قراءة نقدية وفقة مقاربة ميتاروائية
الرواية: "سين تريد ولدا"
الروائية : لطيفة الحاج (الإمارات)
الناقدة جليلة المازني (تونس)
القراءة النقدية وفق مقاربة ميتاروائية:
المقدمة:
ان رواية "سين تريد ولدا" للروائية الاماراتية لطيفة الحاج هي رواية تتحدث عن امرأة تقترب من سن الأربعين من عمرها وتتوق بشدة لإنجاب ولد فتقرر الحصول عليه بأي ثمن .
والرواية تطرح قضية الشوق الى الأمومة وصعوبات الارتباطات بعد سنوات من الوحدة وهي تعكس واقع العديد من النساء في المجتمعات العربية.
ان هذه الرواية هي رواية الشخصية بامتياز وقد اختارت الروائية لطيفة الحاج شخصية المرأة "سين" لتجعل الأحداث تدور حولها وهي تحاول إنجاب مولود قبل وصولها لسن اليأس فتجرّب طرقا مختلفة لإيجاد زوج مناسب.
وفي هذا الاطار لا تخلو الرواية من الحديث عن نفسها وعن هاجسها فالذات الروائية تهدم نموذجا وتؤسس لنموذج آخر من المرأة .
وهذا ما يطلق عليه بالميتاروائية التي تجسدت شكلا ومضمونا بالرواية:
1-على مستوى الشكل:(العتبات الميتاروائية):
أ- عتبة العنوان:" سين تريد ولدا"
+اسم المرأة :"سين" لقد أسندت الروائية لهذه المرأة التي تريد ولدا اسما هو في الحقيقة حرف.
وحرف السين في علم الطاقة والأحرف:" يُنظر اليه كحرف متمرد وغامض يمتاز بالشخص الواثق بنفسه المبدع والمحبوب ويتميز بالعفوية والاعتماد على الذات مع حساسية عالية ".
هل هذه الثقة في النفس تجعل لها ارادة قوية في إنجاب ولد ذكر؟
+العنوان مشحون بخطاب الكراهية لجنس الأنثى والذي يتنافى وقوله تعالى"لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء.. يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور..(49)ويجعل من يشاء عقيما "(50) سورة الشورى.
ولعل القارئ هنا يتفاعل مع هذا العنوان ويستحضر الآية الكريمة(8) من سورة التكوير" واذا الموؤودة سئلت باي ذنب قتلت) ليعتبر ان شخصية "سين" لا تخفي عنه عقدتها الموروثة للأنثى.
+صورة الغلاف: تمثل صورة امرأة تدير وجهها للآخر رافعة يديها كأنها تعتذر له عن تمرّدها من خلال تلك الألوان الحارة (الاحمر والاصفر خاصة).
ام اللون الأبيض فقد يوحي بتكفيرها لتطرّفها الفكري.
ب- التصديرات التي أوْرَدَتها الكاتبة :
التصدير ص(3) "ليت الحب ينقذنا من الحياة" نيرودا.
-التصدير ص (4)" إنه يرحل.." يحزّ في نفسها رحيله.
التصدير ص (5)"انما يفتضح العاشق في وقت الرحيل" ابو نواس: تفضح مشاعر العشق.
ص(9) "العشق جميل حين نعيشه مع الآخر وقاتل عندما نفكر فيه وحدنا"
ميادة كيالي: انها رسالة تشي بها الروائية للقارئ.
ص(22) "الأحزان جيوش والفرح قلعة صغيرة" جاسم كلمد.
ص(35)سأصبح أمّا:
هل ستصبح أما تحت مؤسسة الزواج؟
هل ستصبح أما تحت قيمة الحب؟
هل ستصبح أما تحت خارج اطار الزواج؟
ص(36) "الحياة مع الحب مليئة بالأشواك لكن الحياة بدون حب لا ورْد فيها" نيتشه: انها تشي للقارئ بقناعتها بقيمة الحب
2- على مستوى المضمون:
الشعور بالندم على ايقاف الحياة الزوجية بينهما:
("سين" نادمة على قرارها غير المسؤول لالغاء ارتباطها بالزوج).
تقول في ص (5)"باغتني وكأنه كان يحسب الأيام. وفي ذكرى زواجنا الثانية خرج من حياتي كما جاء في الاتفاق.. لم تطاوعني أصابعي لأكتب له ردّا وكلماتي ضاعت ,الدموع حجبت رؤيتي والشاشة لم تعد واضحة.. لماذا ردة الفعل هذه وهذا الشعور الذي ينتابني الآن ,أنا التي لم أدخر جهدا لأبدي له أنني لا أطيق وجوده في منزلي بعد ان حصلت على مرادي.."
اليوم انقطع حبل سعادتي الوهمية حين وصلتني رسالته ولم أتمكن من الرد عليها"ص(8).
حديث النفس السلبي: ص(6): وهو نوع من جلد الذات:
-"أنا التي غضبت عندما أبدى رغبة في التعديل على شروط الاتفاق"
كان شرطي الأخير والأهم هو أن يبقى حتى يأتي الطفل ثم يصبح حرا"
لو لم يأت الطفل هل سأستجديه للبقاء لنحاول من جديد" ؟
يكفي أنه وافق على هذه المسرحية.
استحضار حياة شقيقتها فاطمة السعيدة ص(7)
الخوف من زوج لا يكون داعما ومساندا لها أوخائنا لها مع من هي أصغر منها سنا ص(12). "سين " تخفي عقدة نفسية.
ادخار حنانها لطفلها فقط ص(13)
التطرف في الشوق الى الأمومة الى حد التفكير في خطف أحد الاطفال ص(19) هاتفها المكتض بصور الأطفال ص(19)
التذبذب في المشاعر ص (18) وقد دعمته صورة الغلاف
اعتبار الزواج اتفاقية مجردة من كل المشاعر كأنها اتفاقية شغل او مسرحية عابرة.
وفي هذا الاطار ومن خلال العنوان وصورة الغلاف والتصديرات وبعض المضامين نقف على هاجس الذات الشاعرة. فالروائية لطيفة الحاج تهدم نموذجا للمرأة وتؤسس لنموذج آخر فهي:
تهدم لتؤسس.
تقوّض لتبني.
تنفي لتثبت.
تدحض لتدعم...
ترفض أن تكون المرأة لا تعطي قيمة للآخر(الصورة) .
تدعم أن تكون المرأة أنثى بعشقها وحب الطرف الآخر (التصديرات).
تقوّض نموذجا للزوجة التي تحصر الزواج في الانجاب.(العنوان).
+تبْني نموذجا للزوجة التي تجعل من الزواج سكَنا ايمانا منها بقوله تعالي :
" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة "سورة الروم (21)
تدحض زواجا بدون حب .
تدعم زواجا قائما على الحب.
ترفض التمييز بين الذكر والأنثى.
+تنتصر للأنوثة وتقلب الطاولة على الذكورة .
ترفض البنوة بطرق غير شرعية والأم العازبة ( التفكير في اختطاف طفل/ الخضوع لعملية تلقيح اصطناعي)
تدعم البنوة عن طريق الزواج الشرعي.
+تدعم مؤسسة الزواج التي كادت تندثر في الوقت الحاضر.
والأكثر هو ان هذا الهاجس الذي تتحدث عنه الذات الروائية يزداد دعما حين تكون الكاتبة أنثى وهي تثير المسكوت عنه .
ومن وجهة نظر حقوقية فهي تقاوم واقعا متأزما و تدافع عن هاجس يُقِضُّ مضجعها وهو نموذج امرأة هي:
أنثى بمشاعرها ورومانسيتها
أنثى معتدلة عقلا ووجدانا
أنثى هي انسان بما يتمتع به من قيم انسانية قوامها الحب الذي يبني بيوتا لاعماد لها.
ان الروائية لطيفة الحاج تهدم عقلية وتؤسس لعقلية جديدة تستجيب لحقوق المرأة كإنسان.
لقد أتممت قراءتي النقدية ونبع لعبة المتاروائية في الرواية ومتعة التأويل وعمق المعنى لم ينضب بعْدُ.
سلم قلم الروايئة لطيفة الحاج التي تتوق الى نموذج من المرأة المعتدلة المرأة الانسان.
بتاريخ 19/ 10/2025

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق