الأحد، 21 سبتمبر 2025

رحلة مع شاعر العراق محمد مهدى الجواهرى بقلم: الاديب: شعبان البنا

 .        رحلة مع شاعر العراق

         محمد مهدى الجواهرى

بقلم: الاديب: شعبان البنا

____________________

شاعر تجاوز صيته بلاد العرب جميعا. لشعره فضل على المعاصرين . أما التقليديون فهو قمتهم ؛ كانت ولادته فى مدينة ( النجف الأشرف) وقد أسهم بقلمه فى كل حركات الأستقلال فى العالم العربى . وقد لجأ الحاكمون لمساومته . أغروه بتقديم النيابة له . وكاد يعتريه الضعف أمام شتى الاغراءات لكنه مارس الصمود حتى استيأسوا من  نشترى ضميره. فحشدوا الجوع على أسرته فرحل عن بغداد وقصد القاهرة وعاش فيها مدة . رجع بعدها إلى العراق وعمل فى بعض الصحف كالاستقلال والجهاد .

وفى عام  ١٩٥٦ دعى من قبل الحكومة السورية للأشتراك فى حفل تأبين المالكى ألقى فيه أحدى روائعه.

التقيته عام ١٩٩٠ ..فى مدينة طرابلس الليبية أثناء احتفالات الجماهيرية بثورة الفاتح من سبتمبر .

أثرت عزيزى القارئ ألا. أمن عليك برحلة فى عالم الجوهرى المتراحب حيث يقول فى أحدى قصائده تحت عنوان ( تنويمة الجياع)


نامى جياع الشعب نامى

حرستك ألهة      الطعام

نامى فإن  لم     تشبعى

من يقظة     فمن المنام

نامى على  زبد.  الوعود

يداف  فى   عسل الكلام

نامى    تزرك     عرائس

 الاحلام فى جنح الظلام

فهو يطلب لأبناء قومه النوم والهدوء فى ظل حراسة ألهة الطعام  الذين تقع عليهم مسئولية اطعام أبناء الشعب ويشير إلى أنه ربما يكون الخلاص من ربقة الجوع وعضته فى النوم

الذى لا يأتيهم الا على زبد الأمنيات والوعود المخلوط بعسل وعود السلطة فى بلاده وربما تأتى عرائس الأحلام إلى النائمين بما يشتهون فى اليقظة

يقول الجوهرى

تتنورى  قرص    الرغيف

كدورة      البدر     التمام

وترى    زرائبك   الفساح

مبلطات            بالرخام

نامى   تصحى نعم  نوم

 المرء فى الكرب الجسام

وربما تحمل عرائس الاحلام تلك الأرغفة وهى كالبدر التمام 

وترى الزرائب والخرائب وقد تبلطت بالرخام..وهو يحمد لأبناء قومه نومهم عند حلول الخطب  إلى أن يقول:

نامى وسيرى  فى منامك

ما استطعت   إلى  الأمام

أوصيك    ألا      تطمعى

من مال  ربك فى حطام

أوصيك أن تدعى المباهج

واللذائذ                 للئام

وتعوضى  عن   كل  ذلك

بالسجود           والقيام

لقد نظر الجوهرى ألى حال قومه وما أل إليه من ضياع وهوان واستيئاس من أى أمل فى الخلاص فراح يوصى قومه بالنوم  سيرا إلى الأمام  وأن يقنع بالفتات ويترك مباهج الحياة ولذائذها للئام  من  سدنة العروش  أهل الدنيا 

ويدعوهم أن يتعوضوا عن هذه التنازلات بالسجود والقيام إلى أن يقول:

نامى جياع الشعب نامى

لا تقطعى     رزق الأنام

لا تقطعى  رزق  المتاجر

والمهندس       والمحامى

نامى   تريحى  الحاكمين

من   اشتباك.     والتحام

نامى توق.  بك  الصحافة

من      شكوك.      واتهام

خلى الهمام بفضل نومك

يتقى        شر     الهمام

أنه يطلب من أبناء قومه عدم الكلام والخلود إلى النوم حتى لا تتسبب يقظتهم فى قطع  أرزاق  فئات الشعب  من الطبقة المقهورة  التى تمثل ضمير وطنه وخلاصته .

يقول الجوهرى من قصيدته 

          ( أطبق دجى)

           يخاطب الظلام


أطبق دجى أطبق  ضباب

أطبق جهاما   يا  سحاب

أطبق دخان.  من الضمير

محرقا    أطبق  عذاب

أطبق  دمار. على  حماة

دمارهم    أطبق    تباب

أطبق  جزاء   على   بناة

قبورهم    أطبق   عقاب

أطبق نعيب يجب  صداك

البوم.  أطبق     يا خراب

إلى أن يقول:

أطبق على هذى الكروش

يمطها.  شحم.      كذاب

مستنوقين.      ويزأرون

كأنهم      أسد   غلاب

فى الفقرات السابقة يقوم الجوهرى باستدعاء الظلام ويأمره أن يطبق على هذه الشعوب ويطلب إلى الظلام أن يكون اطباقه فى صورة دخان وسحاب وعذاب  على سدنة العروس  ومن يسيرون فى ركابهم ويطلب إلى الظلام أن يطبق فى صورة نعيب يرجع بوم الوديان صداه فى الخراب الممتد على حكام الأمة المتفرقين والذين لا حول لهم ولا قوة  لأنهم ليسوا إلا أصحاب كروش مطها شحم التراخى والكسل  وهم فى نظره مجموعة من النياق ..

أنه يستنكر تلك الأصوات الصادرة عنهم لأنها أصوات أسود  لا يجمل بها ولا ينطلى عليه أن تنطلق من نياق .

يقول الجوهرى:

يزهوهم. عسل. ويلهيهم

عن      العلياء     صاب

إلى أن يقول :

أطبق دجى   لا ينبلج

صبح  ولا   يخفق شهاب

أطبق دجى حتى يحلق

فى       سماوات  عقاب

غضبان أن.      لم تحم

أعشاشا لها طير غصاب

من لونك  الداجى رياء

وارتياع         وارتياب

يا عصمة   الجانى ويا

سرحا تلوذ   به الذئاب

أطبق دجى حتى تجول

كأنها      خيل     عراب

هذى المعرات   الهجان

لها  لظلمتك.    انتساب

ولعلك عزيزى القارئ  فى حل أن أصف لك كيف أن الجواهرى

وقد بلغ منه الحزن مداه  وهو يرى أبناء قومه وقد تغير حالهم هكذا ..فهم لا يزالون فى هذه الفرقة وهذا الشتات وعدم التئام الرأى . حتى أصبحوا عرضة لكل شامت . ونقابة لكل عازل..

يقول الجوهرى عاتبا على أمته العربية:

أهذى.   رعايا       أمة.    قد تهيئت

لتستقبل   الدنيا   بعزم     المهاجم

أهذا        سواد       يبتغى   لملمة

ونحتاجه فى   المأذق    المتلاحم

من الظلم أنا     نطلب العزم صادقا

من الشعب منقوص القوى والعزائم

وأن ننشد الاخلاص  فى تضحياته

ونحن   تركناه    ضحية   غاشم

إلى أن يقول وقد وصل مقته وغضبه إلى منتهاه وهو يرى بعينيه السواد الأعظم من أبناء شعبه وقد حطمه الفقر والجوع فى حين يمتع فرد واحد فى النعيم.

يقول الجواهرى:

أنت كدح.    ألاف.     تفيض تعاسة

يمتع   فرد        بالنعيم   الملازم

وما أنا     بالهياب    ثورة   طامع

ولكن  جماع      الأمر.   ثورة  ناقم

فما الجوع بالأمر.   اليسير احتماله

ولا الظلم.    بالمرعى الهني.  لظالم

نذيرك   من خلق       أطيل امتهانه

وأن بات فى شكل الضعيف المسالم

بلاد  تردت   فى    مهاو   سحيقة

ونائت    بأحمال   ثقال     قواصم

فالجوهرى لم يدارى ازدراءه وحنقه على هؤلاء الناس الذين يستغلون ويتركونه نهبا للفقر والجوع والمرض تتناهب أحلامه وأيامه.

ويحذر من سكون الشعب ..مؤكدا على أنه السكون الذى يسبق العاصفة.

يقول الجوهرى من قصيدة

                          (. الدم يتكلم  )

قبل أن تبكى.  النجيع   المضاعا

سب  من  جر   هذه  الأوضاعا

سب من شاء أن تموت وأمثالك

هما      وأن     تروحوا ضياعا

سب من شاء أن   تعيش  فلول

حيث أهل البلاد   تقضى جياعا

إلى أن يقول:

جل معى جولة.  تريك احتقار

الشعب والجهل والعراء جماعا

إلى أن يقول: 

قل   لمن سلت  تحت رجليه

وأقطعته    القرى  والضياعا

خبرونى بأن   عيشة قومى

لا تساوى     حذائك  اللماعا

مشت الناس للأمام ارتكاضا

ومشينا إلى  الوراء ارتجاعا

وبعد أعزائنا فى أرجاء وطننا العربى..ما  مضى كان نفثة حارة

وأنة  لاعجة لشاعر أعدته الحركة النقدية العربية المعاصرة أخر الشعراء الكلاسيكيين العظام .

لقد امتلك الجواهرى حسا لا يبارى تجاه قوميته وعروبته وعراقه الغالى فراح يبثه غالى شكاته التى تنم عن عزيز ارتباط الشاعر ببلاده وأوطانه العربية 

وبالرغم من أن للجوهرى شاعر العرب الأكبر  ديوانا  من ثلاثة أجزاء أعيد طبعه خمس مرات إلا أننى أرى أن الحياة الأدبية المصرية 

ولاسيما فى الأقليم لا تعرف الكثير عن هذا الشاعر النجم

الذى مازال يرسل الشعاع  فى بلاد العرب.

.                __________________________

قلم

شعبان محمد البنا

مصر.. البحيرة

كوم حمادة. كفر زيادة



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق