عنوان القراءة: الرمز والتناص في خدمة القصيد: للناقدة التونسية سهيلة حماد
قصيدة؛ الريح... الريح... للشاعرة اللبنانية زينب الحسيني
«««•»»»
"الريح... الريح..."
قصيدة بقلم : زينب الحسيني_لبنان 🇱🇧
ترجمة : حامد حبيب _مصر 🇪🇬
؟—----؟—---؟—---؟—---؟
مالي أنفر من أناملي وتنفر منِّي...
أفكاري, أوراقي, أحلامي هوجاءَ تلاطمني.... أسائل الريح كيف تشتتوا؟ وكيف ضاعت بهمِ السُّبلُ...؟ أحياءً تجمَّدوا! وابتلع الشر الجائعُ للدَّم ِ,ما تبقَّى من ظلالٍ واجفةٍ وعيون راجفةٍ في محاجرهم... الرِّيح تعربدْ, ذئابها تتصارع بعضها يركعْ... الريح تكنِّس أحلامهم تبدِّد ضحكات أطفالهم في مواسم الزَّيتون والزَّعترْ الرِّيحُ ...الريحْ... تبدِّد صرَخاتِ الأمهاتْ واشتعالَ الأرواح بالرجاء
والصَّلواتْ
والحرائق لا تزال تستعر...
...
عرافة المدينة تحكي عن كوكب كان...
وما زلت أسائل الغبار المبعثر في تجاعيد المكان،
هل من طوق آخر للنجاة...؟
إحذروا...
---
"The Wind… The Wind…"
Why do I flee from my fingers and they alienate from me…?
My thoughts, my papers, my dreams clash wildly within me…
I ask the wind: how did they scatter?
And how did the paths vanish for them…?
Alive, "Alive, they froze.!
And the hungry evil for blood devoured
what remained
Of trembling shadows and quivering eyes in their sockets…
The wind rages, its wolves fight
Some kneel…
The wind sweeps away their dreams
And disperses the laughter of their children in the olive and thyme seasons…
The wind… the wind
The wind scattered the cries of the mothers.
And the burning of souls with hope
And prayers…
And the fires still rage…
The city’s soothsayer speaks of a planet that once was…
And I still question the scattered dust in the wrinkles of this place,
Is there another lifeline for salvation…?
Beware…
_____________________
Zainab Al-Husseiny / Lebanon
Translated by: Hamed Habib-Egypt
--------------------
1/2
قصيدة تترجم حالة الحزن والضياع التي هزت مشاعر الذات المتكلمة، جراء الحرب التي عاشتها. تصف الشاعرة مخلفات الحرب الأدبية والمادية على الذوات البشرية والأمكنة التي طالها الخراب والخواء. وقد استطاعت الشاعرة أن تستحوذ على شعور قارئها، وتجعله يتخيل حجم أثر الألم الذي تمربه الشاعرة الآن لحظة الكتابة، وكل من عايش هول هذه الحرب الضروس التي جاءت على الأخضر واليابس، فأزهقت أرواحًا بريئة، وجمدت أشباه أحياء من هول الطامة الكبرى. وذلك بواسطة الصور الشعرية التي ابتكرتها الشاعرة لتصور فظاعة الألم والخسارة.
مستلهمة من القرآن، مفردتا (واجفة) و(راجفة) ذاتا أثر قوي على المتلقي في تصوير حالة الذعر والفزع التي بدى عليها من لم تطلهم يد الغدر. صورت الشاعرة الأحياء وقد تجمدوا "أحياء تجمدوا"، وهي إشارة إلى أنهم أحياء أمواتا. المشهد بدا كمشهد القيامة، وحال الناس كتلك الحالة التي وصفها الله في سورة النازعات، حيث يقول الله تعالى: { يوم تَرۡجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ تتبعها الرادفة} الأية 7 {قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ}. الآية 8. آيتان تصوران حالة القلوب عند قيام الساعة.
تستهل الشاعرة قصيدها بوصف حالة التشتت والتأزم التي تشعر بها لحظة الكتابة، فكأن المعاني فقدت معناها، ولم تعد الشاعرة ربان سفينة أدوات التعبير لديها. حيث فقدت سيطرتها على أفكارها، وبالتالي لم يعد لديها شيئًا تسكبه على الورق، ودخلت بذلك في صراع مع أمواج أحلامها الهوجاء المزمجرة تصفعها وتلاطمها لتتبدد. وكأن الأحلام تحمل شاعرتنا مسؤولية عدم إيصالها إلى مرفأ الأمان لتتحقق. ترتبك الشاعرة، تلجأ إلى الريح تسأله وتحمله مسؤولية ما جرى، فتدرك أنها القيامة. فالريح ريح صرصر زلزلت كيان الأنفس والأمكنة.
من الصور الشعرية القوية التي تخلخل الوجدان ويقف على أثرها شعر بدن القارئ، تلك الصور التي وصفت بها الشاعرة شراسة العدو وشراسة آلياته المدمرة. وقد لخصتها في لفظ الريح، مثل "الريح تعربد" و"ذئابها تتصارع" و"الريح تكنس أحلامهم". هذا الوصف الدقيق والمفصل يصف كيف فعل الدمار وأثره على النفوس البائسة اليائسة التي كنست أحلامهم كما تكنس النفايات.
يسأل السائل: لماذا اختارت الشاعرة لفظ الريح ولم تستخدم لفظ رياح؟ هنا يبرز مدى اطلاعها وتأثرها بالتفسير القرآني واضحًا، لأن لفظ (الرياح) في القرآن عادة ما يقترن بسياقات الرحمة، على غرار الإلقاح والخصوبة والبشارة بالمطر. في حين أن الريح عادة ما يصاحبه العذاب والدمار، من ذلك مثلا قوله تعالى: {ريحاً صرصراً}.
أما السؤال الذي تطرحه الشاعرة في نهاية القصيدة "هل من طوق آخر للنجاة...؟" يؤكد حالة اليأس والبحث عن مخرج للأمل يعيد لها توازنها بحيث تستعيد به ملكة التعبير.
وهكذا نتبين كيف أن الرمز والتناص لعبا دورا خدم جمالية الصورة الشعرية.
أما الترجمة المرافقة للقصيدة، التي قام بها المترجم المصري حامد حبيب، فتبدو أنها ترجمة وفية تتفق مع رؤية الشاعرة، حيث حافظت على روح القصيدة الأصلية، بدليل فرحتها بها ونشرها على صفحتها، بتاريخ 07/11/2025، علها تكون ملهمة للآخرين للمراجعة أو النقد أو ترجمة نصوص شعرية أخرى للشاعرة.
2/2

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق