الأحد، 11 أبريل 2021

عندما ينبت الزغب قراءة نفسية بقلم / محمد البنا في نص ( تحرش ) للأديبة / أمل المنشاوي

 عندما ينبت الزغب

قراءة نفسية
بقلم / محمد البنا
في نص ( تحرش )
للأديبة / أمل المنشاوي
................................
النص
______
تحرش
*********
صنعت لي أختي الكبرى دمية من الصوف؛ فانطلقت بها فرحة إلى صديقتي الثرية لأريها أن لدي ألعابًا مثل التي عندها. التقاني بابتسامته المعتادة، وصعد بي إلى الغرفة المهملة أعلى سطح بيتهم مُعبّأً جيوبه كعادته بألوان شتى من الحلوى؛ كنت أتلذذ بمذاقها وأنا بين ذراعيه، وهو يتلذذ بشهدي كما كان يقول.
اعتدت أن أقضي اليوم كله ألعب مع أخته، بينما تساعد أمي أمه في شئون البيت نظير مبلغ من المال.
نلعب ببراءة الأطفال بينما يراقبنا هو من بعيد بعيون صقر، ومع الوقت ..ما كنت أطلب اللعب وإنما .. أدمنت الحلوى.
أخبرني ذات يوم أنه راحلٌ في اليوم التالي، وسوف يحضر لي دمية جميلة مثل دمى أخته غالية الثمن، نظير مزيدًا من الشهد وكذلك الحلوى.
عندما عاد .. كانت الدمية تسير على قدمين متأبطة ذراعه والناس من حوله يهنئون. اختبأت في غرفتي أيامًا لا افهم ماذا يحدث ولكن حزنًا أصابني.
انتبهت على يد صغيرة تربت على كتفي وتقول :
_ صفية .. هيا لنلعب، فقد أحضر لي أخي دمية جديدة، انظري .. إنها ترقص وتغني وتقول ماما وبابا
صمتتْ قليلا ثم قالت لائمة نفسها :
أعلم انك غاضبة لأنني انشغلت عنك بأخي وعروسه، وتركتك تحلمين بالدمية الجديدة وتنتظرين أن نلعب بها معا.. ولكني ها أنا قد أتيت
شعور كئيب يجتاحني، ابتسمت بخجل وأمسكت الدمية بتردد
كانت دميتها فاتنة.. لكني الآن أتوق لحلوى.
#أمل_منشاوي ٢٨ مارس ٢٠٢١
..................
القراءة
.........
عندما يكون الفارق بين حلوى وحلوى، منطقة رمادية تمكنت القاصة من ابرازها ببراعة، وبين براءة الطفولة وانماء الشبق، مسافة زمنية قطعتها بطلة النص بتمهل، وبسيطرة اللاوعي غير المدرك لمغبة الأمور، ففي التعود إدمان، وكلاهما - الشبق وطعم الحلوى- لهما مذاقهما اللذيذ والممتع، وكلاهما شهوتان لهما بريقهما الأخّاذ، وإدمانهما الذي لا يسلم منه هاو أو مجرب، أو حتى ممارس بالصدفة، فما بالكم والمكافئ ها هنا صقر!
صقر تخصصه صيد الحمام، وذئبٌ بشري يتقن انتهاز الفرصة تلو الفرصة.
مبرر بسيط يتناسب مع طفولة بريئة قدمته الكاتبة كمدخل لأقصوصتها، ألا وهو الدمى، وحب الاطفال - خاصة الاناث- لها، ومهدت لعمق الفكرة بمبررات موجبة ومؤدية حتمًا لما بعدها عن قناعة ومنطقية، كما ورد في النص مبرري الفقر والغفلة.
والطفلة طفلة نمت مبكرًا، وتخطت سنها بعدما أيقظ ذئب مكامن شهوتها الغريزية، فالطفلة أنثى صغيرة استغل ذكر شهوة حبها للحلوى فى انماء متعمد لشهوة أخرى لم يئن طرحها بعد، لكنه سعى بخساسة وأنانية لريّها وبسخاء، فنمت قبل موعدها، كطرح فاكهة في غير موسمها.
ولعله من المناسب هنا أن أذكر عدة أمثلة تحققت في علم النفس على مدى قرون سابقة، فالقاتل لأول مرة يعتاد القتل، بل ويمضي فيتلذذ به، وكذلك المغتصب، وكذلك المُغتَصبة إن تكرر اغتصابها اعتادته بل وتدمنه أيضًا، ولا تجد شهوتها طريقها إلى النور إلا به.
وها هى بطلة النص تنحو نفس المنحى، ففي جملتها الأخيرة (..تتوق لحلوى ) ..أي حلوى ومن أي واهب لها أو مستغل او شبق..إنه الآدمان.
نحن أمام نص يعرض مشكلة اجتماعية معاصرة بجرأة وحيادية مطلقة دون أدنى تدخل للكاتب في مجرياته بالرأي أو النصح أو اقتراح حلول، فهذا ليس مهمة المبدع، فمهمته الأولى والأخيرة هى القاء الضوء لينير المشهد المظلم، لتتولى الجهات المتخصصة على كافة المستويات دورها المنوطة به.
..........................
محمد البنا..٢٨ مارس ٢٠٢١


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق