الثلاثاء، 13 أبريل 2021

المفردة اللغوية ..وجمال التوظيف في قصيدة الدكتور علي الطائي اذا هدرت على ساق بقلم الاديب حميد شغيدل الشمري

 قراءة

....
المفردة اللغوية ..وجمال التوظيف في قصيدة الدكتور علي الطائي اذا هدرت
اسم القصيدة اذا هدرت على ساق
موضوع القصيدة غزل
عدد ابياتها سبعة عشر
البحر مجزوء الوافر
.....
من خلال الاطلاع على السير الشخصية للعديد من الادباء واعلام اللغة والباحثين تجد ان هناك عامل مشترك يربط كل المفردات والكلمة الرصينة والبناء الجمالي للنص بانواعه ان كان نثرا او شعرا او قصة
لقد كان الادباء يوزنون العبارات الادبية بميزان التبر ويتبارون في تاطيرها باطار الابداع ان هذا العامل المشترك جعل هؤلاء الادباء يجدّون ويجتهدون ويتنافسون ويسهروا الليالي ويبحثوا في امهات الكتب من اجل كلمة جميلة وان يعرضوا على المتلقي جمال وروعة اللغة العربية التي تمتد الى افاق لم تبلغها اي لغة اخرى وابحث يوميا في العديد من النصوص لاجل ان اجد مبتغاي.
وقد اطلعت على قصيدة جميلة من مجزوء الوافر للشاعر الدكتور علي الطائي وهو شاعر بابلي محدث استخدم مفردة لغوية واحدة في سبعة ابيات من قصيدة لا تتجاوز سبعة عشر بيتا وكل مفردة تختلف بمعناها عن الاخرى وهذا يدل على الوعي الكامل للشاعر بلغته وقدرته الفائقة في توظيف الكلمة .رغم انه طبيب اي خارج اختصاصه.وما يزيد النص جمالا استخدامه لقافية ذات موسيقى عالية تهز المتلقي وكانها اختصت بالغزل.
ان في العربية جناس كثير ولكن من يستطيع ان يوظف هذا الجناس في عصرنا الذي دخلت عليه الكثير من المؤشرات السلبية ووصل الجهل باللغة الى أخطء لفظ المفردة القرآنية ومن خلال قراءتي هذه اردت ان اركز على موضوع واحد فقط في القصيدة هو المحسنات اللغوية ولا سيما الجناس. احث اخواني الادباء على البحث والتنوع واتحافنا بجمال لغتنا ومدى اتساعها واتساع معانيها.
لننظر البيت التالي من القصيدة وهو المطلع:-
(اذا هدرت على ساق
تلف الساق بالساق)
ثم يقول:-
(هدرت العمرفي صغري
فشاب الخمر والساقي)
هنا اختلف المعنى في هدرت كذلك في الساق
لتعطينا جمالية وروعة..تشعرك بتناغم جميل ثم يردف:-
(وذا هدر يعاتبني
ويدفع بي لاحراقي)
قفزت هنا المفردة مرة اخرى وبمعنى مختلف جدا عن المعاني السابقة الهدر هنا الجاهل ثم
(هدير القلب من عتب ينازعني باعماقي)
ثم
(كطفل راغ في هدر
باعياء واهراق)
وهكذا وظف كل ما اراد بصورة جمالية رائعة..
اذن التعمق في معاني الكلمات يمنح النص جمالا وبهاء وليس الاعتماد على الذاكرة اتمنى من الكل ان لايدعوا الرفوف مغبرة وان يتبحروا في اللغة من اجل الابداع والجمال اللغوي والحفاظ على الصور البهية
النصوص كثيرة والابداع يملا الكون ولكن المحافظة عليه اصعب من مناله.
دعوة من القلب للجميع بان يغوصوا في مكنونات لغتنا العربية..ولاترككم مع النص
الذي امتاز بالموسيقى العالية والشفافة والبساطة التي منحته صورا جميلة
بوركت شاعرنا.
النص
إذَا هَدَرَتْ على ساقِ
(بحر مجزوء الوافر)
إذَا هَدَرَتْ على ساقِ
تُلَفُّ السّاقُ بالسّاقِ
كأنَّ الوُرْقَ مزمارٌ
يُناديني بأشواقي
حَمَامُ الأَيْكِ أشجَاني
وَصُفرٌ تلكَ أوراقي
هَدَرتُ العُمرَ في صِغَري
فشابَ الخَمرُ والسّاقي
حَملتُ الآهَ أعوَامًا
وملَّ الدَّمعُ أحداقي
تُواسيني عَلى هَمِّي
وَهَمِّي لازِمٌ باقِ
فذا هَدَرٌ يعاتبني
وَيدفعُ بي لإحْرَاق
كلامُ العَذلِ أرَّقَني
يُزاحِمُني بآفاقي
دَعوني دَمعَتي حَيْرَى
سَلُوا جَفْني وآمَاقي
هَديرُ القلبِ مِن عَتَبٍ
يُنازعُني بأعماقي
مآسي الُحبِّ تُغرقُنا،
فهل تَسعَى لإغراقي؟
كَفانا نأمَلُ الذِّكرى
وما أمَلٌ لإعتاقي
كَطِفلٍ راغَ في هَدَرٍ
بإعياءٍ وإرهاقِ
فَعُدنا دونَ تَحصيلٍ بمَخسَرَةٍ وإخفاقِ
طَمَحنَا بعدَ مَنآنا
نُمَنِّي النفسَ بالباقي
تُحالُ الأرضُ هَادِرَةً
بفَيضِ الماءِ دفّاقِ
فيُغني العِشبُ صحراءً
بذي غَدَقٍ ورَقراقِ
تُنازِعُني لكَ العُتبَى
وفيكَ تلوذُ أرماقي
Peut être une image de 1 personne, position assise et intérieur

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق