال محاولة دائمة لشيطنتهم؛ لتبرير قتلهم وقصفهم فقط من أجل رفضهم الظلم والقهر وبحثهم عن الأمن والسلام
(اطمئني هناك حياة كلها بيضاء
فقط اصبري واستعجلي ) هذه الشيطنة والتي اكتسبت دلالتها من التناص الحاصل في الحالتين
حال صعود الشياطين لاستراق السمع، وحال هروب المقهورين بحثا عن الأمان (يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ )
(وترمينا سماؤها بالشواظ )صورة بديعت لو لم توفق الكاتبة لغيرها لكفتها في تصوير معاناة فئة كبيرة تعاني الظلم والخوف والفقد والتشويه .....

🔲 الحوار....
ترجع أهمية استخدام وتوظيف الحوار في بناء الخطاب السردي إلى كونه عنصرا هاما، فمن خلاله تمكنت الكاتبة من تشكيل البناء الفني للحدث القصصي، كما أنه ساهم بشكل كبير في تطور وتصاعد الأحداث وصولا للنهاية، إضافة إلى أن الحوار بين الشخصيات ساعد الكاتبة على وصف مشاعر الأشخاص وردود أفعالهم المختلفة ( الفرح، الحزن، الخوف، الحب، الكراهية، الفقد ....الخ ) تجاه المواقف والأحداث، كما استعانت الكاتبة بالحوار لرسم أبعاد الزمان والمكان باعتبارهما اطارا للحدث السردي، ومن ثم تمكنت من رسم ملامح وصفات الشخصيات الرئيسية في القصة؛ فالأم كانت عصبية (هممت بتوبيخها)، حنونة (حملتها بيد وكيس أمتعة بيدي الأخرى) وحيدة خائفة (وحدي معها على أرض تنبت الخوف كل يوم) شجاعة جسورة (لاتخافي ألعاب نارية انبطحي) متألمةوصابرة ..( طفرت من عيني شظية حرقت وجهي، التهمت الكلمات والتبريرات)..
والفتاة/ الابنة تعيسة (ابنتي ذات الأعوام الخمسة ومثل نصفها قهر) خائفة تبحث عن الأمان ( كانت خائفة، وكلما أرخيت قبضتي حول خصرها من التعب صرخت في وجهي؛ أين أبي ؟) ذكية ولماحة
(هذا الطريق يشبه وجهي مجعدا ليته كان
كوجه أبي )، مشاكسة (أحنت رأسها وضغطت على شفتها العليا وهي تصوب نحوي نظرات لوم)، (حسنا يامشاكسة قلت لك ستختفي هذه التضاريس عندما نصل وليس على الطريق)، كما كان للحوار أثر كبير في إضفاء صفة الواقعية على الأحداث عن طريق ربطها بالشخصيات، وقد اعتمدت الكاتبة أسلوب الحوار المباشر هروبا من من رتابة السرد المطول وهو ما ساهم بدوره في إثارة المتلقي وتفاعلة مع الأحداث وردود الأفعال التي لم يكن يتوقعها ..
( قطبت حاجبيها من جديد
كذبت علي ولم تحضري بلبلي
_اصمتي قليلا وركزي في خطواتك ، سأشتري لك واحدا عندما نصل
_أبيض لاتنسي
لا أريده ملونا مثل الألعاب النارية
_اطمئني هناك حياة كلها بيضاء)
ولعل حرص الكاتبة على توظيف الحوار من خلال عبارات مقتضبة وردود سريعه قد ساهم في الكشف عن قوة البناء السردي وذلك بالاشتراك مع عناصر القص الأخرى كالزمان والمكان والشخصيات .

🔲 البناء السردي ...
البناء السردي هو نسيج محكم يتكون من مجموعة من العناصر كالحدث والشخصيات والزمان والمكان
وقد تشاركت هذه العناصر مجتمعة في بناء النص بداية من المقدمة وصولا لنهاية القصة
١- الحداث أو الأحداث...
دارت أحداث القصة حول حدث رئيس وهو فكرت الهروب من ويلات الحرب المستعرة والتي راح ضحيتها آلاف الآبرياء
(صاروا اشلاء على بعد أمتار منا، ومطر ملون حارق انهمر ) ارتبط هذا الحدث بأحداث أخرى ثانوية وظفتها الكاتبة بمهارة لخدمة الحدث الأصلى فجاءت الأحداث مترابطة متصاعدة تسير وفق حبكة محكمة ....

٢ - الشخصيات...
دارت أحداث القصة حول شخصيتين رئيسيتين (الأم وابنتها ) مع إشارة إلى شخصية الأب الغائب
وكان للتشابه الكبير بين الشخصيتين أثره في كثير من الأحداث هذا التشابه ألقى بظلاله على حال الكثير من النساء حين تفقد إحداهن زوجها وتتحمل مسئولية الأبناء فتكون أما وأبا معا في آن واحد وهو ما ينعكس على أسلوبها في تربية الأبناء في محاولة منها لتعويض دور الأب والقيام بمهامه ومسئولياته .

٣ - الزمان والمكان ...
كانت الإشارة إلى الزمان بالقصة إشارة مبهمة فضفاضة فيما عدا الإشارة إلي عمر الطفلة
(ابنتي ذات الأعوام الخمسة ومثل نصفها قهر)
فالكاتبة لم تحدد زمن القصة وإنما اكتفت بالإشارة إلي أن الأحداث تمت وقت أن كان عمر الطفلة خمسة أعوام، وربما كان لهذا رمزيته ودلالته في إسقاط القصة على الواقع، فقصة الفقد والفراق والهروب من ويلات الحرب قصة متكررة كثيرا ما تتشابه أحداثها في معظم البلدان والدول التي عاشت وعانت ويلات الحرب وآثارها المدمرة.

كما لم تكن الإشارة إلى المكان أوضح من الإشارة إلى الزمان، فلم تذكر الكاتبة ولم تحدد مكانا أو بلدا بعينه بل تركت للمتلقي حرية قراءة المكان وتحديده تبعا للايحاءات والدلالات الواردة بالنص
وكانت الإشارة إلى المكان فقط من خلال مفردات؛ الأرض (على أرض تنبت الخوف كل يوم )، المستشفى (شقت صرختها الهستيرية جدر المشفى)، المتجر ( لتشتري لعبة من المتجر القريب)
هذا التعميم كانت له دلالته ورمزيته، حيث يمكن سحب المعني العام للقصة لتصبح معبرة واقع مأساوي لكثير من الدول والبلاد التي تعاني شعوبها ويلات الحرب والدمار ....
قصة (الذي تفرون منه ) قصة اكتملت فيها عناصر القص، قدمت الكاتبة من خلالها نموذجا رائعا للقصة القصيرة تضاف إلى رصيدها الإبداعي المميز، خالص الأمنيات بالتوفيق والتميز الدائم.

عبد الرحيم خير ..نوفمبر ٢٠٢٠
........................................
........................................
..التبئير والخطاب السردي في قصة الأستاذة منى عز الدين
(الذي تفرون منه)
النص
.......

لم أدرِ ما الأمر، فاجأتني بصرختها الخافتة حين تلقفت بكلتا يديها الصغيرتين البلبل عن طاولة العرض ، هممت بتوبيخها ..استوقفتني نظرات خيبة تفيض من عينيها على أناملها الدقيقة المنهمكة بفرك سطحه لاعنةً ألوانه وكأنها تستدعي ماردا فيه ليقضي على طلائه

ابنتي ذات الأعوام الخمسة ومثل نصفها قهر.
تفتحت مداركها على الحياة لتجدني وحدي معها على أرض تنبت الخوف كل يوم، وترمينا سماؤها بالشواظ .
فنتدرأ بالهروب وننتعل الخوف.
أقدامها الصغيرة كانت تشخب دما، حملتها بيد وكيس أمتعة بيدي الأخرى ومضينا مع غيرنا في نهر بشري
أو هكذا كنا نظن، لكنه وللحقيقة نهر ماء ابتعلت الأرض نصفه، وتعلقت الأوساخ والأتربة ببعض روافده ..

كانت خائفة، وكلما أرخيت قبضتي حول خصرها من التعب صرخت في وجهي؛ أين أبي ؟

_ ينتظرنا هناك ياابنتي
_تكذبين علي ثانية
_ألا تثقين بي ؟!
أحنت رأسها وضغطت على شفتها العليا وهي تصوب نحوي نظرات لوم، مررت يدها الصغيرة على تضاريس صنعها الجلد المنكمش في خدها
- حسنا يامشاكسة قلت لك ستختفي هذه التضاريس عندما نصل وليس على الطريق
والآن عليك أن تسيري لأرتاح من الحمل قليلا
- هذا الطريق يشبه وجهي مجعدا ليته كان كوجه أبي
أو ليته كان أملس كسطح بلبلي الأبيض
قطبت حاجبيها من جديد
_كذبت علي ولم تحضري بلبلي
_اصمتي قليلا وركزي في خطواتك ، سأشتري لك واحدا عندما نصل
_أبيض لاتنسي
لا أريده ملونا مثل الألعاب النارية

_اطمئني هناك حياة كلها بيضاء
فقط اصبري واستعجلي

أبي انظر سوف أسير بسرعة كي ألتقيك في الحياة البيضاء
_رددتُ مشجعة
واحد اثنان ثلاثة

أكملت قذيفة العد أربعة خمسة صاروا اشلاء على بعد أمتار منا، ومطر ملون حارق انهمر

_لاتخافي ألعاب نارية انبطحي
_كتلك التي أكلت وجهي .. اكره الألوان أكره الألعاب
ابتلع الهواء صوتها

في صمت مهيب تحسست مكانا شاغرا أسفل جسمها وامتلأت بالدموع
شقت صرختها الهستيرية جدر المشفى؛

_أمي أمي
أنا لا أثق بك
ألعاب نارية أكلت قدمي

طفرت من عيني شظية حرقت وجهي، التهمت الكلمات والتبريرات.

كانت الممرضة تمسح دموعها وهي تبدل الضمادات
وراما تصرخ بأعلى صوتها
وجهي قدمي
أبي ...أين أبي ؟

مسح على رأسها بحنان وتابع عمله بإتقان
-أبوك بعث لك بقدم والآن ستسيرين بها لتشتري لعبة من المتجر القريب

مشت بتثاقل وأمام واجهة المتجر ضحكت لبلبل أبيض يدور بسرعة فائقة
جذبتني من يدي ودلفت مسرعة وهي تردد
_ وأخيرا صدقتِ إنه البلبل الأبيض

كان من الصعب أن أشرح لها أنه ملون لكن دورانه السريع جعله بلون البياض
أطرقت عجزا وهي تصرخ
إنه ملون كتلك الالعاب النارية
هل نحن مازلنا هناك .
لاتجيبي
أنا لا أثق بك ولا بالألوان

تمت

 منى_عزالدين/سوريا
.....................

في هذا النص ،نرى رقصًا موجعًا بطله الخطاب السردي، يبدأ بعبارة استهجان مقصودة، ورمزية إنسانية موجعة
تثير قلق القارئ ونزعات نفسه في البحث والاستقصاء عما يحدث وعما سيحدث. وقد انطلقت الكاتبة من بناء
شخصيتين عنيدتين متشبثتين بالحياة الظالمة وببعضهما البعض، و استطاعت أن تصور بانتقائية مدهشة حلم النازحين والناجين من ويلات الحروب(الألعاب النارية) ب
البلبل الأبيض) الذي يختصر أحلام الطفولة البريئة ومعاناتهاالحتمية في حرب قاهرة تلوك الأرواح قبل الأجساد ولا تميز ملامح الطفولة وبراءتها في تدميرها القسري لروح الإنسانية الغائبة.

بدأت الكاتبة الاستهلال بمقدمة غامضة عن طفلة تلهو ب بلبلٍ، باحثةً عن سكينة مؤقتة، لتدخل القارئ بلغة جميلة وأسلوب شيق مكان السرد الموصوف بدقة وتخبره عن زمان متكرر المذاق والطعم، فيشع الحدث من المتن في الحوار بين الطفلة التي تعاني عذابات الحياة وبين أمها التي تزين لها بيئة مدمرة مشوهة فلا تسعفها الأكاذيب الجميلة في تلوين واقع مدمر متهافت لا يرحم
وننظر للحوار التي خلقته الكاتبة بدقة شديدة وهو يصور
وحشة الطفل الإنسان، المنعزل المتوحد، إزاء العالم الوحشي في صممه الأزلي عن نداءات الطفولة البريئة ، ليلملم أيضا في طريقه معاناة الإنسان العربي العابر بآلامه والهامشي بوجوده والمنسي بمعادلة موته وحياته.. وننظر لجوهرية الخطاب الغير المباشر بين الشخصيتين:
وهل يوجد أمل للطفولة المشوهة و المعاقة ب(تضاريسها) ؟
_أبيض لاتنسي
لا أريده ملونا مثل الألعاب النارية

_اطمئني هناك حياة كلها بيضاء
فقط اصبري واستعجلي

استخدمت الكاتبة مفهوم التقابل بين رمزية حياة السلام والنصع واللون الأبيض وبين الألعاب النارية التي تعتبر مظهرًا من مظاهر الاحتفال ولكنها احتفالية الموت والفناء وليس فرح البدايات الجميلة.
ينتقل المكان ويغير الحدث طبيعته بتغير الحوار، فالطفلة وقعت فريسة القذائف في رحلة الهروب من الموت إلى الحياة، والمكان(المشفى) أصبح شاهدًا على عذابات الطفلة التي فقدت قدمها، في نفس الزمن العائم الذي أبقى على سوداوية المشهد، وغلفه بغموضه.
، تعمدت الكاتبة حصر الحدث بتئبير عميق، التصق بمفهوم الطفولة وزمن الحروب وكيفية تعامل الوعي الإنساني في لحظة التنوير المطلقة، حيث تتكاثف عناصر السرد وتنطلق باتجاه بؤرة الحدث

_أمي أمي
أنا لا أثق بك
ألعاب نارية أكلت قدمي

وبالطبع فالكاتبة المبدعة لن تترك المتلقي مشدودا بوجدانه لمنظور الطفولة والأمومة بأفكارهما النمطية، المتوقعة، بل ستتابع رسم ملامح النهاية المدهشة،بالأم التي تجيد الكذب الأبيض وبالطفلة التي فقدت ثقتها بالحياة ، بالألوان الجميلة و بقدسية حكايا الأمومة وعذوبتها.
لا نجد لغة متكلفة مقعرة ولا نرى تناوبًا أو تقطعًا في
المشاهد، لكننا نرى (أن ما نفر منه كلنا) هو ضمير مستعار لا يمت للإنسانية بصلة، يشبه البلبل الملون الذي لن يثق به الأطفال الناجون من حروب قتلتهم رغم بقائهم علي قيد الحياة، لن تنزع من أرواحهم تلك الشروخ النفسية الغائبة والحاضرة كأب الطفلة (راما) الغائب بحضوره والحاضر بغيابه.
ابداع مدهش... واسلوب مذهل وقصة لا تتكرر
كنانة عيسى...٨ نوفمبر ٢٠٢٠

L’image contient peut-être : ‎‎عبدالرحيم خير‎‎
L’image contient peut-être : 1 personne, gros plan
L’image contient peut-être : plante, nature et plein air

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق