موسوعة اعلام التركمان في الشعر العربي للدكتور فاروق كوبرولو
الدكتور اوميد كوبرولو
بعد سقوط النظام البعثي في العراق عام 2003 ، وتحديدا في الثالث من أبريل وبداية حرية الطباعة والنشر ، اقدم الادباء والكتاب إلى الاسراع في التأليف ونشر مؤلفاتهم وزيادة رصيد دواوينهم وكتبهم المطبوعة، وحتى دون الإهتمام بنوعية نتاجاتهم . ولكن مؤلف كتابنا ( موسوعة إعلام التركمان في الشعر العربي ) الأديب والشاعر والكاتب الموسوعي التركماني الدكتور فاروق كوبرولو رغم رصيده المطبوع الذي تجاوز 60 كتاب في مجال الشعر والادب والبحث والترجمة باللغتين العربية والتركية، انه طراز خاص من المؤلفين والناشرين، حيث يستغرق تاليف كتاب عنده احيانا أشهر طويلة وسنوات. فعلى سبيل المثال فموسوعته هذه التي بين أيدينا اخذت خمس سنوات من عمر كاتبنا القدير. نعم فاروق كوبرولو طراز خاص من المؤلفين يقضي اكثر أوقاته في القراءة والكتابة وسد نواقص المكتبات من الكتب المهمة كماصدر لطلبة الدراسات العليا والباحثين. فإعداد موسوعة تاريخية مهمة في فترة 900 عام ليس من السهل وخصوصا لمؤلف يهمه منشوره الذي يحمل أسمه، فالدكتور كوبرولو لايعد كتاب من دواوين وكتب جاهزة يحصل منها على سيرة الشعراء واشعارهم ومنشوراتهم وينقلها الى كتب يحمل أسمه ولا يستغرق إعداد هذه الكتب سوى اسابيع قليلة. فالدكتور كوبرولو يجمع المعلومات عن شخصية شعرائه وكتابه من مصادر موثوقة عديدة ويكتبتها بإسلوبه الخاص ويحلل شخصية كل شاعر وكاتب وبعدها نوعية اشعارهم وكتاباتهم والمدارس الأدبية التي ينتمون إلية وصورهم وادواتهم الشعريةويدرج في نهاية إصداراته المصادر والصحف والمجلات التي أعتمد عليها وكماورد في كل إصدار من إصداراته.
في إهداء موسوعته هذه يقول الدكتور فاروق كوبرولو:
إلى كل قلم:
عشق البيان العربي
وحظى بجمال حروفه
عشق قديم
نهج به كل قوم
دخلوا الإسلام
والتركمان جزء عظيم
كتبوا بالعربية
وأحبوها
وعشقوها
وهذا العمل
بعض من ذلك
العشق
يعضده المكتوب
والتاريخ
وشهادات اخر.
وفي مقدمة الكتاب يؤكد الدكتور كوبرولو على أنه امضى في تأليف موسوعته سنوات يجمع مواده وأخباره واشعاره، ولقائاته مع الشعراء ، وتصانيف تصبت في هذا الإتجاه، وقد توافرت عنده المصادر وازدادت المراجع، ثم اللقاء مع اعلام تركمان كتبوا بالعربية، والحصول على التصانيف التي صنعوها، وكان الأمر صعبا وجهدا عضليا وفكريا ألا إن إرادة وإيمان المؤلف صنعا منه فارسا يمتطي صهوة العمل بلا كلل.
أما في تقديم الاستاذ الدكتور عدنان امين فيقول: الدكتور فاروق كوبرولو اول من دشن المكتبة التركمانية والعراقية بكتاب جمع الشعر التركماني في المهجر (الشعر التركماني في المهجر ) وإذا كانت ( الرابطة القلمية لشعراء المهجر من العرب في أمريكا الشمالية) او ( الرابطة الأندلسية لشعراء المهجر من العرب في امريكا الجنوبية ) وقد خلتا الرابطتان من الشعر النسوي. فقد تأرخ الدكتور كوبرولو المسألة حتى أخذنا نقرأ عن الشعر النسوي التركماني في المهجر، وهذا الكتاب وحده يستحق تكريما خاصا ودرعا يميز الدكتور كوبرولو الاديب الذي لم تنضب معارفه، فهو يدخل عامه السبعين بما يربو على خمسين كتابا اطال الله في عمره وزاد علما وبركة.
بعد جهد الخمس سنوات التي اكمل فيها كوبرولو موسوعته الراقية هذه، توصل إلى إضافة شعراء إلى قائمة الشعراء التركمان الذين كتبوا بالعربية عاشوا قبل الشاعر التركماني الكبير نسيمي البغدادي (1339م - 1417م) وفضولي البغدادي ( 1494م - 1556م ) ، أمثال ابو علي الأربيللي(؟ - 1179 م ), البحراني الأربيللي( ؟ - 1189 م)، صلاح الدين الأربيللي(؟ - 1234 م ) ، حسام الدين الحاجري الأربيللي(؟ - 1235م)، أبن قره طاي الاربيللي( ؟ - 1237 م)، كمال الدين الأربيللي( ؟ - 1241م )، المجد النشامي الاربيللي( ؟ - 1258م )، ومحمد يوسف التلعفري( 1197م - 1277م ).
ولم ينسى الدكتور في درج الشاعرين اسعد النائب والشيخ عبدالرحمن الخالصي من القرن السابع عشر، والشعراء محمد مهري الكركوكلي، سالم ملا سليمان، محمد صادق من القرن الثامن عشر في موسوعته والإشارة إلى شاعريتهم واشعارهم بالعربية ايضا. أما اعلام التركمان الذين اشتهروا في الشعر العربي القرن الماضي فالدكتور الشاعر مصطفى جواد على راس هذه القائمة ويليه كل من موسى زكي مصطفى، الدكتور صفاء خلوصي، عبدالوهاب البياتي، إسماعيل سرت توركمن، وحيدالدين بهاء الدين، الدكتور سنان سعيد، قحطان الهرمزي، الدكتور عبداللطيف بندر اوغلو، علي شكر البياتي، عبدالعزيز سمين البياتي، الدكتور محمد مردان، خيري عبدالله البياتي، كمال ملا خليل إبراهيم كفريلي، فخري جلال، حسين علي مبارك، حسن كوثر، طالب رؤوف الونداوي، الدكتور عبدالوهاب الدافوقي، إسماعيل إبراهيم، حمزة حمامجي، رمزية مياس، الدكتور ياسين يحيى اوغلو، شيرزاد طاهر بابا، آيدان النقيب، فاضل حلاق، كنعان شاكر عويز آغالي، الدكتور نصرت مردان وآخرون. آما من الجيل الجديد فدرج الدكتور فاروق كوبرولو في موسوعته إعلام التركمان في الشعر العربي اسماء كثيرة من بينها زاهد جهاد البياتي، محمد مهدي بيات، الدكتور فاروق كوبرولو، منور ملا حسون، نوزاد عبدالمجيد، جلال بولات، نورالدين موصللو، هاني صاحب، صباح طوزلو، غانم رشاد الصالحي، قره وهاب، محمد عمر حمزه لي، قاسم آق بايراق، فوزي اكرم ترزي، نرمين طاهر بابا، صدى صفاء خلوصي، أوميد كوبرولو، بصيره تسينلي، سمير كهية اوغلو، ايسر عبدالوهاب البياتي، ايهان اورنقاي، متين عبدالله، كلزار عبدالعزيز بياتلي وآخرون. خلاصة الكلام موسوعة الدكتور فاروق كوبرولو هذه، كتاب يضم في دفتيه 161 شاعرا وشاعرة يمثلون جميع مناطق توركمن إيلي من مدن واقضية ونواحي وقرى، كتبوا الشعر باللغة العربية وابدعوا فيه رغم لغتهم الام وبيئتهم التركمانية التي نشئوا فيها.
واعتمد الدكتور كوبرولو في إعداد موسوعة اعلام التركمان في الشعر العربي هذه على مصادر تاريخية مهمة من كتب نادرة، ووثائق تاريخية مهمة وصحف ومجلات مشهورة منها:
أربيل في شعر القرنين السادس والسابع للهجرة / الدكتور حسام داود خضر الاربيللي/ 2011 بغداد.
الشعر التركماني في المهجر/ دراسة وترجمة/ الدكتور فاروق كوبرولو/ 2016 كركوك.
مطلع الاعتقاد والقصائد العربية للشاعر فضولي البغدادي/ الدكتور عبداللطيف بندر اوغلو/ 1994بغداد.
شعراء كركوك/ عطا ترزي باشي المجلد الأول والثاني والثالث/ 2012 إسطنبول.
أدباء العراق المعاصرون/ خليل إبراهيم عبداللطيف/ 1992 النجف.
وجوه تركمانية في رحاب الصحافة والثقافة/ وحيدالدين بهاء الدين/2008 بغداد.
شعراء التركمان المعاصرون/دار الشؤون الثقافية العامة/1987 بغداد.
إمراة من لهب/ديوان شعري/ نرمين طاهر بابا/ 2016 كركوك.
عصافير الجنة/ مجموعة شعرية/ فوزي اكرم ترزي/1999 بغداد.
أسفار العزلة/ مجموعة شعرية/منال الشيخ/ القاهرة 2008.
اما المجلات والدوريات التي اعتمد عليها الدكتور فاروق كوبرولو كمصادر ومراجع في إعداد موسوعته فهي مجلة الاخاء البغدادية، الرأي العربي، الفنار التربوية، عشتار النمساوية، الكاتب التركماني، الوطن(يورد)، صوت الاتحاد، توركمن إيلي، الينبوع(بنار)، إيشيق، كركوك، جريدة العراق، الشرق الاوسط، صوت إتحاد الأدباء الدولي، صحيفة المثقف.
نماذج من شعراء واشعار الموسوعة:
١. نسيمي البغدادي : هو من خلفاء فضل الحرفي، اول شاعر تركماني اختار الشهادة في محراب القصيدة العقائدية(مقطوع اللسان ومسلوخ الجلد وهو في التاسعة والأربعين من عمره واختار الموت بعز ولم يختر الذل والاستسلام وهو ينشد على صليب الموت بلا هلع او تردد. يقول نسيمي في إحدى عزلياته:
حشاك تنساني وتنكر صحبتي
وهواك في ديني ووجهك قبلتي
انت العليم بان حبك قاتلي
ما حاجة أشكو إليك قضيتي
هذا ومالي زلة أعلم بها
الا هواك ولم أثب عن زلتي
اسقيني من كأس حبك شربة
يفني الزمان ولم افق من سكرتي
٢. فضولي البغدادي: هو الشاعر الذي استحوذت شهرته وشاعريته على عهدين متتاليتين من تاريخ العراق وهما العهد الصفوي والعثماني. لقب امارة الشعر وشيخ الشعراء، وعاش بين بغداد والحلة ودرس العربية على يد أستاذه الذي كان عالما بارعا في العربية وكان والده يشغل منصب مفتي الحلة. ويقول الشاعر في إحدى غزلياته:
كنفت جواد الاختفا مخافة
لعلى ينجيني مظاهرة الحمى
وخفيت عن العذال في كهف عزلتي
هديت إلى الحصن الحصين من العدى
إهانة عذل العاذلين مصيبة
بشرط وجود الاعتبار على الفني
خلعت لباس الاعتبار لانه
مهتك استار السلامة في الملى
لذيد على قلبي مرارة محنتي
كنشوة ضهباء الصباية في الصبا
سلوك طريق العقل زاد تخيري.
٣. الشيخ عبدالرحمن الخالصي: ترعرع في احضان الشيوخ واعتاب التكايا والذكر والاوراد لذا تفوح من قصائده الحب الإلهي والعشق الباطني وقاموسه الشعري يكمن فيه مفردات الطبيعة والحب والهوى والشكوى والمديح والوصف والغزل والمحبة الخالصة وفي إحدى قصائده يقول:
يا غزال الحي يا ظبي اللوا
هجر عينكم حشايقد تسول
عاذل العشاق جهلا بالهوى
لو علمت ما الهوى رمت الهوى
يا جوادا بالوصال جد لقى
ذاب جسمي من لظى نار الجدى
خالصا كما خاطرت درر عشق
يقبل عند الأطباء الدوا
شواني الحب في نار الفراق
وما ادري متى يوم التلاق
جرى في العين دم الاشتياق
سليمي منذ حلت بالعراق
الاقي في هواها مالاقي.
٤. الدكتور مصطفى جواد: هو عالم لغوي مرهف وشاعر وباحث ثبت وصاحب رسالة في الحياة وهو من المهتمين بالمعاني اكثر من اهتمامه بالألفاظ. ترعرع في أجواء دينية يفوح فيها عبق الشعر والتراث والتاريخ والحضارة والعشق الإلهي وآل بيت الرسول(ص) في قصيدة له في رثاء الحسين(ع)، يقول:
جل المصاب آل محمد
فاذر الدموع بيومه المجدد
وابك الكرام الزائرين عن العلي
والدين بالقول الكريم وباليد
نكر الزمان مصابهم فاعاده
تاريخ عز للسمو مؤيد
فالحق لا ينسه سالف عهده
والذل لا يبقيه سوط المعتدى
ما حرر الإسلام الا سادة
اضحى بخا الإسلام مرهب اليد.
وفي نهاية المطاف اود ان اقول بأنني مهما كتبت في حق هذه الموسوعة التاريخية الفريدة من نوعه بأنني لا اوفي حق اديبنا وكاتبنا وباحثنا المبدع الدكتور فاروق كوبرولو الذي سهر الليالي من سنوات عمره في إعداد هذا المنجز الكبير والذي سيكون المرجع والمصدر الرئيسي عند الكتابة عن الشعراء التركمان الذي كتبوا ولا يزال البعض منهم يكتبوا اشعارهم باللغة العربية. فهينا له التهاني لتفوقه ونجاحه الباهر وتميزه الماسي.
الدكتور أوميد كوبرولو
مدير مركز توركمن شاني للإعلام والأبحاث
فنلندا

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق