الثلاثاء، 7 أكتوبر 2025

" الإثارة في التفاصيل : قراءة في مقال نقدي" بقلم الناقدة سهيلة حماد

 " الإثارة في التفاصيل : قراءة في مقال نقدي" بقلم الناقدة سهيلة حماد

========

جنون الذاكرة.. رحلة العمر في مرايا الفن 

بقلم:

د. عمر محفوظ كاتب وناقد 

جاليري ضي – الزمالك، الأحد 5 أكتوبر

في قلب الزمالك، حيث تلتقي الذاكرة بروح الفن، يفتتح الفنان العالمي أحمد الجنايني معرضه الاستعادي الكبير «جنون الذاكرة»، رحلة بصرية تمتدّ بين ألمانيا وبولندا وبغداد ولبنان ومصر، تستعيد محطات عمرٍ من الإبداع والتجريب، وتفتح بابًا جديدًا للتأمل في معنى الفن والإنسان معًا.

الفن حين يجُنّ... يعقل الجمال

يخطر لي أن الذاكرة حين تجنّ، تُبدع أكثر مما تعي. فالفن ليس نظامًا من القواعد بقدر ما هو فوضى من الضوء والحنين، وهذا ما يجعل أعمال أحمد الجنايني أشبه بصفحات من مذكّرات الروح. في كل لوحة ينساب زمن مضى ولم يمضِ، وتطلّ ملامح مدنٍ وأرواحٍ عبرت القارات واحتفظت بظلّها على القماش.

يقدّم الجنايني هنا سيرة بصرية كاملة، تمتزج فيها التجربة الشخصية بالهمّ الإنساني، والذاكرة الفردية بالذاكرة الجمعية. فالمعرض ليس استعادة لماضٍ تشكيلي فحسب، بل هو اعتراف لوني طويل كتبه الفنان بفرشاته بدل قلمه.

اشتباكات بصرية... ومسرح الأرواح

يتميّز المعرض هذا العام بمفهوم جديد أطلق عليه الجنايني «الاشتباكات البصرية»، حيث تتقاطع أعماله مع نصوص أدبية من عوالم متباينة:

• «قصة حب صينية» لسارة السهيل من العراق، في حضور رقيق للشرق البعيد.

• «الحكم للميدان» للشاعر أحمد سراج من مصر، نداءٌ صادق من الميدان إلى اللوحة.

• «خلف الحجب» للروائية اللبنانية مريم هرموش، عالم من الغموض والأنوثة والبحث عن الذات.

• وحكايات صغيرة لهانز كريستيان أندرسون، تعيدنا إلى براءة الطفولة التي لا تزول.

بهذا التكوين، يتحوّل المعرض إلى ملتقى للثقافات واللغات والأحاسيس، كأن الجنايني أراد أن يقول: إن الفن لا وطن له، وإن الجمال حين يُخلق لا يعرف جواز سفر.

ألوان الذاكرة... واعترافات العمر

يُخيل للمتأمل في أعمال الجنايني أنه أمام شرفات تطل على القلب، لا على المنظر.

فهو لا يرسم الأشياء كما تُرى، بل كما تتذكّرها نفسه: المدن التي سكنته، الوجوه التي غابت، والأحلام التي ما زالت تركض في المدى.

في لوحاته شيء من الجنون الجميل الذي ينقذ الفن من الرتابة، ألوان تتخاصم ثم تتصالح، وخطوط تشتبك ثم تتعانق. إنه صراع الضوء والظلّ، والذاكرة والنسيان، والحلم والواقع.

احتفال بالإنسان قبل الفن

ما يميّز معرض «جنون الذاكرة» أنه لا يحتفي بالفنان فحسب، بل يحتفي بالإنسان فينا جميعًا.

هنا تتجاور بغداد وبكين وبيروت والقاهرة، وتتعانق الحكايات في مشهد واحد لا يعرف الحدود.

وما أجمل أن يكون الفن جسرًا بين الشرق والغرب، بين الشعر والرسم، بين الحكاية واللون.

عن الفنان العالمي أحمد الجنايني

الفنان أحمد الجنايني أحد أبرز رموز التشكيل المصري والعربي الحديث، وُلد في مصر وتخرّج في كلية الهندسة، ثم جاب بعروضه الفنية أوروبا والعالم العربي، من ألمانيا وبولندا إلى بغداد وبيروت والقاهرة.

أسس جماعة أتيليه القاهرة للفنانين والكتّاب، وكان له دور رائد في ربط الفن التشكيلي بالأدب والفكر، وإطلاق مشروعات جسّرت الحوار الثقافي بين العرب والأوروبيين.

تميّز الجنايني بأسلوبه الخاص الذي يحوّل الذاكرة إلى خطاب بصري يتجاوز الزمن والمكان، جامعًا بين التجريب الغربي والحسّ الشرقي، بين الحلم والوجع، بين العقل والجنون.

ويأتي معرضه الجديد «جنون الذاكرة» تتويجًا لمسيرة تمتد عقودًا، وسيرة فنية تشهد أن الفن حين يصدق، يصبح حياة أخرى موازية للحياة.

ختامًا...

في «جنون الذاكرة» سنجد العمر وهو يرسم نفسه، والإنسان وهو يستعيد وجوهه القديمة بألوان جديدة.

فهو ليس معرضًا عابرًا، بل وثيقة روحية تُضاف إلى تاريخ الفن المصري والعربي.

فلتكن زيارتكم لـ«جاليري ضي» اليوم زيارة لذاكرتكم أنتم،

ففي لوحات الجنايني، نرى أنفسنا حين ننسى أننا كنّا يومًا نحلم.


=======



العنوان : " الإثارة في التفاصيل : قراءة في مقال نقدي" 


نص  مقال "جنون الذاكرة.. رحلة العمر في مرايا الفن" للناقد الدكتور عمر محفوظ يصف معرض الفنان العالمي أحمد الجنايني "جنون الذاكرة"، حيث يأخذك بشغف العاشق للفن إلى عالم السحر والبيان، لتغوص في معانيه وتفهم كيف تقرأ الأعمال الفنية بعمق وتصل إلى مقصد الفنان. ومن ناحية أخرى، يفسر لك غاية الفنان من وراء كل عمل فني أنجزه، مما يعكس كاريزما وصف التفاصيل الدقيقة والجوانب المختلفة للمعرض.


إن المتأمل في النص يرصد وصفًا دقيقًا للمعرض وللوحات، مما يحفز القارئ على فتح نافذة التخيل لمشاهدة التفاصيل الدقيقة والرموز المستخدمة. كما يلاحظ تحليلًا عميقًا للنص وللفنان، حيث يسلط الضوء على الجوانب المختلفة للمعرض، مثل استخدام الألوان والرموز والذاكرة.


كل هذا الإبداع الممتع بلغنا في لغة بهية ممتعة، تحبب إليك السباحة في عقل المرسل لتتبع ما رصدته عيناه في رحلة مثيرة وشيقة في رحاب رسوم فنان تقاطعت ألوانه وأشكاله مع أعمال أدبية كان قد اختارها ليرسم أغلفتها. وقد سعى كاتب المقال لفك بعض طلاسم المبهم بلغة جميلة، مما جعل القراءة أكثر متعة وإثارة. إن هذا النص يبرز مهارة عالية في كتابة المقال العلمي في الوصف والتحليل، ويمكن أن يستخدم كمثال للتدريس.

الناقدة سهيلة حماد 

 تونس الزهراء: 05/ 10/2025



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق