قراءة في نصوص الشاعرة نجاة لشطر بقلم الشاعر طاهر مشي
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
قال الكاتب والفنان الروائي العالمي "فيودور دوستويفسكو" (1821 -1881) "إن القيام بخطوة جديدة أو التلفظ بكلمة جديدة هو أكثر ما يخشاه الناس"
وها أنا أبحر مع الحرف دون تواني، فعندما تحلق الذاكرة وتتواطأ القريحة مع الفؤاد، وتتمعن من زاوية مختلفة أمرا ما بنظرة متجددة ملؤها الأمل، فقد ترى الإبداع يطوق نظرك والنور يشع من أقصى المدى، هكذا هي الرحلة الممتعة التي امتطيت صهوتها مسافرا مع الحرف، مع قلم مبدع يطل علينا من باريس الفرنسية، حيث تقيم مبدعتنا الشاعرة التونسية المتميزة نجاة لشطر، فتجود القريحة وتنثر الدرر بين أعيننا لنستمتع بالحرف ونبحر في سفن محملة بالجمال والصور الخلابة، حيث نغوص في مكامن الحرف آملين أن ترتوي القريحة من هذا الزاد المفعم بالإبداع،
فقد شدني النسق الجمالي المتواتر في نصوص الشاعرة نجاة لشطر، فما تجد من وصف للجمال إلا الشعر، فبه لغة وبيان تجعل الوصف ثاقبا كحد السيف لتتشكل الصورة الجميلة وتظهر حينها ملامح الإبداع.
هي مجموعة قصائد نشدت فيها الشاعرة صيغة لنبضها الذي يرج ضلوعها، لتشكل بكل نص ملامح لمشهد من هذه الحياة، فيها من حب الحرف وموهبة الكتابة نصيب كبير حتى تشهد اللغة جمالية الحرف وروعة النظم والصياغة،
فقد ناجت القلم في قصيدة جميلة حد الانصهار،
" متى ستهدأ هذه الأفكار
رغم سكون الليل وسواده
هي دائمة الابحار
تصارع أمواج الذكريات و فتات أحلام
ترفض الخضوع"
حتى ترسم لنا لوحة عاشقة فيها من جمال الحرف واللون ومن بيان الحرف وروعة المشهد،
الشاعرة سخرت ملكتها الشعرية لتبدع في الوصف وتبيان ما يخالج قريحتها في نشأة الحرف بين ضلوعها وقلبها النابض المحب للحياة، فكاني بها تناجيه في كلمات وتختار الورقة والقلم لتبوح عندما يضج صدرها بالكلم،
كان الأمل حاضرا في جل قصائدها، حيث شكلت هذه النصوص بوحا مخضبا بالتفاؤل معلنة الإستمرارية في الحب وحب الحياة وبالتالي تشكل اللوحات والمشاهد الإبداعية في كل نص تصوغه لنا، آملة أن نهتدي لتلك الحوافز التي ميزت قصائدها، علني قد بالغت أو تماديت في نقش ما خالجني من لهو القراءة وحب الغوص لكنها حقيقة يمكن أن يتبينها كل من تذوق الشعر وغاص فيه،
وهذا الحلم المنشورد الذي يعزفه كل شادي، فقد تبين نضجه في العديد من المواقع في نصوص شاعرتنا المتميزة نجاة لشطر فقد همست للقارئ في قصيدة متميزة فيها صمت وفيها شرود لكنه همس حفيف يطرب المتلقي بكل مافيها من صور الجمال حيث قالت في قصيدة "يا بعض كلي"
"ها أني
في سفر دائم
مع حلم
يسكنني
يهمس لي بكلمات وكلمات"
وهذا الحلم يسافر بنا طويلا ويجعلنا نتمادى في الغوص والسفر الممتع مع مبدعتنا، مع عدة نصوص متميزة نتبين فيها مهية الحرف وجمال الصورة الشعرية فيها، ومن هذه النصوص،
"...ايتها الذاكرة ..."
"........ كان يا ما كان ......."
"آه آه يا أفكاري"
"...هسيس امنية ..."
"...مغرورة يا انا ..."
"...ابحث عني...."
"....يا أنا يا انت...."
"....و يبقى الامل ..."
"...مناورة على قلعة الحب..."
كل هذه النصوص وغيرها مما وجدنا في هذه المجموعة شكلت ذات وشخصية وجدانية متميزة، لها من النبض ما يزخر به الكلم ولها من الوعي والتميز ما يجعلها مبدعة تسير بثبات وتغوص في عالم الأدب بخطى ثابتة متميزة، وقد شكلت هذه المجموعة، باقة أدبية متميزة سعدت جدا بقراءتها بشراهة والغوص في مكامنها،
هذا التنوع الذي لمسته والمرونة المتواترة في نصوص المبدعة قد ولد جمالا ابداعيا فكلما وجدت تراكيب دلالية مغايرة وصياغة بديعة في الكتابة أكيد ستجد الدهشة الكامنة بين السطور والتي تشد القارئ المتذوق لهذا العلم البديع فتتشكل الصورة جلية في محراب الكلم، ومن هذا المنطلق ينظر القارئ للنص الإبداعي حتى يتبين جماليته فتتحقق الغاية للكاتب والمتلقي،
وقد شهدنا في بعض النصوص أكثر من صورة إبداعية وبحنكة لغوية متميزة حيث تسافر مع القلم دون عناء، وحلمها في حركة دائمة بين الارض والسماء، فقد انشد القلم في نص " هسيس امنية"
"نجم شارد هناك
سمع امنية
وشوشها قلبي
وهمسها للقمر"
........................ إلى غاية
"سألملل شتات أمنياتي الهاربة
أجمعها في صندوق للذكرى"
فهذا الجمال الموصوف الذي نراه من صورة وبيان هو مرتبط بذاتية الشاعرة، تداعب القلم وبدع كلما رق فؤادها واشتاق الورقة البيضاء، ...
هنا أذيع براعتها وتميزها وهنا أبوح يما خالجني حين مررت بين سطورها راجيا لها التوفيق والنجاح في كل خطوة .
ما كتبته لا يفي حق الشاعرة في ما تقوم به من عطاء ونصوص متميزة وجميلة، لكنه فقط عبور على ما قدمت وأتمنى أنني فتحت بؤرة من نور، ينظر من خلالها القارئ بكل أنواعه سواء ناقد أو شاعر أو كاتب، حتى يتيح لنا المتلقي صورة وبصمة لما قدمت لنا الشاعرة المبدعة نجاة لشطر من رونق الحرف وجمال القصيدة،
تمنياتي لها بالنجاح والتوفيق وشكري العميق لما جادت به الشاعرة من جمال،
تحياتي وودي
الشاعر طاهر مشي
Lachtar Najet

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق