الجمعة، 7 نوفمبر 2025

قراءة نقدية:" القصيدة والحب العبادة" التفريغ النصي: الحب الروحي الصوفي" القصيدة :"زكاة الجمال" الشاعرة :آمال بوحرب (تونس) الناقدة :جليلة المازني (تونس)

 قراءة نقدية:" القصيدة والحب العبادة"

التفريغ النصي: الحب الروحي الصوفي"

القصيدة :"زكاة الجمال"

الشاعرة :آمال بوحرب (تونس)

الناقدة :جليلة المازني (تونس)


1- المقدمة:


في زمن تفشى فيه ادمان الرجل على عشق جسد المرأة واختلطت فيه الشهوة بالحب بات الحب متقلبا والرجل يميل مع رياح الجنوب ورياح الشمال فيحب هذه ثم يعرض عنها وفق نزواته وشهواته.


وفي هذا الاطار فان مضمون الشعر منذ الشاعر الروماني أوفيد وعمر بن أبي ربيعة وبشار بن برد الى نزار قباني هو مغامرات جنسية فهو شعر يتغنّى بجسد المرأة والاشتهاء الحسي  لا الحب وعواطف القلب والحب الروحي للمرأة الانسان...انها نظرة دونية للمرأة.


وفي هذا السياق يقول الكاتب الفرنسي "ستندال" في كتابه "في الحب":


"لا يوجد الحب الحقيقي الا في خيمة العربي البدوي...اختفى الحب في فرنسا والغرب".


ولعل الكاتب الفرنسي ستندال يلمّح الى الحبّ العذري الذي انتشر في بادية العرب.


من هذا المنطلق تطالعنا الشاعرة آمال بوحرب لترتقي بالحب من الجسدي الى الروحي ليصبح عبادة.


2- تجليات الحب العبادة بالقصيدة:


ان الشاعرة آمال بوحرب باستخدام ضمير المتكلم المفرد(سجدتُ/ طفتُ/ ما وجدتُ/ اختلطت عندي/ وما نهضتُ..) تقمصت دور الحبيب الذي ارتقى بحبه الى درجة العبادة والتي لخصها نزار قباني في قوله (1):


حبك يا عميقة العينين تطرف ..تصوّف ..عبادة//


 حبك مثل الموت والولادة صعب بان يعاد مرتين//


في هذا الاطار ماذا تقول شاعرتنا آمل بوحرب على لسان الحبيب؟


سجدتُ في محراب عينيكِ


وطفتُ حول ثغركِ الباسم


فما وجدت الاك صلاة


ان الشاعرة باستخدام معجمية دينية منذ العنوان(زكاة/ سجدت/ طفت / صلاة/ قيام.. ) قد طبعت الحب بطابع العبادة وذكرت من أركان العبادة الزكاة والصلاة والحج.


ولئن كانت فريضتا الزكاة والحج على المستطيع ففريضة الصلاة  عمود الدين


وبالتالي فمن استطاع ان يجعل للجمال زكاة وان يحجّ اليه فالصلاة هي قوام العبادة  لهذا الجمال.


وفي هذا الاطار لعلّ الشاعرة آمال بوحرب تتقاطع في قصيدتها مع قصيدة الشابي" صلوات في هيكل الحب"(2) فيقول:


يا ابنة النور انني أنا وحدي//  من رأى فيك روعة المعبود


أنت قدْسي ومعبدي وصباحي//  وربيعي ونشوتي وخلودي


فدعيني أعيش في ظلك العذب// وفي قرب حسنك المشهود


عيشة الناسك البتول يناجي الربّ// في نشوة الذهول الشديد


ان حب الشابي في هذا الاطار تصوّف وعبادة .


وفي هذا السياق تقول الشاعرة:


فما وجدت الاك صلاة


اختلطت عندي فيها الفرائض والسنن


قيامها شوق وسجودها وجد


وقد سجدت لك الف عام من حنين


وما نهضت بعد من سجودي


ان الشاعرة  باسم الحبيب قد جعلته يسخّر قيامه في الصلاة شوقا وسجوده وجْدا وتتماهى الفرائض مع السنن.


واكثر من ذلك فقد جعلتْ من سجود هذا الحبيب سجود حنين  يتجاوز وجوده في الحياة (وقد سجدت لك الف عام من حنين) ليضفي عليه سمة الخلود(وما نهضت بعد من سجودي).


ان الحب الذي تنتظره الشاعرة من الحبيب ليس حبّا جسديا عابرا يفنى ويندثر باندثار جمال الجسد..


انه الحبّ الروحي  باعتباره عبادة والعبادة روحانيات والحب الحقيقي والحب الخالد والباقي الى ان يفنى الوجود.


والحب الحقيقي هو "عشق الروح للروح  حب الروح للروح يبقى ويدوم طاهرا


وخالدا لا يفنى ولا يتغير مهما تتغير النفوس و الأجساد.. حب يدوم ولا يغيره الوقت و لا الظروف ولا السنوات , حب لا يموت  ولا تقتله المسافات ..هو اكتمال النفس ورضى الذات ..من تحب ليس نصفك الآخر هو أنت كلك في مكان آخر.." (3)


ان الشاعرة بحبها الروحي ترتقي بقصيدتها الى الحب العبادة والحب الصوفي الذي قال فيه جلال الدين الرومي:


وما الروح بلا حب الا// شبح باهت مدفون في بدن


سلم قلم الشاعرة آمال بوحرب هذا القلم المسكون بالحب الروحي الصوفي الخالد.


بتاريخ :04/ 11 2025


المراجع:


(1) نزار قباني- الديوان


(2) ابوالقاسم الشابي- قصيدة "صلوات في هيكل الحب"


(3) الحب الحقيقي هو عشق الروح للروح..22/07/ 2024


القصيدة (آمال بوحرب).


زكاة الجمال :


سجدتُ في محرابِ عينيكِ


وطُفتُ حولَ ثغركِ الباسم


فما وجدتُ إلّاكِ صلاةً


اختلطت عندي فيها الفرائضُ والسننُ،


قيامُها شوقٌ، وسجودُها وجدٌ


وقد سجدتُ لكِ ألفَ عامٍ من حنينٍ


وما نهضتُ بعدُ من سجودي


دآمال بوحرب



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق