الأحد، 20 ديسمبر 2020

قراءة في قصيدة"من أجلك" للأديبة أحلام بن حورية بقلم الناقدة سهيلة بن حسين حرم حماد

 من صفحة عاشقة الحرف لطيفة الزوالي

ليس عجبا بأن أشارك أو أنقل على صفحتي قصيدة ذاك الشاعر أو تلك الشاعرة، أو نص ذاك الأديب أو تلك الأديبة ، بما أنني على الحرف حارصة ولمزيد إشراقه أنا ساعية.
والآن أحبائي أنقل لكم في اللحظة ذاتها القصيدة الرائعة للشاعرة التونسية الرقيقة أحلام بن حورية مع قراءة نقدية ساحرة لصاحبة القلم الكاشف لكل مكامن الجمال الناقدة التونسية سهيلة حماد .
ما يشدني في قلم سهيلة أنها تنقد بفن وشغف كبيرين . إذ تترك كل ما يشغلها وراءها لتنغمس كليا في دهاليز الحروف . دقيقة الملاحظة والتفحص والتأمل . بكلماتها ترسم لوحة فنية تزيد القصيدة بهاءا وجمالا.
قراءاتها لا تشبه القراءات الأكاديمية الجوفاء والخالية أغلبها من الروح والإحساس.
سهيلة تشعرُ وتحسُ وتلامسُ روح الكاتب ،وتنقب وتصور وتسجل، ثم تحبر لنا أحلى صور النقد و الشبيهة بقطع موسيقية حالمة تريح الأعصاب والروح.
حافظي سهيلة على جميع قراءاتك . أنا متأكدة أنها إضافة كبرى في عالم النقد.
***************************************************************************************************************************************************
قراءة في
قصيدة"من أجلك" في عددها 166 بتاريخ 16 أفريل 2019 .. للشاعرة أحلام بن حورية وقد نشرت بالصحيفة الورقية "الشارع المغاربي" الأسبوع الفارط...
* من أجلكِ *
ها وردتي!
مُدّي يديكِ وَارْقصي
إيّاكِ أن تَدَعِي خُيوطَ االحلم تنقطع
إياك أن تسقطي....
أخاديدُ كَفّي غائرةٌ
سَواقي الغَرْسِ بالعَرَقِ
أحلامُك
بالمناطيد سابحةٌ
رُؤاكِ بفأسي أنقشها
مدى الأيام والرّمَقِ
كَفِّي مطارٌ للعُلا
وبَوْحُ الرّوح للشَّفَقِ
ها نجمتي..!
هذي يدي ممدودةٌ
موصولةٌ بالأنجمِ
عُدّي أمانيكِ.. وابدئي!
اِفرحي!
انطلقي!
بِالأوّل دُمية سمراءُ في لون الترابْ
بالثاني مدرسةٌ وعلمٌ وكتابْ
بالثالث فارسُ الأحلام ينتظرُ
صغيرتي!
طيري ولا ترجعي
لن أُطْبِقَ على كَفِّي أصابعي
أخاف أن يهرُب الفرحُ
مطارُ الحلم.. أبوابُهُ مفتوحةٌ
مركباته حالمة بلا وجعِ
حتّى إذا أتى الأجل
لا تجزعي
ها ابنتي!:
هاكِ جناح العزّ والفخرِ
طيري ولا تنسيْ
أنّ أحلامَكِ في أضلعي..
بقلمي: أحلام بن حورية
🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺
العتبات :
العنوان : * من أجلكِ *
الاستهلال :
(ها وردتي!
مُدّي يديكِ وَارْقصي
إيّاكِ أن تَدَعِي خُيوطَ الحُلْمِ تنقطعُ
إيّاكِ أن تسقطي..)
المخاطب وردت(ي) سبقت بحرف ال (ها) عوض حرف النداء (يا )
المتكلم أنا أي الشاعرة .
جاء الاستهلال في شكل دعوة إلى الرّقص...إلى الفعل...وتوصية وردة بأن تحكم القبض على خيوط الحلم، وأن تحرص على أن لاتجعلها تنقطع، و تنفلت حتى لا تسقط، وكأني بالخيط حبل مسد .. أو ربما هو ذالك الخيط الذي يلجأ إليه الجنّان، أو البستانيّ، ليرفع أغصان الورد ليثبتها على جدار سور الحديقة لكي يساعد الورود على البروز، لإبداء جمالها في شموخ وكبرياء لتماهي النخيل وتحاكي السماء والقمر في عليائهما ....
الوردة من تكون يا ترى ؟؟؟؟
أهي حقا المعنية والمخاطبة ؟ أم هي المشبهة بها ؟.
القفلة
(ها ابنتي!:
هاك جناح العز والفخر
طيري ولا تنسيْ
إن أحلامك في أضلعي....)
بالقفلة انزاح الغموض وانجلى في من تكون الوردة ؟...
"الوردة" هي ابنة "الأنا" .
إذا أم تورّث ابنتها العز والفخر، لتحلق وتطير وترفرف، دون أن تحمل همّ مداراة حلمها، عن الحساد و الأعداء، حتى لا يسرقونه، فهي تذكرها، بأنه في صندوق عميق، لا تطاله الأيادي العابثة، هو صندوق أجوف إسمه أضلعها وعبرت عنه ( بأضلعي ) وذيلته بتشظ بثلاث نقاط ...
نلاحظ أن النداء تواصل باستعمال حرف الهاء، مع تغير توصيف المنادى الابنة، التي تشبهها مرة بالنّجمة، فتدعوها ( ها نجمتي ..!) و تذيلها بتشظ ونقطة تعجب ... ومرة أخرى بالصغيرة، وتذيلها بنقطة تعجب، نعجب لسبب وجودها ...وكأني بها تراها أكبر من ذلك، فكأن كل الأسماء والأوصاف المجازية، التي انتقتها وشبهتها بها لا تكفيها، لذلك ظلت تبحث عن إسم يعبر عنها ويليق بمقامها، بالرغم من أنها تشابيه حسنة، ولكن التشظي يوحي أنها غير راضية فهي (الابنة )* عند أمها ، أغلى وأثمن من ذلك بكثير ...لذلك نراها في المقطع الأخير، تعرف تلك المشبَّهة بالوردة والنجوم، وتكشفها لنا فتناديها ها "ابنتي" وتكون بذلك أصّلت صلتها بها ، ولم ترفقها بتشظ كما فعلت في السابق ... وكأنني بها رضيت عن هاته الصفة التي رأتها خير توصيف وخير كلمة وخير خيط رابط لعلاقة حميمية تربط أم بابنتها،
صفة حاملة لحبل سريّ أقوى من حبل المسد ، باق في قطعه بالرغم عن انفصاله عن الجسد، منذ الولادة، حبل روحي أبدي سرمدي يصلها بحلم بحبل موصول بالانفصال متصل لاينقطع . الحلم غير منقطع ....تظل تحتفظ به الأم وتعمل من أجله باليد والساعد حتى تنحفر أخاديد غائرة على كفها غير عابئة بالتعب والهرم لسقي سواقي غرس الحلم والأحلام بالعرق ....
(أخاديدُ كَفّي غائرةٌ
سَواقي الغَرْسِ بالعَرَقِ)
تقول لها :
(أحلامُك
بالمناطيد سابحةٌ
رُؤاكِ بفأسي أنقشها
مدى الأيام والرّمَقِ
كَفِّي مطارٌ للعُلا
وبَوْحُ الرّوح للشَّفَقِ)
أحلام باتت مطارا شاهقا يماهي الشفق اعتلت ظهر المناطيد السابحة نقوش بفأس أم كادحة على مدى الأيام إلى الرّمق الأخير من عمرها إلى حدّ ظهور الشّفق قبل المغرب ،قبل أفول شمس عمر إلى الأبد .....
بعد أن رشقتها في السّماء نجمة عادت تناديها :
(ها نجمتي..!
هذي يدي ممدودةٌ
موصولةٌ بالأنجمِ
عُدّي أمانيكِ.. وابدئي!
اِفرحي!
انطلقي!t
بِالأوّل دُمية سمراءُ في لون الترابْ
بالثاني مدرسةٌ وعلمٌ وكتابْ
بالثالث فارسُ الأحلام ينتظرُ)
مكنتها من كل أمانيها، ونقلتها إليها بعد أن أمنت لها طريقها، وعبدته، لتحررها من تبعية، قد تعيقها،في المستقبل، مكّنها من هويتها، دمية سمراء،عمّدتها ، وثبتتها بالانتساب إلى تراب القارة السّمراء، كما مكنتها من حرّية تقرير المصير، لحسن اختيار الشريك، بعد أن سلّحتها بالعلم والعمل والكتاب...
وبالرغم من أنها قادرة على القيادة، بمفردها، وذات كفاءة، إلا أنها لا زالت تراها صغيرة، في عينيها مهما كبرت، ومع ذلك، لن تضيق عليها الخناق، ولن تكبلها لتسعد بالحرية و بالحرير وتنعم بمكتسبااتها وخبراتها التي ورثتها من أمها ، لتحرس فرحها بمفردها على أبواب الحلم المشرعة، الحالمة بدون وجع ....
(صغيرتي!
طيري ولا ترجعي
لن أُطْبِقَ على كَفِّي أصابعي
أخاف أن يهرُب الفرحُ
مطارُ الحلم.. أبوابُهُ مفتوحةٌ
مركباته حالمة بلا وجعِ
حتّى إذا أتى الأجل)
إذا هو وعي وإدراك، بضرورة تمرير آليات الحكم، إلى الأبناء، قبل انقضاء الآجال، والتواري تحت التراب، حتى يتعلموا المسؤولية، و لا يعبثوا بالتراث، ويفرطوا فيه، بالبيع بأبخس الأثمان و حتى لا يتطاولوا، على الرّموز ، بالهدم والسّخرية، وعدم الاكتراث، فيبددوا بذلك حلم الآباء ، في وصال الأرحام وإكمال ما بدأه الأجداد والمحافظة على الأمجاد ، حتى لا تهزم الأوطان، وتتبخر أحلام أمة بالأوهام . إذا التغييرُ، فكر وفلسفة، وعمل راديكالي، استراتيجي، مسبوق بتأمل مع وعي، و إدراك و الاستبصار والاستشراف، لا بالتمني وبزيف رفع شعارات وأهية بالمنابر،في المواسم والأعياد، يرفعونها من أعلى المنابر، لتسقط وتنهار حال انتهاء الجلسة ،وإغلاق أبواب المكان، في ذات الزمان .....
لا تجزعي
ها ابنتي!:
هاكِ جناح العزّ والفخرِ
طيري ولا تنسيْ
أنّ أحلامَكِ في أضلعي
الأسلوب:
قصيدة جاءت في لغة بسيطة كلماتها بليغة معانيها ...
حماسية.....ذات إيقاع .....
الهدف والغاية:
هي رسالة إلى الأولياء لمساعدة أبنائهم على التحليق والطيران . والعمل على عدم قصقصة أجنحتهم بالحرص المبالغ فيه الذي يؤدي حتما إلى الإعاقة والتبعية، ليتحملوا المسؤولية في حياتهم وتحت إشرافهم لمساعدتهم والتدخل عند الإقتضاء باللتقويم والإصلاح لاكتساب الخبرة و التجربة والاعتبار ....
وهي رسالة أيضا لأهل الذكر من رجالات علم ودين و سياسة وإدارة
وغيرها ...
هي مشعل سلمته أم لابنة من أجل الحياة ....
سهيلة بن حسين حرم حماد
سوسة: 20/04/2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق