نقد على النقد:
" المجموعة الشعرية والمسكوت عنه"
(ازدواجية المعنى)
ناقدة النقد :جليلة المازني (تونس)
=================================
الناقد : الدكتور رياض خليف (تونس)
عنوان النقد: "الفضاء الأمومي في مجموعة طقوس للياسمين"
المجموعة الشعرية :" طقوس للياسمين... وللماء والتراب "
الشاعرة :منية العبيدي (تونس)
1- قراءة الناقد التونسي د. رياض خليف للمجموعة الشعرية "طقوس للياسمين.. وللماء والتراب":
لقد وردت قراءة الناقد التونسي د. رياض خليف للمجموعة الشعرية "طقوس للياسمين ...وللماء والتراب" للشاعرة التونسية منية العبيدي في صحيفة القدس العربي بتاريخ 16/ سبتمبر2020 ونشرها المبدع الاستاذ عمر دغرير بالركن اليومي مطالعات على صفحته بالفايسبوك.
وقد ورد بهذه القراءة النقدية للمجموعة الشعرية " طقوس للياسمين.. وللماء والتراب" ما يلي:
- الفضاء الأمومي منبع من منابع التخييل الشعري(فالشعر يمتص الذاكرة ويعود للمكان الأول مكان مسقط الرأس.."
- الاستشهاد بدراسة ريجيس بلاشير حول اهتمامه بجمالية الفضاء الأمومي.
- دلالة العنوان (طقوس/ والماء والتراب).
- الفضاء الأمومي من خلال:
*ذاكرة البيت.
* الجغرافيا والتاريخ
* الفضاء الاجتماعي
وفي هذا الاطار فان الناقد د. رياض خليف قد سلط الضوء على الفضاء الأمومي في المجموعة الشعرية "طقوس للياسمين ...وللماء والتراب".
وهذا يشي بانتصار الناقد للأنوثة على حساب الذكورة بالمجموعة الشعرية
وهذا جميل .
- الحيادية في النقد.
- الاستدلال والتدليل.
بيد ان القراءة النقدية للناقد د. رياض خليف لم تنبش في المسكوت عنه وازدواجية المعنى بالمجموعة الشعرية :
2- النقد على النقد "المسكوت عنه بالمجموعة الشعرية وازدواجية المعنى":
أ- على مستوى الشكل:
*حبذا لو اهتم الناقد بقراءة صورة الغلاف التي لم تخترها الشاعرة منية العبيدي اعتباطا: الالوان/ زهرة الياسمين التي جعلها الفنان التشكيلي جزءا من أحرف كلمة الياسمين/ الأصابع التي تتظافر جهودها للمسك بشيء ما...
ان الاهتمام بقراءة صورة الغلاف كان مسكوتا عنها في قراءة الناقد.
* حبذا لو اهتم الناقد برمزية الياسمين بالعنوان لعله يربطها برمزية الماء والتراب.
تقول منية العبيدي بموقع مكتبة نور بتاريخ 26/ افريل/2020
" الشعر هو الحياة بالنسبة اليّ .هو الياسمين الذي يزهر في كل الفصول . كتاب "طقوس للياسمين.. وللماء والتراب".
حسب تعريفها فان الشعر يتماهى مع الياسمين الذي يزهر في كل الفصول بما يرمز ببياضه من نقاوة وطهارة .
وبالتالي فالشعر له طقوس هي حياتها التي تتنفسها تماما كما هي لأرضها ووطنها طقوس معينة.
* تغافل الناقد على تلك الفجوة النصية اوالفراغ النصي (الثلاث نقاط) التي تفصل بين طرفي العنوان:" طقوس للياسمين.. وللماء والتراب".
فالفجوة النصية لم تتركها الشاعرة اعتباطا فهي صمت بالعنوان تركته الشاعرة للمتلقي لتثير تساؤلاته:
- أي طقوس للياسمين؟
- ما رمزية الياسمين بالعنوان؟
أي طقوس للماء والتراب؟
- ما العلاقة بين طقوس الياسمين وطقوس الماء والتراب؟
كل هذه التساؤلات قد تكون تركتها الشاعرة عمدا من خلال تلك الفجوة النصية لتثير فضول القارئ ودهشته أمام نسبية التأويل لكل قارئ وهي تستجيب لنظرية التلقي الحديثة للناقدين الالمانيين " ياوس وأيزر". وهي نظرية تركز على علاقة القارئ بالنص.
ب- على مستوى المضمون:
- حبذا لو تحدث الناقد وقد وضع عنوان قراءته النقدية "الفضاء الأمومي" عن رمزية الأنوثة التي ترتبط بالجسد والطبيعة الأمومية التي تشكل مساحة حميمية وملاذا للشعر مما يجعلها محورا أساسيا في المجموعة الشعرية.
إن الناقد د. رياض خليف قد وضع عنوانا لقراءته النقدية (الفضاء الأمومي) دون أن يتساءل عن المسكوت عنه في المجموعة الشعرية ويمثل ثنائية الفضاء الأمومي والفضاء الأبوي فيها.
ان هذه الثنائية المتضادة (الفضاء الأمومي /الفضاء الابوي) هي ثنائية حتمية تقتضي الحديث عنها.
كيف في جغرافية وتاريخية المكان(الكاف) يمكن تغييب الفضاء الأبوي سواء برمزيته السلبية أو الايجابية.
لقد استشهد الناقد عن معاناة العمال من خلال المجموعة الشعرية قائلاعنهم :
وسواعد ممشوقة سمر تشتهي الخبز
وتحترف الصمت والمعول.
كان بإمكان الناقد هنا أن يشير الى الفضاء الأبوي الموسوم بالكدح الى جانب الفضاء الأمومي الموسوم ايضا بالكدح عند التدليل قائلا:
فثلج الكاف لا يرحم
وفي الوادي أصابع النسوة ترتجف
بين حبات زيتونه الأسود
ونار خافتة بين أشجاره
وذكرى دفء فناجين الشاي
وبالتالي فان الاستدلاليْن المذكورين من طرف الناقد يَشِيَان بأن الشاعرة تزاوج بين الفضاء الأمومي والفضاء الأبوي .
ولعل صورة الغلاف تدعم ثنائية الرجل والمرأة بتلك الأصابع المزدوجة التي تتظافر للمسك بشيء ما.
وبالتالي قد يكون السكوت عن الفضاء الأبوي متعمّدا من طرف الشاعرة لتتركه لتأويل القارئ.
بيد أن بعض النقاد يرى ان "الفضاء الأبوي في شعر منية العبيدي يتناول موضوعا مسكوتا عنه أحيانا حيث يعاد النظر فيه من منظور نسوي يعارض الهيمنة الأبوية مثل الحماية, في حين ينظر للفضاء الأبوي السلبي كرمز للقمع وتتمكن منية العبيدي من التعبير عن هذه الازدواجية في الفضاء الابوي:
- الفضاء الأبوي السلبي :يمثل رمزا للسلطة الذكورية والقمع ويتجسد في مواضيع مختلفة من المجموعة الشعرية لكونه يمثل سلطة تسلطية تعارض تمثلات الأنوثة.
- الفضاء الأبوي الايجابي في المقابل يتم تقديم الفضاء الأبوي كرمز للحماية والامان والسلطة الأبوية الايجابية في بعض الأحيان مما يبرّر ازدواجية المعنى في تمثيل الأبوة في شعر منية العبيدي.
وفي هذا الاطار يرى بعض النقاد ان الشاعرة تعتمد" تقنيات شعرية متنوعة للتعبير عن المواضيع المرتبطة بالفضاء الأبوي مثل الرمزية ،واللغة السردية لتقديم رؤية نسوية متكاملة.
وخلاصة القول لعل الناقد د. رياض خليف بإمكانية اعتماد المزاوجة بين الفضاء الأمومي والفضاء الأبوي وهوإنصاف للمجموعة الشعرية قد يرتقي بقراءته النقدية من مجرد فضاء أمومي الى فضاء انساني متكامل يشمل الذكروالأنثى/ الأم والأب/ المرأة والرجل.
سلم القلمان إبدعا ونقدا (الشاعرة منية العبيدي/ الناقد د.رياض خليف).
شكرا للناشر المبدع عمر دغرير الذي منحني بهكذا نشر ممارسة النقد على النقد.
بتاريخ :01/12/2025

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق